ان احتمالية مرور العراق في ذات النفق اليمني هو احتمال ضعيف في الوقت الراهن , الا ان الساحة العراقية مرشحة وعلى المدى البعيد للمرور في السيناريو اليمني ومن خلال البوابة الشيعية الداخلية . فالبيت الشيعي العراقي يمر حاليا بحالة من الاضطراب السياسي لا يخفته الا التهديد الداعشي الذي يفرض نوعا من الهدوء المؤقت باعتباره عدوا مشتركا .
هناك الكثير من اوجه المقارنه بين الوضع اليمني والوضع العراقي .. فحيدر العبادي (عبد ربه هادي اليمن) الذي يمثل شرعية الدولة يفتفد السيطرة على الوضع السياسي العراقي ويفتقر الى الجيش الذي يمكن من خلاله الحفاظ على هيبة الدولة من تهديدات داعش والمليشيات الشيعية , بينما يقف المالكي ( علي عبدالله صالح اليمن) مترقبا الفرصة المناسبة للانقضاض على السلطة بعدما فقدها في انقلاب سياسي ( ديمقراطي) , يساعده في ذلك علاقاته المتميزة مع المليشيات الشيعية كالعصائب وبدر ( مليشيات الحوثي في اليمن ) التي تمتلك بدورها علاقات ستراتيجية مع ايران .
منذ سقوط نظام صدام حسين كانت ايران تتعامل مع الاحزاب السياسية الشيعية التقليدية من جهة ومع المليشيات الشيعية المسلحة من جهة اخرى وبشكل متوازن دون رجحان كفة طرف على الطرف الاخر . واصبح المالكي بعد تراسه رئاسة الوزراء يمثل حلقة الوصل المتجانسة بين ما هو سياسي وما هو عسكري في تحقيق المصالح الايرانية في العراق .
ورغم نجاح الاحزاب الشيعية في استبعاد المالكي عن رئاسة الوزراء في العراق الا ان دخول داعش كعامل مهدد في العراق , وعدم وجود جيش قوي لصده , دفع بهذه المليشيات الشيعية لان تكون فرس الرهان الوحيد لايران , مما يجعلها مصدر قلق مستقبلي للاحزاب الشيعية المشاركة في العملية السياسية . فمحاولات حيدر العبادي الخجولة لضمها ضمن تشكيلات المؤسسة العسكرية وموقف هذه المليشيات الرافض لذلك , واصرارها على المشاركة في عمليات تحرير المدن من داعش بشكل مستقل عن الجيش , تشير الى ان العلاقة بين الطرفين مرشحة للمزيد من التوتر خاصة باستمرار الدعم الايراني لها .
هذا الوضع يجعل من احتمالية الصراع بين هذه الاطراف مستقبلا احتمالية واردة ولكن بمعطيات تختلف عما حدث في اليمن , فحيدر العبادي يستمد شعبيته من نفس الشارع الذي تحاول المليشيات الشيعية كسبه وهو الشارع الشيعي , ويمتلك علاقات مركبة مع ايران وامريكا , وأي مواجهة مباشرة مع هذه المليشيات ستفقده شعبيته بشكل كامل , مما يصعب عليه الاستنجاد بامريكا او الدول العربية للسيطرة على هذه المليشيات كما فعل عبد ربه في اليمن .
ولكي يستعيد العبادي واحزاب التحالف الوطني الاخرى السيطرة على الاوضاع السياسية بعد طرد داعش , ينبغي عليهم التحرك في خطين .. الاول … الاستمرار في محاولة استيعاب هذه المليشيات ضمن المؤسسة العسكرية , والثاني.. اقصاء الطرف السياسي الداعم لهم في العملية السياسية وهو المالكي , وفي تصوري ان هذا الامر ممكن بدرجه كبيرة خاصة بعد فتح ملف سقوط الموصل والدلائل التي تشير الى تورط المالكي بشخصه في هذه المؤامرة .
الثالث … في حالة عدم انصياع هذه المليشيات لتوجيهات العبادي فيمكن التعامل معها انذاك كمليشيات خارجة عن القانون ودفع التحالف الامريكي الغربي لمحاربتها دون ان تكون لايران قدرة الدفاع عنها او منع محاربتها , مفضلة الحفاظ على حليف ستراتيجي دائمي بدل التضحية به من اجل حليف مسلح مؤقت .
@yahoo.com2005Portalin