18 ديسمبر، 2024 9:08 م

العراق لن يشهد صراعاً بين امريكا وايران على خلفية اغتيال فخري زادة

العراق لن يشهد صراعاً بين امريكا وايران على خلفية اغتيال فخري زادة

يتوقع كثير من المراقبين ان هناك صداماً قادما بين ايران والولايات المتحدة سيحصل على الارض العراقية ، باعتبارها الارض الرخوة التي يستطيع الطرفان ان يجدا فيها فرصة مثالية للصراع . ومع اقتراب ولاية ترامب ومغادرته البيت الابيض وتحريك حاملة الطائرات نيمتيز ، نحو الخليج ، وهبوط طائرة B52 التي تحمل رؤوس نووية في قاعدة الظفرة الاماراتية ، وتجهيز قاعدة الحرير في اربيل بمطار واجهزة رصد وتنصت، تلك القاعدة التي تبعد 115 كم عن الحدود الايرانية، إضافة ً الى سماح اذربيجان لاسرائيل باستخدام اجوائها ، وكما هو معروف ان اذربيجان تقع على الحدود الجنوبية لايران.
فيما رفع اغتيال العالم النووي الايراني محسن فخري زادة من احتمال المواجهة ، مع وجود من يدفع بهذه المواجهة ، او من يريد توريط الطرفين بنزاع ربما يشعل منطقة الشرق الاوسط باكملها .
فقد كرست بعض الصحف الامريكية و الاسرائيلية اقلام كتابها لتهويل الموقف وتصوير ان قيام الحرب حتمياً .
فقد ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، أن اتهام محمد جواد ظريف إسرائيل، يزيد من تكهنات المراقبين لقضايا الشرق الأوسط، ويؤكد وجهة نظر القائلين بأن الرئيس ترامب قد يشن هجوماً على إيران قبل رحيله عن البيت الأبيض.
وكان ظريف قد قال ان نتنياهو، قد ذكر اسم محسن فخري زاده، في 2018، مما يشير إلى ان اسرائيل كانت وراء اغتياله.
واشارت الصحف كذلك بان العراق هو المرشح الاقوى لميدان الحرب .
فما قالته الصحيفة الاسرائيلية يعتبر دليلاً واضحاً على شدة التوتر في المنطقة.
وبما ان العراق هو اقرب منطقة الى ايران تتواجد فيها القوات الامريكية ، وفيها نفوذ ايراني قوي لذا توقعت صحيفة الواشنطن بوست ان يشهد العراق مواجهة بين امريكا وايران.
بناءاً على عدة معطيات تشهدها المنطقة.
اولها: التصريحات الايرانية باتهام الولايات المتحدة واسرائيل. باغتيال العالم النووي الايراني محسن فخري زادة ، وتأكيدها على حق الرد والانتقام من الجهات المتهمة.
ثانياً : التهديدات الايرانية لدول الخليج واتهامها بمشاركة او تسهيل مهمة اسرائيل في العملية.
ثالثاً : اعلان الولايات المتحدة بسحب جزء كبير من قواتها من العراق ، والتي ربما ترى ايران في ذلك فرصة كبيرة لضرب القوات الامريكية اما بشكل مباشر او عن طريق حلفائها في العراق .
رابعاً : تصريحات بعض اعضاء الكونغرس من الديمقراطيين وكشفهم عن نية ترامب واسرائيل توجيه ضربة عسكرية لموقع ايران النووي ، كذلك كان هذا مدعاة للقلق، واحتمال اكبر للتصعيد .
العراق من جانبه ادان اغتيال فخري زاده ، وكذلك بعث برسائل مطمئنه للجانب الايراني ، وقال بانه سينأى بنفسه عن اي صراع ، وانه يرفض ويعارض ان تكون اراضيه منطلقا لاي اعتداء على ايران ، كما اشار مقربون .
ولوضع العراق الحساس وما يشهده من انقسامات داخلية وتظاهرات وعدم استقرار امني ،وسيطرت الجماعات المسلحة على القرار السياسي والامني ، يكون اختيار العراق كساحة لتصفية الحسابات بين الطرفين خياراً خاطأ وكارثياً للطرفين.
والامر الذي نستبعده في ان يكون العراق ساحة للمعركة المقبلة يعتمد على معطيات الواقع والمتغيرات الدراماتيكية في منطقة الشرق الاوسط أو داخل الولايات المتحدة.
فقد شهدت المنطقة تراجع وابتعاد الاطراف عن التصعيد والتوتر فقد ادانت الامارات والسعودية الدولتان اللتان تتحسس منهما ايران وكذلك دول الخليج واغلب دول العالم عملية الاغتيال ، وهذا ما اثر على خفض حدة الخطاب الايراني تجاه بعض الاطراف في المنطقة .
كما ان الرسائل التي بعثها الرئيس المنتخب جو بايدن لايران و انه مستعد للعودة الى الاتفاق النووي كما ذكر توماس فريدمان في مقاله الاخير تعتبر اشارة مهمة لايران بالتريث وضبط النفس وهو ما طلبه الامين العام للامم المتحدة غوتيرس من ايران كذلك .
فقد اوحت رسائل بايدن لايران ان عهد ترامب انتهى وعليكم ايها الايرانيون ان تبدأوا عهداً جديداً معي ، كما عليكم الانتظار والصبر قليلاً . وكذلك اوضح بايدن لفريدمان ان الشرق الاوسط لن يهدأ الى بالعودة الى الاتفاق النووي. وهذا بحد ذاته مؤشر يبعد شبح الحرب والمواجهة بين الطرفين .
ومن المعروف ان ايران دولة محترفة لا تتعامل بردود الافعال المنفعلة فهي تتقن الحفاظ على شعرت معاوية في السياسة وتتعامل ببرغماتية عالية مع المواقف الحساسة ، كما تتقن لعبة تبادل الادوار ، وهذا ما قامت به فعلا ً حينما صوت البرلمان على مقترح قرار رفع نسبة التخصيب الى 20% والعمل بمفاعل نطنز وبو شهر ، اعلنت الحكومة الايرانية معارضتها لقرار البرلمان مما ارسلت رسائل اطمئنان للعالم وحثهم على التعامل بجدية مع الحكومة الايرانية لحل عقدة العقوبات الامريكية .
هذه العوامل وغيرها تعكس للمتابع ان ايران لا ترغب بالحرب والمواجهة. كما ان امريكا لن تجازف ببدأ الصراع ، وان دول المنطقة باغلبها ترفض الحرب وتعترض على اي خطوة من هذا النوع تقوم بها الولايات المتحدة ، كل هذه العوامل مجتمعة تجعل ما قالته الصحف وبعض المتابعين لشأن الشرق الاوسط مجرد تكهنات ، وان الواقع يقول ان لا مواجهة لا في العراق ولا في المنطقة في القريب العاجل وان تهور اي طرف سيؤدي الى منزلق خطير لا تحمد عقباه.