23 ديسمبر، 2024 10:04 ص

العراق وانفراج أزمة النووي الايراني

العراق وانفراج أزمة النووي الايراني

تسعى إيران عبر امتلاك برنامج نووي عسكري إلى حماية دورها الإقليمي، وتوسيع هذا الدور ليكون لها حضوراً لا يقل وهجاً عن الهالة النووية المعطاة للهند وباكستان، وقد نجحت في الحصول على أسرار التجربة الباكستانية، كما حققت الكثير على صعيد تطوير قدراتها الصاروخية، ولا يزال تألقها على حاله، كونها مخزناً ضخماً للغاز والنفط.. ومع ازدياد الضغوط الامريكية والغربية باتجاه وقف هذا البرنامج ، عمل نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة الدكتور حسين الشهرستاني على تكريس جهوده لانعقاد مؤتمر مجموعة 5 + 1 التي تتعلق بالبرنامج النووي الايراني وفك أزمة هذا الملف عبر اجراء المزيد من الحوارات بين ايران ووكالة الطاقة الذرية ، وسعى الشهرستاني لبذل جهود حثيثة لانعقاد المؤتمر في بغداد العام الماضي ،ما أسفر عن وضع لبنات للتعاون والتنسيق بين المنظمة الدولية وايران بشأن برنامجها النووي..وأبدى استعداد العراق لتقديم المساعدة لإيران بخصوص ملفها النووي السلمي خلال المفاوضات التي ستجري مستقبلا بين إيران ومجموعة 5+1 بخصوص النووي الإيراني فضلا عن بحث الشهرستاني مع وزير خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون الملف النووي الايراني.. ويعد العراق من أهم الدول التي تتمسك بعلاقة طيبة مع الايرانيين وهنا تدرك طهران أن حلاً شاملاً لملفها النووي يقوم على فتح حوار مع العراق للتوسط الى دول الغرب من اجل التفاهم بشأن ملفها.. المؤتمر الذي عقد في بغداد والذي جمع بين الأمريكيين و الإيرانيين والسوريين كان ناجحا بالتأكيد ،كما ان المؤتمر كان فرصة للأمريكيين لمعرفة الطرح الإيراني في الحوار وخاصة في المستقبل القريب وكان لبغداد فضل في ذلك من اجل تجنيب المنطقة حرب عالمية ثالثة يكون العراق المتضرر الاول منها.. وبذلك فأن العراق ساهم بتحسّن العلاقات الدبلوماسية بين الغرب وايران مما دفع بطهران الى إحراز تقدما في قدراتها النووية بما في ذلك قدرتها على تخصيب اليورانيوم بمعدل جعلها تقلل الوقت الذي تحتاج اليه للوصول الى نقطة الانطلاق بعد ان أكدت انها لا تسعى الى صنع اسلحة نووية، وهو تأكيد كرره مجددا الاسبوع الماضي الرئيس الايراني الجديد حسن روحاني الذي أثارت مفاتحاته الدبلوماسية للغرب الامال بتحقيق تقدم في النزاع النووي المستمر منذ فترة طويلة..ومع اصرار ايران على حقها السيادي في تخصيب اليورانيوم للاغراض السلمية فان أي حل للنزاع يجب ان يحدث نوعا من التوازن بين رغبة طهران في الاحتفاظ بقدراتها واصرار الغرب على تقييدها..لذا فمن الناحية التقنية لايمكن اليوم الحكم على البرنامج النووي الأيراني على أنه برنامج عسكري وكل حكم من هذا القبيل اليوم فهو رجم بالغيب ويفتقد لأي دليل علمي،فأي برنامج نووي يمكن أن ينفتح على كلا الأحتمالين العسكري والسلمي عند تعدي نسبة تخصيب اليورانيوم حاجز الـ 77% وعندها نكون على مفترق من الطرق بين الجانبين العسكري والسلمي وهذا الأمر لن يتحقق إلا بعد مرور عدة سنوات..لقد سعى الشهرستاني الى تذليل العقبات التي حالت دون تفعيل المباحثات في الجانب النووي الايراني، وقدم الخبرات والمشورة التي لدى العراق عن كيفية تجاوز هذه المعضلة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد خطت ايران فعلا خطوات جادة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعقدت مزيدا من الاجتماعات في جنيف واماكن اخرى سهلّت من رغبة الغرب في ايجاد مزيد من سبل الحوار بينهما ، وهي الان تسير بخطوات ناجحة في هذا الاطار..ان نجاح خطوات الشهرستاني في هذا الاتجاه سيضع العراق امام الخطوات الاولى للبدء ببرنامجه في استغلال الطاقة النووية للاغراض السلمية لاسيما في مجال انتاج الطاقة والزراعة والابحاث الطبية وهو المشروع الذي يضعه نائب رئيس الوزراء امام عينيه لاسيما وانه من العلماء المتميزين في هذا المجال.