23 ديسمبر، 2024 1:03 م

العراق: ما هو الحل؟

العراق: ما هو الحل؟

بعد ان فعلت الطائفية السياسية فعلها في العراق منذ 2003 حتى الآن، بجهود السياسيين العراقيين من كافة الطوائف ومن مختلف التوجهات، وخاصة اثناء حكومة الجعفري ثم حكومة المالكي الاولى والثانية، وبعد الفشل على كل الاصعدة: السياسية، البرلمانية، الامنية، الاقتصادية، الخدمية، التجارية.. لا بد من البحث عن حلول وليس تشخيص الخلل فقط والقاء التهم جزافا..

أدناه رؤيا يمكن لها أن تساهم في الحل..

* توثيق التحالف مع امريكا على عدة مستويات: التسليح العسكري، الحفاظ على الدينار العراقي وتقويته، التداول التجاري على اوسع نطاق، وحفظ المصالح الامريكية في العراق وضمانها مع شرط أساسي: أن لا يبقى جندي امريكي واحد على ارض العراق لطمأنة التيارات الداخلية المعارضة لوجود قوات اجنبية. التعاون الاستراتيجي الحقيقي مع امريكا سيجعلها شريكا مع العراق وستنعكس هذه الشراكة واقعيا على اوسع نطاق ولن تكون هناك تبعية سياسية للولايات المتحدة وفي ذلك طمأنة للجوار الاقليمي. بتنشيط التحالف مع امريكا، يمكن الضغط على دول الجوار كي تغير سياستها تجاه العراق وهو مكسب اقليمي كبير.

* الابقاء على علاقات راسخة مع ايران وعدم الاضرار بمصالحها، لكن بلا تبعية للقرار الايراني واخراج العراق من الصراعات الاقليمية بين ايران والعالم، والوقوف على الحياد في القضية السورية وتوثيق التبادل التجاري مع ايران وفق مستوى معقول لا يضر باقتصاد السوق العراقي ولا بالمنتوج المحلي وكذلك طمأنة ايران على ان العراق لن يكون منطلقا للاضرار بالنظام الايراني والحفاظ على مستوى من الاستقلالية عن القرار الايراني من غير عداء او مصادمة معها لأن بامكان ايران ان تفشل أي حكومة عراقية إن رغبت بذلك..

* اعادة العلاقات المتوازنة مع دول الخليج العربي وخاصة السعودية وقطر او على الاقل تحييدهما عن لعب دور سلبي في القضية العراقية، ومطالبة دول الخليج بضبط

حدودها ودعم العملية السياسية في العراق وابداء حسن النية تجاه الدول المؤثرة خليجيا وعدم الدخول كطرف في أي صراع سعودي- ايراني وايقاف المد الاعلامي المعادي للخليج كخطوة اولى نحو ترسيخ علاقات اقتصادية متبادلة واعادة الدبلوماسية الى اعلى تمثيل لها بين الطرفين. ويمكن أيضا استغلال الضغط الامريكي على دول الخليج وبعض السياسيين العراقيين ممن لديهم علاقات طيبة معها لترسيخ هذا التعاون او التحييد على اقل الفروض.

* توثيق العلاقة بمرجعية السيستاني بطريقة او اخرى لأن بامكانها أن تؤلب الشارع ضد أي حكومة او توجه لا ترضى عنه، خاصة انها ذات علاقات وثيقة بجماهير الشيعة وقادرة على تحريكهم احيانا وفق رؤيتها. الطريق الى المرجعية يمر بإيران وكذلك بتحسين الوضع العراقي بعامة والحفاظ على المقدسات والشعائر الشيعية والوقوف في مكان وسط بين الدين والدنيا، وبين الغرب والشرق.

* بناء علاقات تجارية واسعة النطاق مع تركيا وكسبها كحليف وليس كعدو والتخلص من التعامل الطائفي مع تركيا عبر سياسة متوازنة تحفظ المصالح الاقتصادية التركية وتمنع التدخل بالشأن العراقي وحفظ حق العراق فيما يخص حصته من الماء والقضية الكردية والنفط العراقي.. يمكن كسب تركيا من خلال العامل الاقتصادي وابتعاد العراق عن المواجهة بين ايران ودول المنطقة.

* تحويل ملف المناطق (المتنازع عليها) بين الاكراد والعرب الى محكمة دولية حيادية للحكم بالمسألة بشرط قبول جميع الاطراف (الحكومة، المنطقة الغربية، والاكراد) بالنتائج بحيث يكون باتا ونهائيا، ويمكن بعد ذلك اجراء استفتاء في تلك المناطق باشراف اممي فيما اذا كانت تريد الانضمام الى اقليم كردستان او الارتباط بالحكومة الفدرالية في بغداد اداريا. ويمكن كذلك اجراء مباحثات ثنائية بين اقليم المناطق الغربية المزمع انشاؤه (نينوى، صلاح الدين، الانبار، اجزاء من ديالى) وبين اقليم كردستان حول عائدية تلك الاراضي.

* تحقيق مطالب المناطق الغربية فيما يخص التهميش، والمخبر السري، واطلاق سراح السجناء الابرياء والمعتقلين وذلك عبر انشاء اقليم سني (او ما يشمل المناطق الغربية) مع الاخذ بنظر الاعتبار استقلالية المرقدين المقدسين في سامراء وادارتهما من قبل الوقف الشيعي مع توفير الحماية الكافية لهما لأنهما قد يسببان حربا طائفية بين الاقليم السني والمناطق الشيعية لحساسية المرقدين بالنسبة لعموم الشيعة. الاقليم (السني) المشار اليه سيحل الكثير من الاشكالات مع الحكومة الفدرالية بحيث تتاح

لابناء تلك المناطق حكم انفسهم بانفسهم وتوفير ميزانية كافية حسب السكان والمساحة والثروات المتوفرة مع مراعاة التوازن في توزيع الثروة وتجنب التفاوت الاقتصادي بين مختلف محافظات واقاليم العراق.
* بناء الجيش العراقي على اساس مهني بعيدا عن الطائفية والتحزب وتسليحه بصفقات كبيرة مع امريكا وبريطانيا والدول الكبرى والحفاظ على استقلالية المؤسسة العسكرية عن المشاحنات السياسية، وحصر السلاح بالجيش والشرطة ونزع مظاهر التسلح الشعبي تدريجيا حال استباب الامن.

* التعاون مع مجلس النواب وكسبه لصالح الحكومة والابتعاد عن مفهوم دولة الاحزاب والعائلات والمصالح الشخصية واقرار القوانين المهمة المؤجلة: قانون الاحزاب، والنفط والغاز، والنظام الداخلي لمجلس الوزراء..الخ.

* تحديد نمط الاقتصاد العراقي الذي تسعى الحكومة الى تطبيقه في العراق، لأن الفوضى الحالية لا يمكن ان تبني اقتصادا قويا من دون تحديد فلسفة اقتصادية واضحة المعالم، والتعاون مع صندوق النقد الدولي والجهات ذات العلاقة من اجل انعاش الاقتصاد العراقي.

* عدم الهيمنة على الهيئات المستقلة (المحكمة الدستورية العليا، مفوضية الانتخابات، هيئة الاعلام العراقي… الخ).

* الاهتمام الفعال بملف الخدمات خاصة الكهرباء والماء والطرق وانجازها بأسرع وقت ممكن والتعاون مع الشركات العالمية المعتبرة والمختصة بجداول زمنية محددة ومدروسة بدقة.

* النهوض اقتصاديا بشرائح المجتمع العراقي كافة من خلال: اقرار قانون النفط والغاز بعد تعديله وخاصة الفقرة المتعلقة بحصة المواطن من الفائض النفطي وهو ما سيجعل الملايين من الشعب العراقي في حالة رخاء اقتصادي يحل الكثير من العقد ويساهم في الاستقرار الاقتصادي والنفسي وسيؤثر على المستوى الامني كما هو حاصل في دول الخليج، وكي لا تبذر ثروة العراق على النزوات عن طريق الفساد وهدر المال العام والاختلاس.

كل هذه التحركات يمكن ان تنجز بشرط رئيسي اول : هو التغيير، أي تغيير المنهج في التفكير السياسي، وتغيير الاشخاص الذين ساهموا في أن يصل الوضع الى ما وصل اليه. أهم الخطوات: استبعاد السيد نوري المالكي عن رئاسة الوزراء لأن ثمة اجماع على انه احد اهم

اسباب الازمات منذ 8 سنوات، ولاسباب تتعلق بفشله في جميع الملفات التي استلمها.. بقاؤه في السلطة سيؤدي لا ريب الى تفكك العراق ومزيد من الضحايا واهدار المال العام وربما الحرب الاهلية مستقبلا. الشرط الرئيسي الثاني: ان يكون رئيس الوزراء القادم كيسا، دبلوماسيا، ذا تفكير شامل، صاحب رؤيا اقتصادية من طراز رفيع، يكسب الجميع كأصدقاء، وان يتحلى بذكاء سياسي يجعله يعالج الهفوات بطريقة حاذقة، وأن يكون قادرا على ترميم الصدع الهائل الذي سببه المالكي في فترة حكمه على أن يتعاون معه الجميع برؤيا وطنية غير طائفية او مناطقية او حزبية تضع الصالح العام هدفا كبيرا لا مناص من السعي اليه.