تخشى احزاب الإسلام السياسي تأسيس ذاكرة وطنية تصبح منطلقا ً لبناء دولة مدنية ديمقراطية يتكافئ فيها الجميع بالحقوق والواجبات،في إطار دولة العدالة والقانون، سبب ذلك أنها ستكون مدعوة ” بالضرورة ” للتخلي عن عرفيّة المحاصصة الطائفية السائدة ومنافعها الجمّة وثقافتها الفاسدة .وإذ نفتح هذا الموضوع على أبواب تحرير الفلوجة وأصداء الإستعداد لمعركة الموصل، بعد ان أصبحت (داعش) في حكم المنتهي والحديث عن النصر والتحرير واقعا ً مؤكدا ً، فأن الواجب الوطني يقودنا للبحث والسؤال المصيري ؛ ماذا بعد ( داعش) ..؟الجواب هنا يستدعي برنامج إنقاذ وجودي للدولة العراقية، وما يتطلب من ضرورة ايجاد قواعد عمل إجرائية تضمن فعلا وجود عراق قادر على تجاوز أخطائه والإستيقاظ والصحوة .لعل أول خطوة في ذلك تشخيص الخطأ الذي ارتكب من جميع الأطراف الفاعلة والمتسببة بهذا الدمار الذي استباح الحياة العراقية على نحو خطير ومشوه لم تشهده منذ دخول هولاكو لبغداد ..!تلك الأطراف نعني بها الحكومة والسلطات النيابية والقضائية والإعلامية اضافة للقوى السياسية المتمثلة بالأحزاب وشيوخ الدين والعشائر ، وتقديم الإعتذار للشعب الجريح وللضحايا من القتلى والجرحى وتعويضهم ماديا ونفسيا ً عن خسائرهم البليغة، الى جانب تقديم المتسببين الى المحاكم القضائية المستقلة ( فعلا ) لكي نقطع الطريق على تكرار مثل هذا الخراب الوطني الكبير .ثم يجري الأتفاق على مايلي ؛* فصل ماهو سياسي عن ماهو دعوي اسلاموي مذهبي أو طائفي،واللقاء على مشروع المواطنة ، وهنا تبرز أهمية إصلاح الدستور والنظام السياسي وقانون الإنتخاب مع التشديد على أهمية انجاز تطبيق قانون الأحزاب .* ألغاء الطائفية والعنصرية وكل مايتعلق بها من المناهج والقوانين والثقافة ، واستبدالها بثقافة المواطنية العراقية وثرائها الثقافي والفكري المنوع ، يتم وفق تشريعات قانونية صارمة .* تصفير الخلافات والمشاحنات مع اقليم كردستان مع تشريع قانون النفط والغاز وتوزيع الثروات على نحو عادل، وانهاء موضوع ماهو ( متنازع عليه) ، ضمن وحدة بناء دولة تستحضر تاريخ ماهو مشترك من منافع وأواصر قوة ومصالح بدلا من روح الغلبة واستغلال ضعف الآخر .* إصلاح شامل للأجهزة الإدارية والقضائية والأمنية وتحريرها من التأثير السياسي، بهدف بناء مؤسسات دولة ثابتة لاتتأثر بمتغير النظام السياسي، الأمر الذي يساعد على استتباب مبادئ العدالة وسلطة القانون .* تحريم وجود الميليشيات وكل الجماعات المسلحة باختلاف انتماءاتها وجهاتها المناطقية وتحت أي مبرر كان .بخلاف هذه القواعد الحياتية المنتجة ، سوف نفتقد والى الأبد وجود دولة مستقرة يسودها الأمن والقانون والعدالة والسلام ،بخلافها سيحل الأنتقام و يتقاتل ابناء السنة مع بعضهم مثلما تتقاتل فصائل الشيعة مع بعضها، تسود الجرائم والفوضى وتصبح دعوات الإنفصال والاستقلال منقذة للبعض، تقسم بلادنا بين دول الجوار ونصبح عبيدا ً أذلاء، سنبتلى بكوارث لاتنتهي .* اللهم أني قد بلغت اللهم فاشهد ، كما بلغت قبل دخول داعش بثمانية أشهر .