18 ديسمبر، 2024 6:09 م

العراق والعراقيون – 2

العراق والعراقيون – 2

ليست التعدديه,” الفسيفساء العراقيه” هى المعضله فى استتباب الامن لاجتماعى والتطور الاقتصادى, وانما النظام القائم فى المجتمع الذى يحدد نوعية التعامل مع هذه التعدديه, فاذا كان النظام السياسى ديمقراطيا, ليبراليا يعتمد القوانين ويتعامل معها ككتله واحده على اساس مبدأ المواطنه فانها تشكل حالة ايجابيه فى المجتمع, اما اذا تم ادلجتها وتسيسها ويتعامل معها وفقا للعصبيه القوميه او الدينيه, الطائفيه فتصبح وسيلة لاستمرار السلطه والتأكيد عليها تطور الطائفيه السياسيه, وبشكل عام ان الطائفيه  هى نظام من اجتماعى سياسى متخلف تتعامل مع الفرد كجزء من فئة دينيه او قوميه تنوب عنه  فى مواقفه المصيريه.

بلاد ما بين النهرين, العراق العباسى والمعاصر كان بعد سقوط الدوله العباسيه مع اجتياح جيوش هولاكو لبغداد, كان الخلفاء العوبه بيد الجندرمه والجوارى والغلمان وتوسعت الخلافات بين العرب اولاد العموتصاعدت التصفيات واصبحت الامبروطوريه فى مهب الريح , يجتاحها الفرس ويقيموا سلطتهم عليها ويستطيع العثمانيون ازاختهم ويحلوا محلهم, و كلا الحالتين تم مارسة سياسه تضمن لهم مصالحهم وتركوا بصماتهم على العراق وشعبه والنموذج الذى سوف تقوم عليه الدوله العراقيه الحديثه. لقد امر السلطان العثمانى “سليم الاول” قى حربه ضد “اسماعيل الصفوي” بقتل الشيعه واعتبارهم مرتدين ومنعهم من التوظيف والعمل فى الدوله والانتساب للجيش , وقد تبنى العثمانيون تكوين شريحه اجتماعيه عراقيه على اساس طائفى التى سوف يكون لها دورا فعالا فى تشكيل الحكومه العراقيه فى الدوله الحديثه عام 1921 . ولم يكن الصفويين يختلفون عن العثمانيين, وقد اعتمدوا المذهب الشيعىرسميا للدوله والجماعات الدينيه قاعدة لهم فى العراق ترتبط بهم وتحمل الولاء لهم. من القضايا المهمه التى شكلت انعكاسا للسياسه العثمانيه على العرب الشيعه انهم اعلنوا تبعيتهم الايرانيه, تخلصا من الخدمه العسكريه, عندما بدأ العثمانيون بالعمل بقانون التجنيد الالزامى. ان هذه العمليه سوف تنعكس عليهم بمختلف اشكال الاحكام المسبقه وما يمكن ان يرتبط بها. لقد حكم العثمانيون العراق اكثر من 400 سنه ولم يحصلتطورا اجتماعيا اقتصاديا فى العراق الا فى فترة ولاية مدحت باشا 1869 -1872 حيث تم انشاء بعض المدارس والمدارس الصناعيه ومطبعه حديثه , الا ان الفقر والجهل والمرض كانت يوميات العراقيين. لم تتجاوز سلطة العثمانيين خارج اطار الولايات الثلاثه واستمرت العشائر والقبائل العراقيه على نظامها القديم الاجتماعى الاقتصادى تراوح فى مكانها. ان التغيير الكبير الذى حصل فى قانون تمليك الاراضى العثمانى والذى منح الملكيه لشخصيات حضريه من التجار والموطفين والعسكريين بالاضافه الى روؤساء العشائر الذين اصبحوا مسؤلين عن جباية الضرائبواستتباب الامن.وتجهيز المجندين.                                                                                         احتلت العراق القوات المسلحه الانكليزيه ودخل العراق  فى مرحلة جديده تختلف نوعيا عن السيطره الفارسيه والعثمانيه,وجاءت معها بمقومات الحداثه خاصة بعد ان اكتشفت سلطه الاحتلالبان الاسلوب الذى كان متبعا فى حكم الهند لايمكن تطبيقه فى العراق, وبذلك فقد كان الحل الامثل اشراك قيادات ثورة العشرين فى الحكم, وتم تشكيل الدوله العراقيه الحديثه, واعتمدوا فى الحكم قاعدة فصل السلطات, وبنفس الوقت اتخذو من اسلوب “فرق تسد” فى الحكم كافضل اسلوب فى خلق الفوضى والصراعات بين الشرائح الاجتماعيه والرجوع اليهم لايجاد حلولا لها. تكونت الدوله العراقيه الحديثه بنظام ملكى دستورى, وتشكلت وزارة السيد النقيب التى تعتبر استمرارا لما افرزته السيطره العثمانيه من التاكيد على الفصل الطائفى والعمل به سياسيا حيث لم تحصل مشاركه حقيقيه للعرب الشيعه فى المشاركه فى كافة لوزارات بشكل يتناسب مع مساهمتهم السكانيه. ان الاشكاليه فى موقف المراجع الشيعيه التي رفضت المشاركه فى الحكم والتوظيف, واكدوا بحكم الاعداد الكبيره من النازحين الشيعه غير العرب الذين قد اكدواعلى”المظلوميه الشيعيه” لعشرات السنين وتطورت مع الزمنكاديولوجيه, خاصة بما افرزته من مراسيم وطقوس.                                      كانت الحكومات فى المرحلة الملكيه فى وضع لا تحسد عليه وكان عليها ان تقوم بانجار الضرورات من شبكة البنى التحتيه فى مختلف المجالاتوخلق فرص عمل للسكان وبنفس الوقت بناء الجيش واجهزة الامن لداخلى وكل هذا بامكانيات ماديه متواضعه جدا وبنفس الوقت يجب ان تنال موافقة سلطات المراقبه والاستشاره الانكليزيه. ان تاريخ الوزارات العراقيه الى قبل ثوره 14 تموز1958 يكاد ان يكون محتكرا تقريبا برؤساء وزرات, وزراء وكبار الموظفين والعسكريين لابناء الطائفة السنيه. حتى لو كان النظام غير طائفى, او لم يكن مخطط له ان يكون فقد كان تعامل اصحاب القرار فى دوائر الدوله من موقع القوه بنفس طائفى. لقد نجهت القيادات الحكوميه بناء الدوله وبناء مؤسساتها وتعزيز وحماية الوطن, الا ان الشيعه نجحوا من خلال الطقوس والمواكب  الحسينيه ان يقدموا صوره ناصعة فى  التعبير عن تطلعات الشعب نحو الحريه والاستقلال والنضال ضد الاستعمار. لم يجد ابناء الشيعه فرص عمل فى دوائر الدوله,الا الذين حصلوا على تاهيل علمى مثل المهندس, الطبيب والتقنيين وشكل سوق العمل ساحة للتنافس والصراع الذى كانت تحسمه غالباالطائفيه والعلاقات القرابيه والمناطقيه., كما أن اصحاب القرار الشيعه, على محدوديةاعدادهم لم يمتلكوا الوعى , الثقه والشجاعه ان يتصرفاحدهم وياخذ قرارا دون ان يتهم بالطائفيه وبذلك فقد كان مكتوفى الايدى, او ياخذ قرارا ضد ابناء طائفته ليثبت ولائه وانه على مستوىالثقه والمسؤليه, لقد كان السلوك الطائفى فى حلقات ومؤسسات الدوله قانونا غير مدون وكانت فاعليته من الاستعداد الذاتى والتاكيد على الامتيازات والمكانه التى ترتبط به. كان تكوين الاحزاب السياسيه وتصاعد الحركه الوطنيه ضد المشاريع الاستعماريه التى تتهم بها وتروج لها القيادات الرسميه قد افرزت حقلا واسعا للعمل من اجل الهدف المشترك والذى كان المفروض ان يقود الى الوحدة الوطنيه, هذا بالاضافه الىانتشار التعليم وفتح الكليات قد ساعد على تكوين علاقات زواج قد تخطت الطائفيه والمناطقيه, ولكنها لم تتجاوز محدوديتها وتنسف بعضا من الاحكام المسبقه, وبنفس الوقت قد انتجت معوقات جديده اكدت على الحاله الطائفيه واساليبها. ان الوحده الوطنيه لم تتفتح وتنضج نحواوليات مجتمع ونظام ديمقراطى على الرغم من تبلور وتطور حركة نشيطه وابداع ثقافى متقدم  فى مختلف الحقول التى لم تنطلق من مفردات طائفيه.                                                                                                           طانت تورة, انقلاب 14 تموز 1958 تحمل هموم اللشرائح الواسعه من المحتمع العراقىوما انجزته فى الـ 4و5 سنه من فترة استمرارها خير تعبير على ابعادها واهدافها العراقيه الوطنيه, ولكن الخلافات بين الاحزاب, خاصة بين الشيوعيين والبعثيين, حول قضايا الوحده والاتحاد الفدرالى التى لم تكن لازمه وضروريه ولا يمكن اعفائها العديد من  القاده والنشطاء الذين لم يتحرروا من رواسب الفكر السياسى وخلفياته الطائفيه وتعلقهم بالعنف والقوه فى حل الخصومات والاحلافات الفكريه  عملت على اشاعه اجواء الفوضى والعنف والكراهيه التى قادت الى تقويض ونهاية الثوره, ويدخل العراق فى حقول ملغمه بالعنف والارهاب والطائفيه باشكالها العنيفه.                                                                  ان الطائفيه فى العراق حقيقة قائمه وتنعكس فى اليوميات العراقيه فى الحذر والريبه وعدم التعاون بين العراقيين, هذا بعد ان اضيف اليها الانتماء للحزب الحاكم, ومنذ سقوط الدكتاتوريه عام 2003  قد اخذت موقعا تشريعيا ينطلق من المحاصصه الطائفيه والقوميه الذى يعرقل تطور الوحده الوطنيه والعمل المشترك. ان العرب السنه والعرب الشيعه يجب ان يعيدوا النظر فى مواقعهم والعمل على نبذ ما تراكم من العزله وروح الانتقام من اجل ان يكسبوا الوطن قبل يتهاوى فى شرذمة الكانتونات ونفقد الارضيه التى نقوم عليها.