اكتب لكم هذا المقال بعد ان قمت باستقراء للوضع العراقي مرات عدة .. العراق يمر بمرحلة خطيرة جداً في تأريخه و قد يكون خطر هذه الفترة اشد من خطر الاعوام المحصورة ما بين عامي 2005 / 2008 لما لها من تداعيات على وحدة العراق ارضا و شعباً و ذلك بسبب السياسة التي يتبعها المالكي و التي خلقت اعداء جدد للعراق بدل من ان يقوم بكسب الكثيرين لانجاح مسيرته السياسية و إخراج العراق من دوامة الخطر واخرها تصريحات مسعود البارازاني لاعلان دولة الكورد المستقلة و الضغط على الحكومة من خلال هذه التصريحات و التلميحات و ايضا لجوء اهل السنة الى خيار الاقليم السني الذي بحد ذاته سيخلق صراعا طائفيا لا ينتهي و خصوصا وجود الامامين العسكريين في سامراء السنية .
اخطاء المالكي تكاثرت و اثبت انه ليس لديه الذكاء السياسي الذي يجب ان يمتلكه من يتسلم زمام الامور في منصب رئاسة الوزراء .
بعد ان تسلم المالكي رئاسة الوزراء في عام 2006 تمكن من كسب العشائر و المحافظات السنية و الاثبات انه تمكن من اقناعهم و ادخالهم للعملية السياسية بعد ان كانو رافضين لها فشكل منهم الصحوات التي حاربت الى جانبه ضد تنظيم القاعدة و بالفعل تم تطهير اغلب هذه المحافظات من تنظيم القاعدة و ايضا استخدم سياسة صحيحة عندما تم ضرب معاقل جيش المهدي بعمليات عدة ابرزها صولة الفرسان و هذا بحد ذاته يطمئن السنة وممثليها في البرلمان و الحكومة لكن سرعان ما تلاشت هذه الامور من سياسات المالكي واعتمد الى تغييبهم و اقصائهم وتسقيطهم سياسيا واعلاميا و ايضا اعتماده على قيادات فاشلة من اجل حفظ الامن في كل المناطق التي تخضع للحكومة المركزية و اثبت هؤلاء القادة فشلهم الذريع في هذا الملف و الذي يعتبر اهم ملف في اولويات اي دولة تريد النهوض و مواكبة الدول النامية و المتطورة ولكن المالكي لم يكن يحاسب هؤلاء القادة لاعتبارات شخصية و طائفية بعيدة كل البعد عن المهنية و الوطنية و المسؤولية التي تقع على عاتقه باعتباره القائد العام للقوات المسلحة فمر العراق بايام الاسبوع الدامية التي راح ضحيتها الآلاف من العراقيين وكانت مقولاته الشهيرة بعد كل موجة تفجيرات تهز العراق (( فلول القاعدة و البعثيين و التكفيريين )) و كأن العراقي لم يكن يعلم ان الذين ذكرهم هم العدو الابرز للشعب العراقي
المالكي لا يملك المفهوم السياسي ابدا و لجأ الى لغة التهديد و الوعيد من دون جدوى و اعتمد المالكي على مستشاريه في قراراته التي ترتبط بمصير الوطن و لجأ ايضا الى العزف على الوتر الطائفي لانه يعلم ان هذا هو الحل الوحيد لبقائه فترة اطول على كرسي الحكم .
المالكي اثبت انه ليس رجل سياسي و ليس لديه حلولا دبلوماسية بعد ان خسر جميع الاتجاهات عدا ايران التي تدفع به الى حرب طائفية فالتصريحات الاخيرة التي اطلقها المالكي ضد الاقليم االكوردي و رئيسه مسعود بارازاني اثبت ان المالكي ليس برجل سياسي لانه صنع بدل العدو الواحد عدوا اخر و كان عليه ان يكسب الكورد ليكونو له سندا في قادم الايام
المالكي جعل من الجيش اداة قمع و تخويف وكأن الجيش هو ملك له فقبل الانتخابات تم تخويف الاجهزة الامنية الخاصة و التابعة لمكتبه و بعض الفرق العسكرية ان المالكي اذا لم يفز بالانتخابات سيكون مصيركم الطرد من الوظيفة و جاءت هذه الاشاعات على لسان اشخاص تابعين لمكتبه و المستفيدين من بقائه على سدة الحكم كما قالها احد التابعين له عباس البياتي ان خروج المالكي من السلطة يخلق تصدعا في صفوف الجيش العراق وكأن الجيس وجد حصرا للمالكي و زمرته .
و اتطرق اخيرا الى الازمة الحالية وهي وجود داعش في محافظة نينوى لحد الان بعد شهر من احتلالها من دون اي مقاومة تذكر او اي محاولة جدية لاستعادة هذه المحافظة و الذي بدوره يطرح العديد من علامات الاستفهام لماذا لم يكن هناك تحرك جدي لتحرير الموصل بعد شهر كامل من سقوطها بيد داعش ؟؟؟
هذه الازمة لم تكن وليدة اليوم لانها بدأت منذ ان اعلنت العشائر الغربية تظاهراتها بسبب السياسات التهميشية التي تتبعها الحكومة ضد هذه المناطق فكان الاجدر بالمالكي ان يستمع لهم و يتناقش معهم على المطالب التي يمكن تحقيقها و المطالب التي من واجب البرلمان النظر و البت بها و المطالب التي لا يمكن تنفيذها لانها تخالف الدستور و القانون لكان الحال افظل بدل ان يقوم بتهديدهم و استفزازهم عندما قال (( انهوها قبل ان تنهوا )) و يقصد المظاهرات و ايضا قوله (( انها فقاعات )) و عمد ايضا الى تكليف قيادات طائفية تمسك بالملف الامني في الموصل فكان المواطن الموصلي يعاني من وجود الجيش في مناطقه لان تعامل الجيش و القوات الحكومية مبنى على نهج طائفي وهذا ما دفع اهل الموصل الى الترحيب بداعش تحت شعار (( الي شاف الموت يرضى بالصخونة )) و ايضا تم الترحيب بهم نكاية بالمالكي .
حان الان و الاوان ان يغادر المالكي سدة الحكم و يترك المجال لغيره لان وجوده هو بحد ذاته مشكلة تتفاقم يوما بعد يوم ناهيك عن اخطائه و عدم درايته بامور السياسة.