23 ديسمبر، 2024 10:16 ص

العراق … هل اصبحت الدولة المدنية حلما بعيد المنال ؟

العراق … هل اصبحت الدولة المدنية حلما بعيد المنال ؟

بعد سقوط نظام صدام في عام ٢٠٠٣ توقع الكثير من العراقيين ان القادم افضل وان احوالهم ستتحسن لتنجلي عنهم غابرات الايام من الآم الحروب والحصار والعسكر والبسطال والاحتياط والشهداء وجبهات القتال والالتحاق والنزول وكراج العلاوي وكراج النهضة ونموذج الاجازة والانضباط العسكري والاستخبارات والمخابرات والامن العامة وكل هذه الكوابيس المفزعة من ايام حكم نظام البعث البائد. 
حلم الدولة المدنية دولة الامن والامان، دولة العدالة الاجتماعية دولة الحقوق والواجبات، دولة المسكن والمأكل والملبس والدواء لكل مواطن، دولة التعليم المجاني المتطور والمميز، دولة العمل والانتاج والوظيفة لكل قادر يستطيع العمل، دولة التحضر حيث الخدمات الصحية والشوارع النظيفة والطاقة الكهربائية المستمرة على طول الوقت والمساكن والبنايات النظيفة والتي تحيطها الحدائق والاشجار من كل جانب، دولة الانسان والحيوان معا، دولة الفنون والثقافة والرياضة والموسيقى، دولة القانون الذي يخضع الجميع له من دون استثناء فلا ابن رئيس او مسؤول ينجو من طائلته عند ارتكابه فعلا يستوجب العقاب، دولة الاديان والطوائف والمذاهب المتعددة ( وكل من على دينه الله يعينه ) ( وعيسى بدينه وموسى بدينه )، هذا الحلم كان هدف الانسان والمواطن العراقي بعد التغيير وهو لم يطلب المستحيل بل شانه شان دول ومواطني العالم المختلفة والتي تعد هذه الامور التي ذكرتها اعلاه من ابجديات الحياة والعيش في تلك الدول.
لكن ما الذي حصل بعد هذه الفترة والتي قاربت العقد ونيف ؟ الذي حصل اننا تخلصنا من نظام الحزب الواحد والقائد الاوحد ليكون بانتظارنا  مجموعة جديدة من الاحزاب والزعماء  ولندخل من جديد في خضم الكثير من التقاطعات والاختلافات والتجاذبات والصراعات على السلطة والمناصب والامتيازات التي تدور بين الاحزاب ناهيك عن التحدي الاكبر المتمثل بالارهاب كل ذلك صرف الانظار والجهود والتركيز على البناء والنهوض بالبلد الى امور ومشاكل جانبية زادت من سعة الخراب وحجمه ناهيك عن فساد الذمم وهي من اكبر المعوقات التي تواجه بناء الدولة المدنية في العراق فالتجاوز على المال العام اصبح عادة سيئة لدى الكثيرين، كل هذه العوائق جعلتنا نصاب بالاحباط واليأس من قيام هكذا دولة في العراق وامسى الحلم كابوس وللاسف الشديد.
ان تحقيق حلم الدولة المدنية يتطلب الكثير من عوامل الاستقرار والانسجام بين الاحزاب المشاركة في اي عملية سياسية في اي بلد وان كان هناك ثمة اختلافات فانها تكون في في الكيفية التي يراد بها ادارة امور البلد وشؤونه فلكل حزب منهاج وخطط للارتقاء بواقع البلد ربما تختلف عن الاخر ولكنها ليست عائقا امام البناء والتنمية التي يجب ان تستمر دون توقف فمصالح الناس وحاجاتهم وارزاقهم غير قابلة للمساومة او التفاوض او المناورة وتضييع الوقت.