كانت البداية مع اتفاق كامب ديفيد,تحييد اكبر دولة عربية معنية بالقضية الفلسطينية ربما اعادت سيناء الى الحضن لكن الصهاينة ظلوا يرتادونها ويقضون فيها امتع الاوقات,حيث وفرت لهم كافة سبل الراحة والاستجمام (لهو-دعارة) لإرضاء سيد البيت الابيض,وأصبحت ارضا خصبة للتكفيريين,ولم تقو على مجابهتهم رغم تباهيها بخبرة اجهزتها الامنية في مكافحة الارهاب؟! .
الاردن لم تتخلف عن السير في موكب المطبعين,باتفاقية وادي عربة,اعادت بعض الاراضي لكنها ظلت رهينة اتفاقيات مذله,والقدس وإحيائها على مرأى القصر الملكي تئن وترزح تحت جبروت العدو الذي بدا في عملية التهويد, ودول عربية اخرى اقامت علاقات اقتصادية ودبلوماسية في الخفاء,فجاء الربيع العربي(الذي اتضح لاحقا انه لأجل حماية الكيان) ليميط اللثام عنها فتعرت من ورق التوت, وشجعت كيانات قزميه اخرى على التطبيع,ولحقت وللأسف الشديد كبرى منظمات التحرير الفلسطينية(فتح) بالركب باتفاقية اسلو حطت رحالها في رام الله تحرس شعب الرب,نظير بضع (شيكلات) لا تسمن ولا تغني من جوع .
على زمن حكامنا الاوائل,كانت هناك قائمة سوداء توضع بها اسماء الشركات العالمية التي تتعامل مع كيان العدو,فيحرم عليها المشاركة في المشاريع المختلفة ببلداننا العربية,اليوم وبعد ان تم التخلص من اولئك الزعماء انقلبت الاية,شركات عربية تسوق لمنتجات صهيونية,ودول عربية تتسابق لأداء الولاء والطاعة,بتنفيذ ما يصدر الى حكامها من مراسيم وفرمانات من سيّد البيت الابيض,وبالأخص ترامب الذي ابتعد كثيرا عن الدبلوماسية في مخاطبة حكامنا العرب بقوله:”عليكم ان تدفعوا لنا ثمن حمايتنا لكم ولولانا لما بقيتم اسبوعا واحدا في السلطة “.
يدفع العرب ما يطلب منهم وهم صاغرون,يشترون مختلف انواع الاسلحة بكميات هائلة لتشتغل مصانع الغرب وتدور عجلة الانتاج,ويتم توظيف ملايين العاطلين عن العمل,بينما الاسلحة التي تشترى لا تستخدم البته ضد الكيان المحتل,بل تستخدم بين بلداننا نتيجة خلافات تافهة,والضحايا هم شعبنا العربي بمختلف اقطاره,وفي افضل الاحوال ينخرها الصدأ ويتم تخريدها وتجمع في اماكن اشبه بالمقابر,بمعنى اخر دفن مدخرات شعوبنا, فلا يتم الاستفادة منها.
اتفاقية الامارات الاخيرة برعاية ترامب مع الكيان المغتصب لفلسطين بشان وقف الضم وإقامة سلام عادل,حلقة ضمن مسلسل التطبيع الشامل وإقامة افضل العلاقات,باركت الخطوة مصر وبعض الدول العربية التي تقيم علاقات ثنائية مع الكيان المغتصب واعتبرتها جريئة,نعتبرها وبشيء من الدبلوماسية قفزة جد وقحة,ما كان ذلك ليحدث لو كان الشيخ زايد على قيد الحياة, ولكن وللأسف (النار تخلّف الرماد) لتشجيع ما تبقى من دول,بل نجد الكيان الصهيوني يقيم علاقات اقتصادية وسياحية جد ممتازة مع اقليم كردستان العراقي في ظل ضعف الحكومة المركزية في بغداد.
الضم لن يتوقف بل يعلق لفترة محدودة,ومن ثم سيكون القضم وبوتيرة متسرعة,حتى يتم تهويد كامل ارض فلسطين التاريخية ويصبح حل الدولتين من المستحيل,السلام العادل والشامل لن يتحقق,فسيتم ترحيل الفلسطينيين من اراضيهم او يبقوا رعايا لدولة الاحتلال وقد يسمح لهم بالإبقاء على معتقداتهم الدينية وفق شروط معينة,فقد تبقى المساجد والكنائس ولكن دونما رفع للآذان او قرع للأجراس,فيتم هجرها ومن ثم استغلالها كمعالم سياحية كما الاندلس.
الخزي والعار لهكذا حكام يهرولون للتطبيع لأجل المحافظة على اماكنهم التي علقوا بها,تبا لشعوب ارتضت لنفسها الذلة والمهانة.