في البدء ، نشد على السواعد الوطنية التي تحارب الإرهاب ، ونقول الوطنية حصرا بسبب ما يظهر من وجود ووجوه نراها (اجنبية) ، على فرض انها جاءت للمساعدة وتقديم المشورة العسكرية للقوات العراقية التي مضى على تدريبها داخل وخارج العراق وتجهيزها بأحدث الأسلحة والمعدات عدة سنوات وصرف عليها ما صرف من أموال تعادل ميزانيات دول ، لتحرير المحافظات المحتلة من القوى الإرهابية (الأجنبية – داعش) ، علما بانه في وقت من الأوقات اطلقت الاتهامات جزافا على العراقيين من ابناء تلك المحافظات كونهم مع او حاضنات للإرهاب ، مما جعل الكثير من أبناء تلك المحافظات الى النزوح من محافظاتهم الى إقليم كردستان والى وسط وجنوب العراق ، وهي الطريقة الوحيدة لإثبات براءتهم من تلك الاتهامات والخلاص من مطرقة الاتهامات وسندان داعش ، وقد عانوا مرارة الغربة في بلدهم والتلكؤ في توفير الخدمات لهم من قبل الأجهزة الحكومية المسؤولة بالإضافة لاضطهادهم وعدم استقبالهم في بعض إدارات المحافظات.
ولو رجعنا الى الوراء وتحديدا في النصف الأول من العام الماضي لوجدنا حالات تستحق الوقوف عندها ولا نعرف ماذا نضع عليها ، علامات استفهام ام تعجب ، حيث تم وقتها الدعاية المجانية لتنظيم داعش الإرهابي من قبل وسائل الاعلام الحكومي وبعض القنوات الأخرى ، لما يروجه هذا التنظيم الإرهابي في مواقع التواصل الاجتماعي وما يقوم بنشره من صور ومقاطع فيديو تظهر فيه بشاعة أفعال هذا التنظيم من قتل وتمثيل بجثث الأبرياء ، وكان عرض تلك الدعاية المجانية بطريقة مدروسة من الناحية النفسية ، إضافة الى ظهور بعض المسؤولين على القنوات الفضائية والتشهير بأبناء جلدتهم في تلك المحافظات بشكل عام ، على كونهم حاضنات للإرهاب .
ان ما نعرفه عن الحرب النفسية تكون موجهة للعدو حصرا لإضعاف المعنويات ، وتعرف على انها ” استخدام الدعاية ضد عدو ما مع مساعدة عسكرية أو اقتصادية أو سياسية لاستكمال الدعاية فهي الاستخدام المخطط للتخاطب الذي يهدف إلى التأثير في عقول أو مشاعر فئة معينة من الناس كما أنّها تطبيق أجزاء من علم النفس لتدعيم جهود العمليات السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية. او هو: استخدام وسائل التخاطب الحديث بغرض الوصول إلى الجماهير المستهدفة لكي يتم إقناعهم بقبول معتقدات وأفكار معينة”!! (للكاتب الأمريكي “بول لينبارجر” في كتابه المعروف الحرب النفسية) ، وليس ان تخرج من وسائل اعلام حكومية وتوجه بشكل مباشر لشعبها !!، وهذه واحدة من مخالفات الدستور والتي يحاسب عليه القانون العراقي (القانون حاليا في إجازة اجبارية).
بدأت العمليات العسكرية لتحرير تلك المحافظات ، ونفترض بانها عسكرية اي انها بقيادة عسكرية مشتركة وغرفة عمليات واحدة تظهر الى الشعب ببيانات عسكرية يومية عبر وسائل الاعلام الحكومية وشرح ما يحدث على الأرض ضد العدو الإرهابي ، وهنا يفاجئنا ما عبر عنه رئيس الأركان الامريكية المشتركة ديمبسي امام الكونغرس الامريكي عن قلقه مما ستؤول إليه الأوضاع بعد استرجاع الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي لمدينة تكريت ، وقال ديمبسي ان ” القوات التي تزحف الى تكريت تتكون من 20 ألف مقاتل تدعمهم إيران وتعرف باسم وحدات الحشد الشعبي وثلاثة الاف من الجيش العراقي و مئتين من جهاز مكافحة الارهاب وحوالي الف من عشائر تلك المحافظات”!! .
وهنا لا يسعني الا القول لحكومتنا ، ما الذي يجري؟ ، قوات الحشد الشعبي المشاركة في العمليات العسكرية هي سبعة اضعاف قوات الجيش العراقي !! ، لغرض القيام بواجب تحرير المحافظات من الارهابيين، وتوفير الامن المكفول دستوريا للمواطن العراقي ، والتي تكاد إعلامياً ودعائياً أن تطغى على القوات العسكرية العراقية ، ولماذا المستشارين الايرانيين هم مع الحشد الشعبي ، ولا يظهرون مع قواتنا المسلحة بملابسهم العسكرية الرسمية وفي المؤتمرات الصحفية وبشكل علني ، اذا كان ما يجري على الارض هو بموجب اتفاقية امنية بين دولتين!.
ان شاء الله يتم تحرير المحافظات المحتلة بالقريب العاجل من داعش الارهابي ، ولكن ، هل اننا دخلنا في زواج كاثوليكي مع ايران بدون موافقة امريكية ، ام هو العودة لبيت طاعة الامبراطورية الفارسية كما قالوا وعاصمتها بغداد ، ام هناك سيناريو جديد لثمان سنوات قادمة تزهق فيها ارواح الابرياء وتهدر فيها الاموال؟ .