كنا نتصور ونحن صغارا إن المستشفيات في بلدنا العراق هي المنقذ الوحيد لنا مما قد نتعرض له في مشوار حياتنا من حوادث أو أمراض لاسامح الله ، وبعد ان بلغنا من العمر عتيا ومع مشاهداتنا ومانسمعه من اخبار الموت المجاني فيها تراجعت فكرتنا وبتنا نخاف حتى المراجعة بل وحتى زيارة مريض للاطمئنان على صحته من باب الواجب الاجتماعي ، ومع حلول زمن الكورونا بدأ ينتابنا الرعب والهلع ، وازداد خوفنا بعد ظهور اصابات في النجف و كركوك وبغداد، والحلة والسليمانية والحبل على الجرار .
ان الانتشار السريع والمذهل لفيروس كورونا جعل اغلبية الناس تصاب بالخيبة والاستسلام للامر الواقع لشعورهم بعدم التمكن من ايقافه بكافة السبل المتبعة فهو تعدى الحدود وبات قاب قوسين أو أدنى من ان يكون وباء عالمي فكل دول العالم وخاصة الكبرى حدثت فيها اصابات دون استثناء على الرغم من امكاناتها الصحية الكبيرة والمتطورة ، ومايهمنا هنا ماهي الاجراءات الوقائية الاستباقية اللازم توفرها من اجل زرع الطمأنينة بين الناس ، ولكننا حينما نتحدث عن العراق وواقعه الصحي المزري وبشهادة الجميع حتما سنصاب بالصدمة وكأننا ننتظر الموت البطئ مع اجراءات خجولة لاترتقي لمستوى مانسمعه عن اجراءات الدول المجاورة ، فيما نرى مسؤولينا وهم يسابقون الزمن من اجل التقاتل على تشكيلة الحكومة واللهاث وراء المغانم والمناصب وحجرها لحساب أحزابهم مما دعا المكلف محمد توفيق علاوي للاعتذار عن تشكيل الحكومة للفترة الانتقالية
“متهما بعض الجهات السياسية بعدم الإيفاء بوعودها للشعب ووضع عراقيل أمام ولادة حكومة مستقلة تعمل من أجل الوطن”
بينما لم تشكل صحة المواطن الذي لاينتظر منهم خيرا ، أهمية في أجنداتهم ، بل بات ينتظر رحمة الله الواسعة والدعاء ووصفات الجدات لتجنبه شر هذا البلاء …؟؟؟
ان الشارع العراقي لايمتلك الثقة بالاجراءات الحكومية المتخذة لان الواقع الصحي مؤلم جدا فالمريض حينما يدخل المستشفى عليه ان يوفر حتى ” السرنجة ” فمابالك بالعلاج فضلا عن ماتعانيه المستشفيات ذاتها من اهمال في بناها التحتية وبمعنى ادق ان اغلبها عبارة عن مجموعة فيروسات مختلفة الانواع والاحجام تتمايل وتتنقل بحرية تامة ، اما اعمارها الزمنية فقد انتهت منذ سنوات خلت ناهيك عن الواقع البيئي الخطير فأغلب مناطق الطمر الصحي اضحت في وسط الاحياء السكنية فضلا عن طفح المجاري المزمن والتقصير المتعمد من قبل دوائر المجاري والبلدية في اداء واجباتها ، فيما بات المواطن هو المبادر في نشر الوعي الصحي لا مراكزنا الصحية المنتشرة في اغلب المناطق وكأنها وجدت من باب الترف لاتقديم الخدمة الصحية أما مستشفياتنا الخاوية فلم تتهيئ لمواجهة خطر فيروس كورونا الذي بات على ابواب منازلنا الآيلة للسقوط وأحيائنا الفقيرة ، ومع هول المصيبة التي ننتظرها لم تغب السخرية عن بال العراقيين من الفيروس، كعادتهم لانهم أدمنوا على المصائب ، فالمتصفح لمواقع التواصل الاجتماعي يجدها تعج بالبوستات والهاشتاكات المضحكة المبكية في آن واحد وهي دليل على مدى اليأس من الاجراءات الصحية المتخذة لمواجهة خطر الكورونا بعد عجز العلماء عن ايجاد لقاح او علاج للقضاء عليه او الحد من انتشاره المذهل ولم نجد نحن المساكين غير وصفات الحرمل والاعشاب طرقا للوقاية التقليدية…!!!
ان وزارة الصحة العراقية مطالبة بإعادة النظر في اجراءاتها المتخذة لكي تكون بمستوى الخطر القادم الذي هز عروش الدول الكبرى ومنها امريكا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا ، لا أن تكتفي بالارشادات والتوعية بل عليها ان تبادر بتعقيم الاماكن العامة التي يرتادها الناس وان تقوم دوائرها الصحية في المحافظات بتوزيع “الكمامات” على المواطنين عن طريق مراكزها الصحية وضمن البطاقة الصحية لكل عائلة و لا تتركها بيد اصحاب الصيدليات الاهلية الذين بدأوا يتلاعبون بأسعارها التي ارتفعت الى اضعاف بحجة اختفائها وكثرة الطلب عليها وبالتالي استحالة الحصول عليها من قبل ذوي الدخل المحدود ، فضلا عن الاسراع في تجهيز المنافذ الحدودية بالاجهزة الخاصة من اجل رصد الحالات المصابة وتهيئة المستلزمات الطبية الضرورية وتوفير الادوية والمضادات الحيوية ، و.. و .. الخ ، وهذا الكم الهائل من الاحتياجات الواجب توفرها مبكرا قبل انتشار الفيروس ولد شعور لدى المواطن بعدم ثقته في حالة ظهور حالة لاسامح الله بمراجعة تلك الدوائر غير القادرة على مواجهة فيروس كورونا وبدليل تصريح النائب المستقل باسم خشان، الذي أكد أن وزارة الصحة العراقية غير قادرة على مواجهة مرض الكورونا.
وقال ” إن المستشفيات في العراق في وضع مزري، وليس لديها اي وسيلة لمواجهة مرض الكورونا، وحديث الوزارة عن قدراتها في مواجهة المرض كذب بالإضافة الى ان ثقافة الوقاية محدودة جدا” بحسب قوله.
وهذا الكلام حتما سيدفعنا للتساؤل هل تستطيع وزارة الصحة بإمكاناتها الحالية مواجهة فيروس كورونا الذي ربما سيدخل العالم بأسره حجرا صحيا أم انها بحاجة الى علاج لشفاء مؤسساتها العليلة ….!!!!