23 ديسمبر، 2024 6:19 ص

العراق وايران ومآلات الزواج القسري

العراق وايران ومآلات الزواج القسري

جرت الامور لدى المجتمع العربي ، اجراء الزواج القسري بين الشباب ( وليس لي علم دقيق بباقي المجتمعات ) وهذا الزواج يتم بعد ان يرفض احد الأطراف ( البنت أو الولد ) أو كلاهما الزواج ببعض،وهنا تتدخل العائلة او العائلتين معا” بالضغط والإجبار على الزواج ، واستنادا”لمعطيات ومصالح هاتين العائلتين .ربما يفضي هذا الزواج فيما بعد إلى حب ووئام وتكوين أسرة وأولاد ، أو إلى كراهية من طرف واحد أو متبادلة ، بين الطرفين ، تفضي إلى مشاكل ربما تقود إلى الطلاق .
العبرة في هذا المثال ، اسيقه لمقاربة العلاقات الدولية بين الدول والتي تبنى على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل . وهنا يتدخل التأريخ كثيرا” ليلقي بظلاله على هذه العلاقات ، فالعلاقات الايجابية بين الدول وشعوبها ، فضلا”عن التقارب التاريخي والروابط الأخرى بينهما تفضي إلى سهولة إقامة هذه العلاقات وتطورها نحو آفاق أرحب ، أما العلاقات المتشنجة ، والكراهية التي تنشاها الاختلافات الفكرية سواء كانت مذهبية اوايديولوجية ، فضلا” عن الإطماع المعلنة والدفينة التي تبديها الدول تجاه بعضها البعض، يعقد المسألة ويجعل من إقامة علاقات طبيعية أمر صعب ، بل يجعلها أمر قسري ، وبالتالي يخسر الطرفين وشعبيهما معا” فرصة التقارب والتعاون في المجالات كافة .
علاقات العراق مع محيطه العربي والإسلامي ، لم تكن جيدة على مدى عقود طويلة ، ولم يشهد في تأريخه المعاصر علاقات متوازنة مع الجميع ، ربما لأسباب عديدة لاتسع المقال لذكرها ،ولكن بعد عام 2003 وتغيير النظام السياسي فيه ، خضعت علاقات العراق مع محيطه إلى استقطاب أحادي أيضا” ، إذ ابتعد العرب عنه ، بينما اقترب الإيرانيين والأتراك أكثر، وهذا التقارب أفضى إلى نشوء كيانات سياسية داخل العراق ، تميل إلى هذا الطرف أو ذاك ، بينما بقي العرب بعيدين جدا” عن العراق وتركوه لمصالح وأطماع بعبيدة عن مصالحه ومصالحهم .
النظر إلى خارطة العراق توضح أن الإقليم العربي يحيط بالعراق بنسبة عالية جدا”تتجاوز الثلثين من حدوده الجغرافية ، بينما تقتصر منافذه الحدودية مع هذا المحيط على منفذ واحد ( الكويت ، السعودية ، الأردن ) أما سوريا فمنفذين وهما معطلان بسبب احتلال داعش لهما ، وهذا يشكل قصور في الوعي العربي لاحتواء العراق واندماجه بالمحيط العربي،إما إيران فليها 7 منافذ حدودية مع العراق ، وهنا يشكل هذا التباين علامة استفهام كبيرة ،أمام صناع القرار العراقي والعربي، حول طبيعة العراق مع محيطه وعدم توازنها .
المملكة العربية السعودية لها حدود مشتركة مع العراق ، وهناك حود مع محافظات الانبار وكربلاء والنجف والمثنى ، وحتى البصرة ، ولكنها تكتفي بمنفذ واحد هو ( عرعر) وهذا أيضا” معطل وغير فعال قبل ذلك ،وهنا ينبغي على هؤلاء العرب أن يفكروا بصورة جيدة وان لايكتفوا الفرجة على العراق ، وان يكون دور السفير السعودي ايجابيا” لتنمية العلاقات بدل انتقاد العراقيين وتعميق أزماتهم ، واقتراح فتح منافذ حدودية مع العراق وموازنة حضورهم العربي، مع الآخرين غير العرب، ودعمه
في حربه مع داعش وتقديم مساعدات عسكرية للجيش العراقي كما فعلوا مع مصر ولبنان ، وسواهما لان مساعدة العراق هي أهم للملكة العربية من سواه وبكافة المقاييس.
الخارجية العراقية وإدارتها قاصرة في ترويج خطاب عراقي وطني وغير متشنج، يفضي إلى استقطاب العرب ، وفرض حالة من التوازن مع كامل محيطه ، وان لأتكون علاقات العراق مع إيران هي بديل عن علاقاته الأخرى ، وكأنه زواج قسري.