علــى أبــواب كل انتخابــات عامــة فــي العراق يغــرق الشارع بالحملات الانتخابية التي تخوضها الأحـزاب السياسـية والمرشحين المســتقلين بوفرة هائلــة مــن البرامــج الانتخابيــة الخالية من الحرص والإيمان والجدية في العمل ، تتشابه فــي المضمــون وفــي الصياغـة ويمكن وصفهـا بالانشـائية المتكررة اكثر ولا جديد فيها و عملية دون ضوابط واخلاقيات مقنعة، حيـث تمد لـك بكـم هائـل مـن الوعـود التــي لـم يتــم تنفيذ أي منها في المراحل السابقة أو التـي لا يمكــن تنفيذها كونهــا بعيــدة كل البعــد عــن الواقــع، وأقـل مـا يقـال عنهـا بأنهـا فـي أحيـان كثيـرة تبـدو كأنهـا خطــب كتل انتخابية في مكان آخر من الكوكب لأنها لا تتطابق مع الواقع العراقي في شي.
البرنامج الانتخابي هي جزء من الوسيلة ‘ والاستشراف للنجاح في إدارة الملفات، وفي تعريف الجمهور بطبيعة الموجهات السياسية التي يمكن خلالها الاختيار، عبر مقاربة الواقع، ومعالجة مشكلاته، وعبر رؤية أبعد ما يمكن تحقيقه في المستقبل، وهذا ماينبغي أن يكون حاضرا وفاعلا، مثلما هو رهان على استعداد هذا المرشح أو ذاك للممارسة السياسية خلال الدورة الانتخابية المقبلة، وعلى أن يساعد الجمهور في التعاطي مع افكاره، ومع برنامجه الانتخابي، وجديته في المنافسة مع الاخرين، وفي اعادة الثقة بالممارسة الديمقراطية من جانب، والانتخابات ومؤسساتها من جانب آخر، لاسيما وسط اجواء تحتاج إلى جرعات انعاش كبيرة لكي يكون السياسي أكثر استعدادا للتغيير، والتحول، ولمواجهة مظاهر الفساد والتردي وضعف إدارة العديد من الملفات والمشاريع السياسية والاقتصادية والصحية والتعليمية والخدماتية ‘. أن حالة الاغتراب الانتخابي في العراق أدت الى ضعف المشاركة السياسية وقلة المنتمين الى احزاب او تيارات سياسية، وعدم الوعي بأهمية امتلاك بطاقة انتخابية والانخراط في الحياة السياسية. وعدم الثقة في صدق الشعارات والوعود التي تتضمنها الدعاية الانتخابية، ما يعكس ضعف الاستقطاب السياسي عبر الدعاية الانتخابية، ويغلب عليهم التشاؤم في إيجاد حل ومخرج للأزمات السياسية، الاجتماعية والاقتصادية مع هيمنة الوجوه المتكررة وضعف المرشحين الجدد وغير معروفين و لم تظهر إلى الآن شخصية سياسية أو حزب سياسي يستطيع من كسر الروتين الذي خيم على شخوص المنتخبة السابقة وعجزها عن العطاء والارتباط بمصالحهم فقط و صراعاتهم التي أدت إلى تقليل شعبيتهم ونفور الناس من حولهم ،
ما يؤثر على اتجاه الناخبين بالسلب نحو المشاركة السياسية و قلة الرغبة في التصويت لعدم جدوى هذه المشاركة في إحداث تأثير في مجرى الأحداث السياسية، نظراً لسيطرة التكتلات والتحالفات السياسية وبالتالي ضعف القدرة السياسية والشعور بفراغ سياسي لعدم وضوح البرامج الانتخابية نتيجة افتقار المضمون السياسي، ما يعكس الشعور بالتهميش والإحباط نحو القدرة على إحداث تغيير حقيقي على أرض الواقع.
يجب ان يدرك معد البرنامج الانتخابي بـأن البرنامـج هـو نتيجـة تطورات يعيشه البلـد نتيجـة احتياجات وهواجس لـدى المواطنيـن و ليـس مجـرد تكـرار لوعـود لـم يتـم تنفيذهـا المراحل السابقة، وان يكون عمــل استراتيجي يلتزم بهــا الحـزب أمــام ناخبيــه، و خاصــة حيــن يتوفــر لــه التواجــد فــي السـلطة التنفيذيـة وفــي مؤسسـات الدولـة كافـة والتأثير الفعـل و المباشـر للبرنامـج الانتخابـي علـى النتائـج، ويحمل فكـرة المحاسـبة علـى مـا تضمنـه ُ البرنامـج فـي انتخابـات سـابقة، ولم ينفذ منه ومقارنـة مـا تضمنـه ومـا تـم تنفيـذه كمـا هـو الحـال فـي العديـد مـن الـدول،
يجب أن يتضمن أي برنامج انتخابي رؤية واضحة للمستقبل وبخطط عمل مستقبلية يقدمها المرشحون أو الأحزاب السياسية للناخبين وبأهدافًا محددة وقابلة للقياس وتوجيه خيارات الناخبين وتحديد أولوياتهم في التصويت، وأن يوضح البرنامج ما الذي يهدف المرشح لتحقيقه إذا تم انتخابه، وكيف ستتحسن حياة الناس في وجودة المنتخب بين الناس على أن تكون الرؤية طموحة وواقعية، وقابلة للتحقيق و تعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك النظام الانتخابي المتبع، ونوعية المرشحين، وأهداف الحملة الانتخابية. و هناك العناصر المشتركة في البعض من الاحيان والتي يجب أن تتضمنها أي برنامج انتخابي فعال ،ان للبرامـج الانتخابيـة تأثيـرات مباشـرة أو غيـر مباشـرة علـى ً نتائـج الانتخابـات، نظـر الـدور الـذي تلعبـه لـدى الكتلـة الناخبــة، حيــث يلعــب البرنامــج الانتخابــي فــي الــدول ً المترســخة فــي العمليــة الديمقراطيــة دورا ً حاســما فـي توجيـه لخيـارات الناخبيـن بالاقتـراع إلـى حـزب مـا أو عدمــه. كما أن أي برنامــج انتخابــي أن يعمــل علــى مقاربــة تحليليـة للناخبيـن، تقـوم علـى وضـع أسـئلة والاجابـة عنهـا ويجـب التأكيـد علــى أنه قـد يكون هناك تقصير في الحملات الانتخابية القادمة والتي يتوقع اجرائها في الأشهر القادمة من المعلوم بــأن اهتمامات الناخبين غيــر مستقرة بالكامـل فهنـاك مواضيــع وعناويـن قـد تكـون غيـر متغيـرة وراسـخة فـي مفهـوم الكتلــة الناخبــة و المعطيات خلف الكواليس تشير إلى أن هناك متغيرات أكثر خطورة في انسياب المال السياسي في رسم الخارطة الانتخابية قد تربك المشهد القادم.