22 نوفمبر، 2024 1:07 م
Search
Close this search box.

العرب المسلمون والأنعزال عن الركب الحضاري .. أضاءة

العرب المسلمون والأنعزال عن الركب الحضاري .. أضاءة

أستهلال :
شدتني مقولة قالها الراحل ” د . صادق جلال العظم 1934 – 2016 ” م / مفكر سوري علماني – أستاذ فخري بجامعة دمشق في الفلسفة الأوروبية الحديثة ، كان أستاذاً زائراً في قسم دراسات الشرق الأدنى بجامعة برنستون حتى عام 2007 .. ( لقد تم صنع العالم الحديث دون مشاركة العرب أو حتى استشارتهم ، وقد أدخلُوا في نسيج العالم الحديث عنوة وإقحامًا وإلحاقًا . هذه الحقيقة هي مصدر العقدة النفسية الهائلة التي يعاني منها الفكر العربي بالنسبة لمشكلة التقدم ) .
القراءة : سأسرد بعض الأضاءات تأسيسا للمقولة أعلاه ، مع الولوج بموضوعات أخرى ، لأني أرى أنها من ضمن العوامل التي أدت الى عدم أنتماء العرب لعالم اليوم / راجيا عدم الحكم على صواب هذه الأراء ألا لحين الأنتهاء من قراءة البحث : 1 . أعتقد أن العالم الغربي أستطاع أن يتحرر من الكثير من القيود منها مثلا ، سيطرة رجال الدين وفرض الكثير من العقائد الكنسية / التي لا تمت للعقيدة المسيحية بصلة ، منها بالتحديد ” صكوك الغفران ” ، فالأعتراض أو الأحتجاج الذي قدمه مارتن لوثر 1483 – 1546 م ، خلق فيما بعد ثورة دينية أصلاحية ، وأرى أن هذه الثورة حطمت أسطرة الفكر المجتمعي ، وأطلقت فيما بعد الأبداع العقلي الذي كبلته الكنيسة بسلاسل حديدية ، وأرى أن أحتجاج لوثر (( هو دعوة فكرية حيثما أردا البابا ليون العشر إكمال بناء كنيسة ( مار بطرس ) فقام بإرسال الراهب تتزل إلى ألمانيا لتوزيع “ صكوك الغفران” بقصد جمع المال ، وهذا ما اغضب لوثر بشدة وقال ( أن هذا التصرف لا يتفق مع مبادي الدين المسيحين ) ولذلك انتهز فرصة اجتماع الناس على عادتهم في كنيسة ويتنبرج في أو تشرين الثاني ، وعلق على باب الكنيسة احتجاجا طويلا الذي كان يضم 95 مادة ، هاجم صكوك الغفران وأعلن للمجتمع الكنيسي أن الكتاب المقدس هو المرجع الوحيد .. / نقل من موقع أبحاث نت )) هذا الأحتجاج قاد الفكر الغربي ، فيما بعد ، الى فضاءأت واسعة من التحرر ، الأمر الذي أدى الى تفجير طاقات هائلة في مجالات العلوم والتكنولوجيا ، فالتحرر هو بداية كل حضارة ، ولا تبنى أي حضارة على عبودية الفكر ، ولا أقول هنا أن أحتجاج لوثر كان المحرك الرئيسي للنهضة الحديثة ، ولكنه نبه أو أشار لثورات بمجالات أخرى .
2 . نشوء المذهب الوهابي / وتأثيره على الفكر والعقل الجمعي للمسلمين ، لو تغافلنا عن الفرق الزمنى بين مؤسس الوهابية ، محمد بن عبدالوهاب 1703 – 1791 م ، ومارتن لوثر 1483 – 1546 م ، والذي يمتد الى أكثر من قرنين وربع القرن ، فأن محمد بن عبدالوهاب – عالم دين سني حنبلي ، قد أوجد دينا موازيا للأسلام ، وهي الوهابية ( وهي دعوة سلفية ، تعني باختصار الرجوع إلى الإسلام كما أنزل على الرسول ، و فهم الصحابة والتابعون وتابعوهم من أهل القرون المفضلة ، عقيدة و شريعة و سلوكاً .. / نقل بأختصار من موقع صيد الفوائد ) . والوهابية كفرت باقي المذاهب ، ودعت الى الأستتابة أولاً ثم قتلهم ما لم يتوبوا ، وقد جاء بموقع / ويكي شيعة ، بهذا الصدد التالي ( غالباً عند الوهابية تبعاً لأبن تيمية تفسير خاص عن التوحيد والشرك ولذلك يعتقدون أنّ المسلمين أشركوا بعد القرون الأولى بمعنى أنه انتشر ، فيهم زيارة قبور الأنبياء والصالحين وأدخلوا البدع والغلو في دينهم ، فيجب استتابتهم أولاً ثم قتلهم ما لم يتوبوا). بين الدعوتين الدينيتين أعلاه ، بونا شاسعا ، فكرا ومضمونا ونهجا ، فبينما لوثر ، حرر الفكر من القيود الكنسية ، ومن سيطرة رجال الدين ، والتي كانت دعوته أحدى عوامل أنطلاق العنان للفكر الجمعي للأبداع فيما بعد ، وبالعكس من ذلك ، نرى أن المذهب الوهابي ، حطم القيم الحضارية الحداثوية ، ودعا الى التكفير والقتل ، وجعل من العقل والفكر للفرد المسلم ، رهينا بفكر ونهج الدعوة المحمدية ، التي مضى على أنطلاقها 14 قرنا ، فالوهابية دعوة للرجوع للماضي ، دعوة لبناء أسوار تحجب العقل البشري عن الواقع الفعلي ، وعن التحضر بذات الوقت ، ولا يمكن أن يبنى المستقبل بأفكار ماضوية .
3 . وبذات الصدد وفي تواريخ متوافقة بعض الشئ ، مع دعوة محمد بن عبدالوهاب 1703 – 1791 م ، نرى بزوغ الثورة الصناعية في أوربا 1760-1840م ( هي مُصطلح يُستخدم للتَّعبير عن التغيُرات الطارئة على وَسائل الإنتاج في صناعة القطن والآلات وصناعة التَّعدين ، وكانت بداية ظهوره في إنجلترا في منتصف القرن الثّامن عشر ، وفيها تمّ استبدال العمل الآلي بالعمل اليدوي ، ثمّ الانتقال إلى العَمل في المشاغِل والمصانع والعمل في الصناعات الآلية الكبيرة ، وبذلك تكون الآلة قد أعلنت عن بِداية الثورة الصناعية والتسبُّب في إحلالها محلّ يد الإنسان العامِلة .. نقل من موقع / موضوع ) . وهذا الأمر يستحق الوقوف عنده ، فبينما الدعوة الوهابية تكفر وتقتل المخالفين لها ، وتدعو للعودة الماضوية الى زمن محمد بن عبدالله ، نلحظ ان الثورة الصناعية – تنفض أيديها من أزمنة الماضي بكل تخلفه التقني المضاد للحداثوية صناعيا وفنيا وفكريا ، فهي تدعوا الى مكننة الصناعة ، وترك النهج والسبل اليدوية للأنتاج ، والدخول الى مشاريع المصانع والمعامل .

4 . عوامل أخرى جعلت من العرب المسلمين متخلفين عن الركب الحضاري ، وهو رفضهم وتكفيرهم للأخر ، خاصة مفهومي ” أهل الذمة ” ( هو مصطلح فقهي إسلامي يقصد به كلا من النصارى واليهود أهل الكتاب وأصحاب الديانات الأخرى الذين يعيشون تحت الحكم الإسلامي أو في البلاد ذات الأغلبية المسلمة .. ) و” دفع الجزية ” ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون/ 29 سورة التوبة ) ، اللذان ساهما في تصنيف المجتمع ، بين مسلم وذمي ، ومن المؤكد هذا التحقير والأذلال من مكانة ومواطنة الأخرين ، ساهم في عزل المسلمون عن العالم ، وأدى الى أنسحاب الأخرين من يهود ومسيحيين و.. عن خضم المشهد العربي . علما أنه حتى في حقبة ما يسمى الحضارة الأسلامية فأنها كانت ، حضارة لا عربية ولا أسلامية ، ويقول بهذا الصدد البروفيسور أحمد ت . كورو / كاتب وباحث تركي – أستاذ العلوم السياسية بجامعة سان دييغو – USA ، بحوار منشور على الجزيرة نت ( لم تكن الحضارة الإسلامية في حقبتها الذهبية حضارة عربية ولا فارسية ، لقد كانت حضارة استطاعت أن تضم العديد من المجموعات العرقية والدينية ، وقد تميز العصر الذهبي للحضارة الإسلامية بمساهمة المسلمين السنة والشيعة … كما شهد هذا العصر مساهمات من المسيحيين واليهود وغيرهم من غير المسلمين ، بالإضافة إلى الانفتاح على العلوم والتقنيات اليونانية والساسانية والمصرية والهندية والصينية.. ) .

الخاتمة : أضافة لكل ما سبق فالعرب المسلمون ، أنشغلوا بالفتوحات وأحتلال البلدان الأخرى / من زمن رسول الأسلام وما بعد ذلك – الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين .. ، دون أي أهتمام جدي بالتوجهات الأساسية التي تشكل نواة حضارة الامة ، فهم أهتموا بالخراج والغنائم والسبايا والجواري والغلمان والعبيد .. ، كما أنهم أنشغلوا بمسائل عقائدية ومذهبية ، فرقت الأمة ، والأهم من ذلك تطلعهم للحكم والسلطة ، والدليل على ذلك ، أنه لغاية العصر الحديث ، الانقلابات والثورات وحياكة المؤامرات مستمرة / كما يحدث في العراق ، سوريا ، مصر والسودان .. العرب المسلمون بعيدين عن بناة الحضارة ، لأنهم لم يكونوا لا في بدايتها ، ولم يساهموا في تطورها ، فهم مستوردين لها ، غير مشاركين ببنائها ، علما أن الكثير من شيوخ الدين يرومون للرجوع الى زمن محمد والصحابة ، وهذا الأمر هو الذي أبرز الحركات الأرهابية التي تدعوا الى الرجوع لعهد الخلافة / القاعدة وداعش والنصرة … لذلك فهم يعتبرون التحضر الغربي دخيل على العقلية الدينية للمسلمين .. والعرب المسلمون ، منفصمون الشخصية ، يهجرون بلدانهم من أجل رغد العيش في بلدان متحضرة ، وعندما يستوطنون في بلاد الغرب ، يشكلون كيانات أسلامية ، من أجل أسلمة البلدان المتواجدون بها ! . ” ليس من اليسير فهم مسار أفاق العقل العربي !! ، لأنه عقل مشوش ، يعيش في حال ، وقلبه في حال ، وتوجه نواياه في حال أخر ! ” .

أحدث المقالات