ليس غروراً و لا اعجاباً او دعوة الى العنصرية المقيتة بل افتخاراً و اعتزازاً ، فبحسب القراءة السريعة والدقيقة للاحداث واتخاذ المواقف والقرارات الصعبة و الاستراتيجية من لدن القيادة الحكيمة للحركة التحررية الكوردستانية و بالاحرى العائلة البارزانية طيلة القرن الماضي و الى الان من اجل معالجة أوضاع العراق و انقاذه من مرضها المزمن في التفرد بالحكم و السلطة دون أي اعتبار لرأي الشعب العراقي الاعزل او الرجوع اليه لتقرير مصيره ، و بقدر قبول حكومات العراق المتعاقبة بالحلول و المعالجات الكوردية لداءها اقتربت من احقاق الحق و تأمين العيش الرغيد لأبناءه من الجنوب الى الشمال و بعكسه دخل في نفق مظلم ، و كان هو المعمول به الى الان ، الى ان تفرض المعالجة الكوردية نفسها على الواقع وحينها تقرر الحكومات العراقية بفاعليتها و ندمها على عدم الالتزام بها منذ بداية طرحها .
هذه الحلول الكوردستانية نابعة من دراسة عميقة للعقلية التي تحكم العراق و معرفة بواطن الامور و ظواهرها مبنياً على تجربة مُرّة لسنوات طويلة من المطالبة بالحقوق السياسية و الاقتصادية للشعب الكوردستاني .
ان الاخذ بالمعالجات الكوردستانية من قبل الحكومات العراقية للازمات و المشاكل التي تعاني منها خطوة في الاتجاه الصحيح و إن كان متأخراً لانهم شخصّوا الداء و طرحوا الدواء , و لكن التاريخ ترد علينا بالسلب و نكران ما نذهب اليه .
العراق بلد متعدد الاعراق و القوميات و الطوائف لذا فأن الحلول الكوردستانية جعل من التنوع القومي و الطائفي اساساً لها و انطلاقاً منها نحو الاستقرار و النمو و الازدهار .
من الحلول الكوردستانية التي طرحتها قيادة الحركة التحررية منذ بدايات القرن المنصرم هي الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي (الادارة اللامركزية) للكورد و قابلها عدم الاستجابة و الاتهام بالخيانة و العمالة و ان كان التوقيع على اتفاقية 11 اذار 1970 استجابة وقتية للحلول وفي حينها قال (مصطفى البارزاني ..لقد حققنا الحكم الذاتي للكورد ولكن الديمقراطية للعراق لم تحقق) لعدم استجابة الجسم العراقي لمفعول الدواء كانت اتفاقية الجزائر المشؤومة 1975 رداً عليها فدخل العراق في دوامة الحرب مع ايران و الخسائر المالية و البشرية دفعتها الى غزو دولة الكويت و بالتالي الانتفاضة الشعبية و انشاء المنطقة الامنة بقرار دولي الذي جرَّ على العراق حكومة وشعباً الحصار و الويلات .
و في 4/10/1992 قرر برلمان اقليم كوردستان باجماع اعضاءه النظام الفيدرالي اساساً للعلاقة القانونية بين الاقليم والحكومة العراقية (المركزية و بعدها الاتحادية) ايماناً منهم بأنه الحل الامثل و السبيل الوحيد لخروج العراق من ازماته و انقاذ شعبه من الدمار و المعاناة ، و لكن كان رد الحكومة المركزية سحب الادارات و فرض الحصار الاقتصادي و العزل السياسي و الاتهام بالعمالة و الانشقاق و محاولة تكرار سيناريوهات العقد الثماني من القرن الماضي بالابادة الجماعية و استعمال الاسلحة الكيمياوية لولا وجود و اقرار مبدأ التدخل الانساني من قبل المجتمع الدولي لحماية الاقليم بأنشاء منطقة أمنة .
تم اقرار النظام الفدرالي بعد عام 2003 في قانون ادارة الدولة العراقية و دستور عام 2005 كأساس لحكم ديمقراطي مدني تعددي للعراق أي ان الحل الكوردستاني تم العمل به و ان كان متأخراً وسط اتهامات و التشكيك بالنظام الفدرالي بأنه بداية التقسيم و نهاية الدولة العراقية .
ان سوء الخدمات و الفساد الاداري دفعت بالمحافظات الجنوبية الى التظاهر و المطالبة بتحسين الاوضاع المعيشية للمواطن العراقي الذي يأن من ثقل المعاناة و لكنها خرجت من اطارها المعتاد لتطالب باسقاط الحكومة و انشاء الاقاليم الفدرالية و خاصة في البصرة التي تحاول منذ عام 2008 و لكن تم اجهاض محاولاتها من قبل الحكومة العراقية حيث جدد (15) عضواً في مجلس المحافظة الدعوة الى اقامة أقليم فيدرالي لها و دفعت محافظة صلاح الدين الى المطالبة بأقليم فدرالي منذ عام 2013 و لكنها جمدت من قبل الحكومة العراقية و ان كان حقاً دستورياً .
و وفق السياقات القانونية فأن الرجوع الى رأي اهالي اية محافظة بالاستفتاء الشعبي يعد اساساً لأقامة الاقليم بموجب الدستور .
و من هنا فأن المعالجات الكوردستانية للمعضلات العراقية تأتي في محلها مع عدم ايمان حكوة العراق بها لأسباب كثيرة و لكن الزمن كفيل ببيان صحتها و دقتها في التشخيص و ضمان نجاحها اذا ما تم قبولها .
و تستمر القيادة الكوردستانية بطروحاتها الواقعية لمعالجة ازمات العراق المتكررة و المتجددة دون يأس وملل و يقابلها الرد بالنفي و لكنها لا تستغرق طويلاً و تضطر الى العمل به و هكذا دواليك .