18 ديسمبر، 2024 10:58 م

العراق لم يمت أبداً !؟!

العراق لم يمت أبداً !؟!

من بين ما سمعته وانا صغير ، حكاية تتغنى بصبر بدوي ، انتظر أكثر من عشرين عاما قبل ان يأخذ بثأر له من رجل اخر ، وبعد ان انتهى البدوي من مهمته الثأرية ، وقف وقال , كم انا مستعجل! وهذه العبارة الاخيرة، هي خلاصة ما يريد ناقلوا الحكاية ان يوصلوه ، وهو ان الثأر يبقى حيا مع الانسان ولن يموت الا بموته ! علاقة العراق اليوم بدول الجوار ، تحاصرها الثقافة البدوية تلك، ومن خلال قوى سياسية عملت على تعميمها وتعميقها ، ليس بالضرورة بقصد الاخذ بالثأر ، بل لتوظيف هذه الثقافة لتحقيق اهداف سياسية. فلا احد من العراقيين لا يعرف مقدار المشاكل مع معظم او جميع دول الجوار , ولو عدنا بالذاكرة الى مطلع القرن الماضي والى وقت قريب لوجدنا كما هائلا من المشاكل والخلافات العميقة وغير العميقة ، التي تحول بعضها الى حروب ودماء ومقاطعات وغيرها. لكن السؤال الكبير هو ، هل يبقى العراق وشعبه حبيس تلك الخلافات والمشاكل، وينتظر الفرصة او يصنعها لكي يأخذ بالثأر بعد كل عشرين او ثلاثين او خمسين عاما ، ليصفي خلافاته ؟ الكثير من الضباع ينتظرون ما ستسفر عنه المعركة التي يخوضها العراقيون لتحرير ( العراق ) من براثن الاحتلال الامريكي الايراني اللبناني والمليشيات المرتزقة من كافة دول العالم اليوم , ومعركة التحرير لن تكون سهلة لأن المتآمرين على العراق وأغلبهم من الداخل يضعون مصيرهم ومصير من يقف معهم ويؤيدهم ويساندهم ويدعمهم على حافة الحسم ! فالأمريكيون يجب أن يجدوا حلا للموقف في العراق وتسليمه جاهزا للرئيس القادم المقبل لامريكا بعد فوزه وضرورة اتخاذه القرار المناسب كي يبدأ التخطيط لبرنامج آخر يختلف كليا عن موقف سابقه ، والإيرانيون عليهم فك طلاسم حيرتهم والإعلان عن السبب الحقيقي لتواجدهم في العراق بعد إقتطاعهم لأربعين كيلومترا من العمق الحدودي البالغ أكثر من ١٢٠٠ كم والأتراك كذلك لا بد لهم من توضيح موقفهم على الأرض والكف عن إطلاق الأكاذيب المملة والخطابات المتكررة لأردوغان .. لماذا العراق أصلا ؟
ليست مدن ( العراق ) وحدها المهددة بوحدتها وتغيير ديموغرافيتها وقطع أجزاء من مساحتها الجغرافية كي تضم إلى مدن أو دول أخرى .. بل نجحت دول إقليمية وتحالفات وأحزاب داخلية أصلا من حسم هذا الموضوع والإنتهاء من تثبيت أطماع كبرى لدول متحالفة .. فالسعوديون يصولون ويجولون في مناطقهم الحدودية مع العراق والأردنيون اقتطعوا أجزاء كبيرة من حدودهم الشرقية بحجة تأمين الأراضي الأردنية ومطاردة الإرهابيين أما الكويتيون فقد لجأوا إلى قرارات مجلس الأمن فيما يخص رسم مناطقهم الحدودية مع العراق والسيطرة على منطقة غنية جدا بالنفط تسمى منطقة الحياد مع العراق والسعودية ، ضم الكويتيون أجزاءها الشمالية والشمالية الشرقية فقط أما مناطق حيادهم مع السعودية فما زال السعوديون هم أصحاب السلطة عليها !
إيران كما ذكرنا توغلت ٤٠ كيلومترا من رأس البيشة في أقصى جنوب البصرة وحتى كتف حصاروست ومثلث قنديل في أقصى شمال العراق وإعلانهم عن وجود قاعدة عسكرية في خانقين , الأتراك إحتلوا أجزاء مهمة في العراق وأعلنوا بلا مقدمات أنهم أوصياء على التركمان في تلعفر وكركوك والموصل .. ماذا سيبقى من الموصل بعد تحريرها ؟!
الأكراد لا ينتظرون أحدا لكي يؤشر لهم بالمناطق التي سيضمها الإقليم للدولة الكردية المؤجلة وبدأوا منذ بداية معركة تحرير الموصل ( الاخيرة ) بتأشير الحدود ووضع السواتر وهدم وتخريب القرى العربية وعدم السماح للنازحين منها بالعودة ، الأتراك ثبتوا أسس قواعدهم لمنع تواجد حزب العمال الكردي ( فرع تركيا !) من إقامة قواعد قد تستخدم مستقبلا لمهاجمة تركيا .. ويجري الحال على الإيرانيين وضرورة إنشاء قواعد وسطية بين تواجدهم في وسط العراق وجنوبه وبين شماله ثم إلى سوريا .. عشرات الدول الأخرى لابد لها من أخذ حصتها من ( كعكة ) العراق ولو بقضمة لكن الأهم هو ما الذي يقرره أبناء العراق في المستقبل القريب .. فالعراق موزائيك مثبت في هيكل الحضارة العراقية لا يقبل التفرد حتى في قرية من محافظة بلدنا العزيز ، فكيف سيكون الأمر إذا والعالم كله ينظر إلى دماء العراقيين وأموالهم وهي تنزف للتخلص من الإحتلال البغيض .. موعد التحرير قريب ، وحلقة الضباع تتهيأ لحروب قد تدوم مئات الأعوام للحصول على حصتها .. أمام العراقيين خيار واحد فقط هو التصدي لمشروع كبير وخطير جدا سيبدأ بتقسيم ( بلدي العراق ) وينتهي بتقسيم العراق إلى عشرات الدويلات المتناحرة ولا يبقى حينها للعراقيين غير التمر وكبة الموصل .. ولله الأمر.