يمر العراق اليوم بسلسلة متواصلة من الازمات السياسية بما يشكل تدهوراً خطيراً خصوصاً في ظل الوضع الدولي والاقليمي المتوتر ، ومدى تأثير التغيير السياسي المحتمل في سوريا والذي سيؤثر وينعكس سلباً على الوضع الداخلي العراقي ، وقد يصل الأمر بإهتزاز النظام السياسي والعملية السياسية والمشروع الوطني ككل .
لذلك ومن هذا المنطلق يجب أن يسعى سياسيونا الأفذاذ الى توحيد رؤاهم وأهدافهم للخروج من عنق الزجاجة وتعزيز أواصر الوحدة الوطنية والتفاهمات السابقة بين الشركاء السياسيين ، وتفويت الفرصة عمن يصطاد بالماء الطائفي العكر ، وبمعنى آخر ان الوقت والوضع لايسمح الآن بمثل هذه الصراعات والأزمات والتي يدفع فيها المواطن العراقي الثمن ، لأن أمن العراق وشعبه خط احمر لايمكن تجاوزه ، كما ان تحركات المجاميع الارهابية وتحالف البعث الفاشي معه جعل الاستهداف أكبر وأخطر ، مما سيتيح لهم الدور والفرصة الى العودة الى الساحة السياسية بوجوه وصور أخرى .
ورغم دخول المرجعية الدينية على خط الأزمة وبقوة من خلال رسمها لخارطة طريق الخروج من الأزمة ، ورغم إحترام الجميع للمرجعية ، لكننا نرى أن الأزمة قد بدأت وكأنها خرجت عن سيطرة السياسيين ، لأن التشنج والاصطفاف الطائفي في الشارع العراقي أدى الى عدم اعتدال الخطاب السياسي ما أسهم في تعميق المشاكل وتغليب المصلحة الفئوية على حساب المصالح الوطنية ، كما أن نزول الأزمة للشارع العراقي قد عقّد الأمر كثيراً ، ولن يكون من السهل السيطرة على الإختراقات التي ستحدث هناك .
إن الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو تصحيح الخطاب السياسي الوطني للجميع وتوجيهه بعيداً عن التخندق الطائفي وأحضان الأجندات الإقليمية .
ورغم أن بعض السياسيين قد بدؤا أخيراً بالإلتفات لما يلوح بالأفق من كوارث وويلات في الطريق ، وبدؤا بالإنشقاق على قوائمهم لما لمسوه من أجندات خطيرة فيها ، لكن لم يكن الأمر كافي لأن لازال هناك ذيول تلبس قناع الرؤوس تعمل بكد كبير لتوسيع وتعميق الخلاف .
رغم أني أرى أن الحدود بين المدن والدول ليست بالمقدسة ، ورغم أني علمت من خلال متابعاتي التاريخية ، أن الحدود تتغير حسب حاجات أبناء الدول والمدن ، لكن لازالت أرى أنه يمكن للعراق أن يبقى موحداً إذا توحدت الجهود والتوجهات ، لكن لاسمح الله ، إذا لم يَفْلَح القائمون بالأمر في ذلك ، فلن نجد حلاً سوى تقسيم العراق حقناً لدماء الجميع ، ودرئاً لفتنة إذا إشتعلت لن تذر الأخضر واليابس في طريقها إلّا وأحرقته .
في ظل هذه الصراعات والأزمات المتلاحقة يطرح الجميع تساؤلات طبيعية عن ماذا ينتظرُ العراق ؟
وهل هو مقبلٌ على كارثةٍ سياسية وحربٍ طائفية وعرقية ؟
وهل سيتمُ تقسيم هذا الوطن إلى ثلاث فدراليات ؟
وهل هناك من بين السياسيين حكماء سيتداركون الكارثة ؟
هذا ماستجيب عنه الأيام القريبة القادمة بالعراق .
والله من وراء القصد .