19 ديسمبر، 2024 6:42 ص

العراق…مدينـه تحكي مأساة وطـن

العراق…مدينـه تحكي مأساة وطـن

الشيىء المؤلم جدا عندما تتسلط فئة حاقده على نفسها قبل أن تكون حاقده على منْ تسلطت عليه ومريضة نفسيا،  تحاول إستغلال طيبة وعفوية الإنسان ليتم توظيفه لخدمة مصالحها الشخصية،  أما الشيء الأكثر آلما عندما تجد النخبة في المجتمع تسكت عن ظلم واضح للعيان تتعرض له مدينتهم ومواطني هذه المدينة المنكوبة ثلاث مرات….
 مرة من قبل الفئة المارقة والمريضة نفسيا والتي في غفلة من الزمن وجدت نفسها تسيطر على مقدرات مدينة وتتحكم في مصيرها ومصير شعبها…
 والمرة الثانية ظلمت من قبل من كان يجب ان يتكلم وينادي بصوت عالي عن الظلم التي تتعرض له مدينته ولكنه فضل السكوت والإنزواء جانبا وكأن الأمر لا يعنيه من بعيد أو قريب ولسان حاله يردد منْ تزوج أمي فهو عمي…هؤلاء لا يزالون متأثرين بتداعيات النظام العفلقي السابق الذي حكم العراق وحالة الخوف والرعب لا تزال تسيطر عليهم ولم يتخلصوا منها لإنهم غير مستعدين نفسيا للتخلص من هذا الركام الثقيل…
وثالثا تتعرض مدينتنا للظلم الأشد تأثيرا من قبل الطبقة الإنتهازية والتي كانت بالأمس القريب تصفق وتهلهل للنظام الدموي السابق وهي اليوم إستطاعت أن تتغلغل بين صفوف الفئة الأولى تصفق وتهلهل لهم وبنفس العبارات السابقة والمنهجية وتحاول أن تزين الوضع في المدينه المنكوبه وكأنه هذه المدينه تعيش في نعيم ولهذه الفئة من الحجج والأسباب وهي مستعده وجاهزة لتسويقها تبريرا لحالة الإحباط الذي يعيشه المواطن وبعد عشرة سنوات من سقوط النظام السابق…
بين هذه الفئات تعيش اليوم مدينه البصرة وهي تعاني ما تعانيه…من تخلف ودمار وإهمال في جميع المجالات…مدينه متخلفة بكل ما تحمل كلمة التخلف من معنى…منزوية على نفسها…تبكي حالة الظلم الذي تتعرض له…تمتص خيراتها مصا من قبل الآخرين يتنعم الغير بما تملك من خيرات أما هي فتترك صحراء قاحلة يعشعش في كهوفها الغربان والذئاب يتمتعون بما تجود به المدينه بل سيطروا على كل ما في المدينه من خيرات مستغليين في ذلك طيبة الإنسان البصري…وكثيرا ما نسمع هذه العبارة من الآخريين
إن أهل البصرة طيبون..البصراوي بطبيعته إنسان مسالم يقبل بالقليل القليل غير متكبر يتمتع بالشهامة والنخوة والعفوية كل هذه الصفات للإنسان البصري كان يفترض أن تحسب له وليس عليه لو إننا نعيش في الزمن الصحيح…
ولكن للأسف الشديد صفات البصراوي هذه تم إستغلالها من قبل ذئاب مدينته أولا وتم إستغلالها من قبل الآخرين واليوم حينما تسمع من يقول علنا إن أهل البصرة إناس طيبون مره…يردد في داخلة ألف مرة بإن أهل البصرة “مغفليين” ولسان حالة يقول علينا إستغلال هذه “الصفه”  لنمتص دمائهم وهذه دمائنا قد مصت بطريقه أقصى من مص العقارب لدم فرائسها…
اليوم حينما أقول وبكل ثقه رغم مضي عشرة سنوات على سقوط النظام السابق
لم يبلط شارع واحد في مدينة البصرة!!!
لم تبنى أو تعمر مدرسة واحدة في محافظة البصرة!!!
لم تغرس شجرة واحدة في محافظة البصرة!!!
لم تبنى مستشفى واحدة في محافظة البصرة!!!
لم تنفذ وحدة سكنية واحدة في محافظة البصرة!!!
لم ينفذ مجسر واحد في محافظة البصرة ليحل الإزدحامات القاتلة في المدينه!!!
لم ينفذ جسر واحد على شط العرب!!!
يطلع عليك أحدهم مستغلا طيبة أهل البصرة ليقول لك وبصوت عالي “شنو إنت أعمى ما تشوف كل هذه الطرق والمجسرات وجسر التنومه…ويردد أنت أعمى ما تشوف”
نجيبه بكل بساطه وهدوء
نحن لا نصدق إلا أرض بصرتنا وهذه الأرض نوجه لها السؤال ببساطه
هل بلطت شوارعك يا أرض بصرتنا وعلى الفور تجيب هذه الأرض إن 60% من شوارعي قد تم تبليطها بعد السقوط وتستطرد هذه الأرض لتقول لنا لكن ما تم لا يمكن أن يندرج تحت بند الإعمار لآن 90% من الشوارع التي تم تبليطها عادت بعد موسم شتوي واحد أسوء مما كانت عليه وكنت أتمنى لو لم تصل يد “الإعمار” إلي لأن ما تم هو دمار وليس إعمار أما 10% من الشوارع التي لا تزال فهي بالتأكيد لم تكن أفضل مما كانت عليه مع وجود بعض الشوارع القليلة جدا التي تم توسيعها ولكن حالها سيء جدا 
هذا ما نصدقه لإن أرضنا لا تكذب…
أما في ما يخص إعمار المدارس فتقريبا كل مدارس البصرة تم إستغلها إستغلالا دنيئا ليتم سرقة المال العام تحت بند إعمار المدارس حيث عادت المدارس أيضا بعد موسم واحد أسوء مما كانت عليه…
وهذا ما نصدقه أيضا لإن الأرض لا تكذب أبدا
وهكذا بالنسبة لبقية مظلومية أرض البصرة فبدلا من غرس نخلة على أرض بصرتنا جاءوا لنا بنبته غريبة عن البصرة لا يتقبلها حتى الحيوان لتنتشر في البصرة كالسرطان، والأرض تقول من يحترمني فليغرس نخلة على أرضي ومن لا يحترم النخلة فهو بالتأكيد غريبا عن البصرة.
أما جسر التنومه البائس الذي نفذ فهو من النوع الذي تنفذه القطعات العسكرية عند ما تعبر نهر تحت نيران العدو وهو يذكرنا بالجسر أو الجسور التي تم وضعها على قناة السويس أثناء حرب 73 مع إسرائيل خلال أقل من نصف ساعة…جسر التنومه بنفس النموذج ولكن تم تزويق جانبيه وتبليطه وتسويقه لأهل البصرة على إنه إنجاز خارق قامت به الحكومه المحلية لذلك استوجب أن تقام له إحتفالية تطلق العيارات النارية وتصرف الملايين لهذه الإحتفالية…
ألا بأس لكم كيف تفكرون…وهل نحن إلى هذه الدرجه مُغفلين.
ولو عدنا إلى الأموال التي صرفت بإسم هذا الجسر البائس لوجدنا إنها تعادل تنفيذ جسر يليق بمدينة البصرة يبدأ من تقاطع المحافظة القديمة عبورا شط العرب إلى الضفه الثانية جسر عملاق هكذا نريد الجسور وليس جسور عسكرية يتم تزويقها…
 إن لغة البناء تتكلم عن نفسها ولغة الفساد هي الأخرى لغة تعلن عن نفسها وواضحة ولا تحتاج لخبير لتقيمها لإن الأرض التي تنفذ عليها تصرخ بفسادها.
يمكنكم تسويق كلاما جميلا عبر وسائل الإعلام ولكن لا يمكن تسويق مشاريعكم الفاسده فليس كل من وضع “طابوقتين” فوق بعض يقال له إنك بنيت هرما…
أما مجسراتكم فهي لها قصه أكثر بؤسا مما سبق فلحكاية بدأت أولا بوضع إشارات ضوئية في تقاطعات البصرة اغلبها عاطلة أنفقت “سرقت” ملايين الدولارات عليها والقليل منها إذا إشتغلت فإنها تؤدي إلى عرقلة الحركة المرورية لا حلها وتجد شرطي المرور المغضوب عليه هو الأخر مضطر لتجاهلها واللجوء إلى يده ليحل الإختناقات المرورية…فهي مهزلة تحكي عن فساد واضح .. ثم إن الإشارات الضوئية تقنية عفى عليها الزمن ولم تعد تستخدم منذ خمسينيات القرن المنصرم ولإن منْ يحكم البصرة لا يؤمن بفلسفة أن نبدأ من حيث إنتهى الآخرون إنما يؤمن بفلسفة أن نبدأ من حيث بدأ الآخرون فهذه مراحل يجب أن تمر بها المدينه المظلومه…
إنتهت مرحلة الإشارات الضوئية فبدأت مرحلة المجسرات والتي عفى عليها الزمن منذ أكثر من ثلاثين عاما لإنها اثبتت فشلها…ولكنها مرحلة يجب أن تمر بها المدينة قبل الإنتقال إلى المرحلة الأخرى التي لا أعلم متى ولكن بالتأكيد عندما تصبح تاريخا عند الآخرين…
الذي يريد أن يحل مسألة الإختناقات في البصرة ولو وظف الأموال التي صرفت على هذه المجسرات البائسة لكان يستطيع أن ينفذ طرق دائرية عملاقة يكون مركزها ساحة سعد وتتفرع بطرق سريعة إلى جميع النقاط المركزية في المحافظة من ساحة سعد مباشر إلى العشار ومن ساحة سعد إلى ما بعد تقاطع الكزيزه مع وجود تفرعات لكان ذلك أرقى واكثر نفعا وكلفته اقل كثير من هذه المجسرات الفاشلة فكيف يتصور الشخص إنه يعبر مجسر وبعد أقل من خمسين مترا يصعد مجسرا أخر كما هو في تقاطع أبو شعير وتقاطع السعدي…أما المتانه الهندسية لهذه المجسرات فردائتها واضحة إذ كيف يتم غلق مجسر للإدامه ولم يمضي على إفتتاحة ثلاثة شهور فقط لإن القواطع بدأت تزحف كما حصل في مجسر المطيحة…
هذه مشاريعكم وانتم في حقيقة الأمر فارغون لا تهمكم البصرة لا من بعيد ولا من قريب لذلك تلجأون للإعلام لتزويق وتسويق أنفسكم هذه الأيام على أنكم رجال مرحلة البناء وانتم أخر ما تفكرون فيه هو البناء أو إن البناء لا يوجد أصلا في اجندتكم ولكن على السنتكم فقط…
حتى زهوركم حينما قررتم عرضها العام الماضي فلم تجدو لها مكانا أنسب من جحر من جحور الطاغية وهذا يعكس مدى إنفصالكم عن جماهير البصرة..حتى عندما تطلوا من جحوركم التي كانت جحورا للطاغية تطلوا بسيارتكم المصفحة ذات الدفع الرباعي بقافلة طويلة وبسرعة خاطفة والله أعلم كم من اللعنات تنصب عليكم..
لا نريدكم ولا نريد زهوركم وجحور الطاغية أفضل مكان لكم ولزهوركم
أما نحن فإن
 زهورنا حينما نشاهد أطفال الشوارع جلست على مقاعد الدراسة…
زهورنا حينما نشاهد شوارع البصرة نظيفه
زهورنا حينما نشاهد جسورا حقيقة بنيت على شط العرب
زهورنا حينما نشاهد إن أزمة السكن حلت في البصرة
زهورنا حينما نشاهد مستشفياتنا مزوده بإحدث الإجهزة
زهورنا فضائها فضاء مدينة البصرة أما زهوركم فإن فضائها لا يتعدى فضاء جحر مظلم لطاغية أرعن مها حاولتم إضاءته
وشتان بين الفضائين

أحدث المقالات

أحدث المقالات