17 نوفمبر، 2024 11:46 ص
Search
Close this search box.

العراق في قلب العاصفة الامريكية ـــ الايرانية

العراق في قلب العاصفة الامريكية ـــ الايرانية

الثالث من كانون الثاني 2020 م سيبقى هذا التاريخ في الذاكرة السياسية الإيرانية والأمريكية طويلاً؛ لأن ما بعد هذا التاريخ ليس كما قبله بين الدولتين. حيث ان نتائج عملية الاغتيال قد تستغرق فترة من الزمن ، ولكن الذي تعلمه جيداً الإدارة الأمريكية أن ما بعد تاريخ الاغتيال سينقل الصراع الأمريكي الإيراني من الحرب بالوكالة إلى المواجهة العلنية المباشرة.
وفي العراق، حيث بدأت كرة الثلج كرّتها، يتابع الساسة والمواطنون، تطورات الأحداث بين إيران والولايات المتحدة من جهة، والاحتجاجات الداخلية من جهة أخرى، وعين المتظاهرين الذين أعادوا الزخم لاحتجاجاتهم ، على ما يجري في البلد من فساد وانتهاك للمواطن العراقي على أرضه .
وعليه فالأزمة السياسية التي يعاني منها العراق منذ اول اكتوبر/ تشرين الاول وحتى الان والتي اطاحت بحكومة عبد المهدي ماتزال تفاعلاتها في استمرار بالمستوى التي جعلت البرلمان العراقي على شفا حفرة من الانهيار والحل مقابل الدعوة الى تشكيل حكومة مؤقتة تعمل على الاعداد لانتخابات مبكرة ربما ستشهد تنافسا قويا وشديدا بين احزاب السلطة والطامحين الجدد من المستقلين وغيرهم من النخبة السياسية. فقد كشفت بعض المعلومات الاستخباراتية عن الدور الامريكي الكبير في تحريك ساحات التظاهر في مناطق الوسط والجنوب، وحجم الدعم الخليجي الذي يتلقاه المتظاهرين والذي هو بدوره لا يخرج عن الشراكة في الدور الامريكي.
واما على الصعيد الامني فقد استغلت الولايات المتحدة الامريكية الاضطرابات السياسية والفوضى في العراق لتقوم بتوجيه ضربة عسكرية الى اللواء 45 حشد شعبي في محافظة الانبار ذهب ضحيته امر اللواء ومجموعة من المنتسبين في اللواء بدعوى مقتل احد الامريكان في قصف على قاعدة امريكية في كركوك، وفي خطوة تصعيدية للازمة توجهت حشود الفصائل المسلحة في الحشد الشعبي نحو السفارة الامريكية في موكب تشييع لشهداء الضربة الامريكية وقد اعلن المتظاهرون بانهم سيقومون باعتصام امام باب السفارة الامريكية  الا ان مفاوضات جرت بين الحكومة واطراف من الحشد انتهت بانسحاب المتظاهرين الذين جاء انسحابهم بعد احراق اجزاء من مبنى السفارة الامريكية، ورميها بالحجارة، ورمي القوات الامريكية المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع.
الى هنا يفترض ان الازمة اخذت تسير باتجاه التهدئة، الا انه في ليلة الثالث من يناير / كانون الثاني اقدمت الولايات المتحدة على تنفيذ عملية عسكرية استهدفت موكب الجنرال الايراني قاسم سليماني مع ابرز قيادات الحشد الشعبي المجاهد ابو مهدي المهندس بالاضافة الى مجموعة اخرى من مرافقيهم في محيط مطار بغداد الدولي وقد كانت لهذه الحادثة العديد من الدلالات المهمة، والتداعيات الخطيرة. ومن ابرز دلالالتها استخفاف الولايات المتحدة الامريكية بالسيادة العراقية بعد ان قامت بتنفيذ ضربتها العسكرية على الاراضي العراقية، وهو العمل الذي اعتبره العراق منافيا للقانون الدولي والعلاقات بين الدول، بل انه جاء مخالفا لتوجهات الدولة العراقية وموقفها الصريح من الازمة الامريكية ـــ الايرانية وان العراق يرفض رفضا قاطعا ان يكون منطلقا لاستهداف دول الجوار ومن جميع الاطراف.
واما اخطر تداعيات هذه العملية العسكرية الامريكية فانه وضع العراق والمنطقة على ابواب حرب عالمية ثالثة، اذ تصاعدت التهديدات من اكثر من جهة في الاقليم تتوعد الوجود الامريكي وحلفاءه اضافة الى اسرائيل بانها ستكون اهدافا للرد على هذه الجريمة. وبالرغم من الجهود التي بذلتها العديد من دول المنطقة والعالم من اجل انتزاع فتيل الازمة وعدم السماح للامور بالانفلات والانزلاق نحو الحرب والى الدرجة التي اعترض بعض النواب الامريكيين على قرار ترامب بتوجيه الضربة العسكرية معلنين بان سياسته تقود الولايات المتحدة الامريكية الى حرب هي غير مستعدة لها، اضافة الى انها تشكل تهديدا الى جميع حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وقد جاء هذا الاعتراض صائبا ودقيقا وشكل تشخيصا لتداعياتها اذ اتخذ البرلمان العراقي قرارا بالاستغناء عن خدمات قوات التحالف في العراق ومطالبا لها بالخروج، اضافة الى اعلان رئيس الحكومة المستقيل عبد المهدي بان الوجود الامريكي في العراق بات يشكل خطرا وتهديدا.
في يوم 8/ كانون الثاني جاء الرد الايراني على اغتيال الجنرال قاسم سليماني ليكشف ان العراق ما يزال في وسط العاصفة الامريكية ـــ الايرانية وان خرق السيادة العراقية من الامريكان شكل مدخلا لحصول خرق اخر من قبل القوات الايرانيه عندما قامت بتوجيه صواريخها الى القواعد الامريكية في الانبار واربيل وهي العملية التي اعتبرتها صفعة الى الولايات المتحدة الامريكية، الا ان الواقع ان العراق هو من تلقى الصفعة ايضا من طرفي الازمة.
ان استمرار الفوضى السياسية والامنية في العراق، واختراق السيادة العراقية، فضلا عن عدم حسم الازمة السياسية الناتجة عن استقالة الحكومة العراقية يجعل من العراق بيئة امنة وملاذا خصبا الى التنظيمات الارهابية التي ترزح تحت ضربات الجيش السوري وحلفاءه، ومن هنا يمكن ان نطرح السؤال التالي..
هل هناك ارادة أمريكية لاعادة سيناريو 2014 وظهور داعش جديد ولكن بملامح محافظات الوسط والجنوب؟

أحدث المقالات