الشهور المتبقية لإجراء الأنتخابات هي الفترة الحرجة سواءً لرئيس الوزراء او لجميع قادة الأحزاب وتحالفاتهم السياسية الجديدة وللذين رشحوا انفسهم لخوض غمار الأنتخابات لتسيّد السلطة , وسطَ عدم اكتراث جماهيري لهذه العملية المعروفة نتائجها مسبقا وبصورة تقريبية .
ومن المتوقع أن تشهد الفترة التي تقترب من يوم الأنتخابات عمليات ” استطلاع رأي ” غير دقيقة ! للتأثير النفسي والفكري على الناخبين , وستشتد وتحتد حملات وصولات الجيوش الألكترونية الفتاكة في هذا الصدد .!
الجانب المحرج الآخر هو ما مرجّح لبقاء الأزمة القائمة بين بغداد واربيل , بالرغم من أنّ رئيس الوزراء قد سجّل هدفاً في المرمى الكردستاني بتبنّيه توزيع رواتب موظفي الأقليم ” على الرغم من أنّ ذلك لم يحصل بعد , وهو في اطار الإعداد والتفعيل ” , وبصدد هذه الأزمة المتفاقمة , نلحظ أنّ هنالك تسريبات غير مؤكدة بأحتمال قيام الجيش العراقي بعملياتٍ ما لأسترداد المنافذ الحدودية من بيشمركة الحزب الديمقراطي – البرزاني , وبالرغم من صعوبة طبيعة الأرض وتضاريسها في تلك المنطقة حسب ” الطبوغرافيا ” ولو صحّ وحصل ذلك فعلاً فستكون ” ضربة معلّم ” للعبادي وفق التعبير المصري , بالرغم من اعتقادنا بمعارضة الأمريكان لذلك , لكنه ليس بمستحيلٍ القيام بهذا التحرك المفاجئ وفرض الأمر الواقع .! , ومن خلال استقراء الخريطة السياسية الحالية للأقليم , فأنّ زيارة السيد نيجرفان البرزاني الى الفاتيكان لحثّها دول اوربا للضغط على بغداد بشأن الوضع المتأزم مع اربيل , فهذه الزيارة تمثل نقطة ضعف لحكومة الأقليم باللجوء الى قداسة البابا , وماذا حلّت الفاتيكان من الأزمات الأقليمية والدولية من قبل!
من جانبٍ آخر فمن المتوقع فشلاً ذريعاً للوساطة التركية ” قبل نهاية هذا الشهر” بين الأقليم والحكومة المركزية , ليس لبقاء وحدة عسكرية تركية لغاية الآن في شمال العراق فحسب , وانما ايضا فانها تمثل تناقضا صارخا للتصريحات التركية الرئاسية الشديدة إبّان اصرار الأقليم السابق لإجراء الأستفتاء , ولم يعد مقبولاً وقوف الأتراك مع قيادة البرزاني وحزبه في ظلّ دورٍ بارز لأحزاب كردية اخرى لها وزنها على الساحة في كردستان .
داخلياً : – لم تنجح حكومة العبادي في حل معضلة النازحين لغاية الآن واعادتهم الى مدنهم ومناطهم بطريقةٍ كريمة وتعويضهم ايضا ” وسط تضارب الأنباء بهذا الشأن ” , ولو كان للعراق علاقات ودية وجيدة مع دول الخليج وعرف كيف يستثمرها , فقد يحصل على تبرعات واستثمارات في اعادة بناء المناطق المدمرة في الموصل وسواها وحتى مساعدات مادية وعينية لملئات الألاف من العوائل النازحة , ومهما كان دور دول الخليج او بعضها تجاه العراق في السنوات الماضية , فلا ينبغي البقاء كأسرى العُقد النفسية .! فعالم اليوم وما قبله هو عالم الأقتصاد والمتغيرات .!
وداخلياً ايضاً , ومع الأرتفاع النسبي في اسعار النفط وفي زيادة كميات التصدير للنفط العراقي , ومع انخفاض التكاليف والنفقات العسكرية للمعارك مع داعش , فلم ينتبه العبادي الى ضرورة الغاء الرسوم المادية لمراجعة المواطنين للمستشفيات وفرض رسوم اخرى للعلاج والعمليات واستخدام الأجهزة التقنية في المستشفيات ” وهذه سابقة لم يشهدها المجتمع العراقي من قبل ” , وكذلك فمع هذا التحسن النفطي – المالي للدولة , فكان ينبغي لحكومة العبادي اتخاذ قرارٍ جرئ بألغاء الأستقطاعات المالية من رواتب الموظفين والمتقاعدين , فمع انتفاء الحاجة اليها , ومع ضرورة الحرص على احوال المواطنين , فمثل هذه الأجراءات تلعب دورها الفاعل في زيادة اسهم العبادي في الأنتخابات المقبلة , ولا نودّ التطرّق الى مسألة المنحة السنوية للأدباء والصحفيين , فقيمتها تافهة اصلاً ولا تليق بالدولة واهتماماتها بقادة الرأي او بعضهم .
ومع هذا وذاك , ومع ما اختزلناه وما تجاوزناه بسبب ضيق مساحة النشر , فبمقدور رئيس الوزراء أن يستثمر الأشهر المتبقية للأنتخابات , لتحسين الوضع القتصادي للجمهور وحتى بأدنى صيغة , ولرفع اسهمه في اليوم الموعود .!