ما مِنْ شكّ أنّ الإحتلال الإنكلو – امريكي وفي حقبته الأولى قد احدثَ تغييراتٍ نسبيةٍ ما في جزءٍ او جزيءٍ من الرأي العام العراقي , وخصوصاً بعد جلب ولملمة قيادات احزاب الإسلام السياسي من بعض العواصم والمدن وتسليمها السلطة ” وكان ذلك أمراً مخططاً ومدروساً مسبقاً ” , وبموازاةٍ مع انبثاقٍ مفاجئ لصدور او اصدار نحو 150 صحيفة معززة بأذاعات ووسائل اعلام اخريات خلال فترةٍ قصيرة , وبتمويلٍ ماليٍ امريكيٍ مكشوف أدّى بعدها الى اندلاع فضيحة في الأوساط الأعلامية العراقية .
ثُمَّ , بشكلٍ متدرّج وممنهج ومبرمج , ظهرَت على السطح عشرات العشرات او اكثر من القنوات الفضائية العراقية المحسوبة او المنسوبة الى احزاب السلطة الحاكمة , حتى غدا العراق الدولة الأولى عربياً في عدد الفضائيات . ولم يكن ذلك عبثاً .! , وكان لذلك تأثيره الطبيعي وغير الطبيعي على ذلك الجزء من الرأي العام
ومع حسابات مفترضة للحصار الأمريكي على العراقيين لِ 13 عاماً وانعكاساته السيكولوجية والسوسيولوجية , وبشكلٍ مضاعف على ذلك الجزء المتحوّل ضمن هذا الرأي العام .! , وهذا ما استفادت منه احزاب السلطة بشكلٍ او بآخر , بالرغم من أنّ الفصائل المسلحة التابعة لمعظم هذه الأحزاب هي التي تحكم وتتحكّم بالعراق سواءً بوجود الرئاسات الثلاث او عدمه , وهذه حقيقةٌ واقعة يصعب إنكارها .!
إنّما , ومع التي واللتيّا .! , ومع التجربة الشديدة المرارة لهذه الحقبة التي تخجل منها الفترة المظلمة لإحتلال المغول بقيادة هولاكو للعراق , والتي إتّسَمت بالمفخخات والعبوات وكواتم الصوت وبمشاركةٍ فاعلة لتنظيم القاعدة الذي اعقبته داعش , لكنّ الأهمَّ من المهم أنّ ذلك الجزء المتأثّر من الرأي العام العراقي قد انقلب رأساً على عقب بالضدّ من لعبة الحكم هذه .! , وقد تجسّدَ ذلك في تظاهرات تشرين المميزّة وما قدّمته من شهداءٍ ناهز عددهم ال 700 شهيد واضعاف ذلك من الجرحى والمخطوفين والمغيبين لحدّ الآن .! , وكأنّ احزاب السلطة او بعضها لا علاقة لها بكلّ ذلك , وكأنّ قوات داعش كانت تحيط بساحة التحرير وساحات التظاهر في المحافظات , من كلّ حافّاتها .!
ما يمكن استخلاصه وبشكلٍ مُركّز من هذا الإسترسال المكرّر والمُمِل , هو أن لا فائدةً تُرجى من ايّ تغييراتٍ وهمية في لعبة السلطة هذه , وإنّ ألإنتخابات القادمة والتي بعدها هي تكرارٌ بعباءاتٍ جديدةٍ ومختلفة اللون لما سبقها من تجربة الحكم والسلطة والضحك البارد على الذقون ” الملتحية وغير الملتحية .! ” .
من شديد الوضوح أنّ التأثير الإيراني عبر ادواته العراقية وآليّاتها يفوق ويتفوّق على القُدُرات التكنولوجية الأمريكية الآنيّة في التأثير والتغيير والى حدٍّ كبير والى حد الآن .! , بغضّ النظر ايضاً الى هذه الإنعكاسات الأقليمية والدولية على الوضع العراقي الخاص , فإنَّ آخرَ الصور والتصوّرات في المدى شبه المنظور للعلاج السياسي – الكيميائي فهي موجبات ومتطلبات التحكّم وحكم العراق الى سابق عهده القديم كدولة , عبرَ استصدار قانونٍ قسريٍ مؤقت بحلّ ومنع الأحزاب السياسية والدينية من ممارسة انشتطها , وتشكيل حكومةٍ عسكريّةٍ معززةٍ بالمستشارين المستقلين من ذوي الأختصاص , ولمدة سنتين على الأقل , بغية اعادة الحسابات واعادة خلط الأوراق , لكنّ ذلك يبقى ضمن ضمن عالم المجهول واللامجهول و وفق حساباتٍ دوليةٍ , وإنّ اكثر المستفيدين من الدراما الدموية العراقية هي اسرائيل , وبأدواتٍ وآليّات محسوبةٍ كأنها عراقية للأسف .!!