23 ديسمبر، 2024 6:48 ص

العراق وسط تقلبات المنطقة … مصدر ضعف أم قوة !!؟

العراق وسط تقلبات المنطقة … مصدر ضعف أم قوة !!؟

المنطقة عموماً ومنذ أحداث اتفاقية سايكس بيكو رسمت بين القوى العظمى وعلى أساس النفوذ والقوة ، ومرت مئة عام على هذه الاتفاقية ، التي أبقت الدول العربية تحت وطأة الاستعمار مضموناً لا شكلاً ، فالناظر يجد أن الدول العربية ومنها العراق دول مستقلة وتتمتع بدساتير ، ولكن الجوهر نجد انه مستعمر وواقع تحت وطأة دستور كتب في لندن أو باريس أو واشنطن ، الأمر الذي يجعل هذه الدول تعيش تحت رحمة الغرب ، ووفق أوامره وقوانينه ، وهذا الأمر سارت عليه الدول ومنذ عقد الاتفاقية ، ويعيش حكام تلك الدول إلى حد يوم اندلاع الربيع العربي كما سمي عند العرب في حين هو نهاية الاتفاقية لتبدأ مهلة تخطيط جديدة ووفق منطق جديد ، وموقع القوى المتصارعة على الأرض ، وعندما اندلع الربيع العربي ( المفتعل ) والذي تم كذلك بإرادة الدول المسيطرة على تلك المنطقة ، في محاولة لتغيير المشهد السياسي فيها وإعداد مخطط جديد يتسق مع المهلة ، وبدأت حملة الربيع وأسقطت الأصنام واحداً تلو الآخر ، ودخلت الدول التي سقطت أصنامها مدار الصراع السياسي أو الصراع المذهبي ، في حين هدأت الدول التي أريد لها أن تهدا ، لتبقى شعلة الصراع مشتعلة في العراق وسوريا واليمن ، وهذه الدول هي نقطة الصراع القوية وخط التماس بين الدول المتقاتلة على الوجود فيها .
العراق وبعد عام 2003 شكل منطقة صراع للأقطاب المتصارعة في المنطقة ، وكان هدفاً لكل الأطراف ، لهذا بدأت كل الأطراف تعمل على زعزعة الأمن فيه ، من خلال الإرهاب مرة ، أو من خلال إدخال العراق في الصراع الطائفي ، الأمر الذي جعل الأخير يكون ساحة حرب للجميع ، ويشترك فيه الجميع ، من دول الجوار وفي مقدمتها السعودية التي كان لها الدور الأبرز في دعم الجماعات المسلحة وآخرها تنظيم داعش الإرهابي ، وهي بذلك تحاول في جعل القتال يكون مكشوفاً مع إيران .
أن محاولة السعودية إبعاد العراق عن إيران ، هي محاولة ستعود بالضد عليها ، وسترتكب خطأ فادح يكلفها الكثير من الأموال والوقت ، وستعود بعد ذلك لإيجاد طريقة أخرى لهذه العلاقة ، وأما إذا كان هذا الخيار من أولويات السياسة السعودية فهو أمر جيد ، وينم عن انفتاح جديد في السياسة السعودية ، كما أن اعتراف ضمني بالسياسات الماضية ، التي كانت يمارسها النظام السعودي في المنطقة عموماً أو العراق تحديداً ، وهو ما يعطي قوة للاعب العراقي في فرض شروطه لأي تقارب مع دول الخليج ، ويكون طرفاً مهماً في أي تحول قادم في المنطقة ، كما أن عودة السعودية في العراق ، يعني عودة عموم دول الخليج ، الأمر الذي يفسر انه نجاح للعراق وسياساته ، وإجبار على الاعتراف بأهمية العراق ودوره القادم في المنطقة .
كما أن وفي ظل انعدام الثقة بين الطرفين، يبدو الحوار المباشر ضرورياً لتوفير فرص للطرفين لفهم بعضهما البعض بشكل أفضل، ومباشرة تقليل الشكوك المتبادلة بينهما ، ومد جسور الثقة بين الطرفين ، علماً بأن هذا الأمر يسهل قوله ولكن يصعب تنفيذه على أرض الواقع، بيد أن الخروج من هذه الأزمة، يتعين على الدولتين اتخاذ خطوات لاسترضاء بعضهما البعض. أولاً، يمكنهما إنشاء خط ساخن لإدارة الأزمات بين الرياض وطهران، من خلال وزارتي خارجية البلدين، والبدء فوراً بإعداد ورقة عمل مشتركة بين الطرفين ، الأمر الذي يتيح للعراق أن يكون لاعباً قوياً ويمارس دوره المهم في المنطقة ، بل ربما يكون مخطط رسم خارطة المنطقة القادم .