كان هناك سيناريو يتردد في العراق قبيل الانتخابات ، مفاده أن القوى التي يطلق عليها بـ ” المقاومة العراقية ” مع تشكيلات فتح وقوى شيعية أخرى ، ربما تلجأ الى خيار ” الإنقلاب العسكري” ، كأحد الاحتمالات التي يجري التخطيط لها في العراق، اذا ما وجدت تلك القوى، أن نتائج الانتخابات المبكرة لم تكن في صالحها ، أو عندما تشعر أن موقعها في السلطة راح يتراجع كثيرا ، وأصبح يواجه مخاطر جدية!!
وتناولي لمحاولات إنقلاب من هذا النوع ربما شجعني على كتابتها ماجرى من إنقلاب نفذه رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في الخرطوم ، فجر الإثنين الخامس والعشرين من تشرين الاول الجاري، وقام بإعتقال رئيس الوزراء حمدوك والوزراء واعضاء البرلمان واعلانه حالة الطواريء وحل البرلمان ومجلس السيادة ، كما الغى العمل بكثير من فقرات الورقة الدستورية ، التي اتفقت عليها القوى السودانية عند تشكيل الحكومة التي نفذ البرهان نفسه انقلابا عليها، في إطار سعيه للهيمنة على مقدرات السودان بدفع أمريكي إسرائيلي ، للانقضاض مرة أخرى على السلطة تحت شعارات براقة ، أن يكون هناك برلمان من الشباب الثوري، واقامة انتخابات في تموز 2023 ، وغيرها من الشعارات البراقة ، لاقامة حكم مدني ، والادعاء بتخليص البلاد من الصراع المحتدم على السلطة في هذا البلد، في وقت القى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان القبض على قادة القوى القوى الوطنية السودانية ووضعهم في السجون والمعتقلات السرية ، تمهيدا لاعادة الدكتاتورية من جديد تحت سيطرته وبتحريض سري من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل!!
وبالعودة الى الأوضاع في العراق، فإنه في ظل تصعيد قوى الفتح وقوى “المقاومة العراقية” فان أجواء قريبة مما جرى في السودان ليست مستبعدة ، كما يبدو، لكنها تحتاج الى وقت أطول ، سواء بعد تشكيل الحكومة المقبلة او في حالة عدم الاتفاق على تشكيلها ، والعمل على إشعال الأوضاع في العراق وتحريض قوى تشرين للقيام بتظاهرات شعبية وبدفع ربما من شخصيات تشرين التي دخلت ضمن احزاب السلطة ، وبدفع من إيران للالتفاف على قوى تشرين وسلب السلطة منهم لاحقا ، إن شاركتهم كراسيها، وإعلان حكومة عراقية جديدة ترفض النظام البرلماني برمته وتقيم حكومة وحدة وطنية أو تحت أية مسميات قريبة، وتنقلب على النظام السياسي برمته لإقامة ” نظام رئاسي” ، وبخاصة ان رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي من الداعمين الأساسيين لفكرة قيام نظام رئاسي تسهل عليهم الإستفراد بالسلطة وممارسة الدكتاتورية تحت إطار الحكم الرئاسي، وهو أمر ليس مستعبدا في كل الأحوال!!
هذه الإحتمالات تعزز فكرة أن القوى التي تدعمها إيران تحاول إعادة إنتاج نفسها ، من خلال إنقلاب عسكري أو مدني ، تحت دعاوى إقامة ” نظام رئاسي” ، لكون ” الأغلبية الشيعية” ستكون هي المستفيدة من أي اقترع مقبل لتنصيب رئيس للجمهورية، ولكي تتخلص من تبعات النظام البرلماني وكتلته الأكبر ، التي يحتدم الخلاف والصراع عليها في كل مرة ، وإن هناك قوى عراقية أخرى تحسب على ” المعارضة” ، قد تتناغم مع تلك الخطوة ، كونها السبيل الأمثل لها لايجاد مواطيء قدم لها في السلطة المقبلة، في ظل النظام الرئاسي الجديد!!