23 ديسمبر، 2024 10:11 ص

العراق في المقدمة : المنــــطقة الغير مســــــموح

العراق في المقدمة : المنــــطقة الغير مســــــموح

فيها بناء الدولة الحقيقية
* وقفة استذكارية
عندما نراجع الاحداث التأريخية نرى وبعد التغيير الذي حصل في العراق في 14 تموز1958 ‘ بغض النظر عن نيات الذين قادوا التغيير فتح هذا الحدث الباب امام القوى الغربية ذات الاهداف الاستعمارية في المنطقة تاريخياً ليستغلوا الواقع المؤلم الذي خلقه ذلك التغيير حيث وصل الصراع الى (السحل) في الشوارع ‘ بعد ان كان الوضع في العراق ومنذ اواخر الثلاثينيات من القرن الماضي في مرحلة الاستقرار الحقيقي. كانت اسس بناء الدولة قد و صل الى مرحلة النضوج على اسس الوحده الوطنيه بحيث ان العراقيين كانوا يتوجهون لبناء دولتهم بالروح الوطنية لكل منهم شعور وفهم لمعنى الحقوق والواجبات في تلك الدولة ‘ولكن الفوضى الذي خلقه التغيير والذي يبدو لم يكن له برنامج للبناء او اكمال بناء الدوله حيث اصبحت الانقلابات والصراعات بديلا لذلك ومن ذلك الوقت اصبح العراق باب مفتوح امام الفوضى نرى ثمارها الان مع الاسف .
**
(بعيدا عن الاعتماد على عقدة المؤامرة و فكرة لعبة الامم ظاهرتين مخيفتين يروج لها مصادر الاعلامية والمعلوماتية داخل مجتمعاتنا
والهدف منهما معروف : ليبقى في الشرق صراع مفتوح على اساس عدم السماح بالتفاهمات الاثنية وتعميق انعدام الثقة ثم يكون للغرب طريق مفتوح لتحقيق هدف الهيمنة على الشرق عموماً والاسلامي منها على وجه الخصوص ‘من هنا عليهم ان ينشروا حالات استثنائية مسدامة بين الناس في عمق المناطق المستهدفة …. نقول بعيدا عن الاعتماد على تلك العقدة نرى ان قراءة حال الوضع بدقة تدفعنا إلى القول ، أنه لا ظلم يفوق الظلم الذي ألحقه بنا الغرب عموماً والإدارات الأمريكية المتعاقبة ما بعد الحرب الكوني الثاني ، خصوصاَ ومن خلال أدواته الشرسة . وفي مقدمة هذه الأدوات نفاق تحت عنوان حقوق الإنسان بالمفرد كما وصفه أحدهم ، والذي دفع في بعض بلداننا وتحت عنوان (المجتمعات المدنية ! ) لهم عشرات الدكاكين والوكالات للدفاع عن حقوق الإنسان حيث بعيد كل البعد عن مثيلاتها في الدول الغربية والمتفرغه للعمل من اجل استقرار المجتمع اما هنافي الشرق ‘ فأنهم يشجعونهم ليكونوا دكاكين ضمن الصراعات السياسية كما يفعلون في مصر وكثير من بلدان المنطقه .
ولدى الغرب عندما يتربص بنا ، اذ لا حقوق للشعوب بالجمع كما تؤكد كل تصرفاتهم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية في تعاملها معنا ، ويخطط وينفذ كل ما هو ضد إرادة هذه الشعوب التي يريدها أن تبقى عبدة الأوثان الدينية وليس رسالة الدين ( كرسالة الحضارة وبناء المستقبل المتطور لصالحهم ) ولا تريد أن ترى قد تحررت من جهلها وتخلفها وفقرها وهو مطمئن أنه مع بقاء ظاهرتي ( الجهل والتخلف ) يدخلنا بمعارك نخسرها وهو يجني المكاسب من وراء تلك الخسارة ؛ لأن الغرب المنافق والكذاب مهمته في الأساس في تعاملها معنا ينفذ تخطيط توريطنا في المعارك من خلال دفعنا لاختيار نوع المعركة بطريقة خاطئة وفي مواقع خاطئة أيضاً ، وما وصلت إليها نتائج الانتفاضات في مصر وليبيا واليمن وسوريا ، وبعد غزو العراق يؤكد
هذه الحقيقة ، أن الغرب وبقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لا يستهدفون بناء الدولة كما يزعمون هم أو من يتعاون معهم ، بل يعملون لتعميم نموذج الفوضى في العراق على أكثر من بلد من بلدان المنطقة ، لذلك تراهم يلعبون على تناقضات الطائفية والعرقية في تلك البلدان .وهم يعملون على هذا الهدف بدقة ‘ فكارثة ظهور ( داعش ) ليس صنيعة مباشرة للغرب ولكن من افرازات تصرفاتهم في المنطقة وهم يستغلونها وحسب كل مرحلة ومتطلبات استراجياتهم الاني والمستقبلي ‘وهناك عشرات الامثلة تؤكد انهم يتركون ان تتعمق المشاكل في المنطقه ليستغلوا الوقت المناسب . فمثلاً قبل عام نشر خبر كان مفاده .. انه : كشف مسؤول عسكري أمريكي رفيع المستوى : أن لتنظيم الدولة معسكرات تدريب في شرق ليبيا ، مشيراً إلى أن هذه المعسكرات قيد المراقبة ، وقال الجنرال ديفيد رودريغيز قائد القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا ، في تصريح للصحفيين : إن تنظيم “داعش” لديه معسكرات تدريب في المناطق الواقعة شرقي ليبيا ، وأن الجيش الأميركي يراقب هذه المعسكرات عن كثب ، وأضاف أنه لم يتضح بعد مدى ارتباط المتدربين بتنظيم الدولة أو ما إذا كان يتعين على القوات الأميركية استهداف هذا النشاط …!! ، مضيفاً أنه لم يصدر توصيات للقوات الأميركية أو القوة الجوية بملاحقة معسكرات التدريب في الوقت الراهن …!! ، وأوضح ( نتابع الأمر بدقة بالغة لنرى كيف يتطور..فكان هذه مقدمة لنقل بذرة ظهور داعش الى المواقع الاحتياطية عندما يشعر الغرب بتاثير توسيع ظاهرة الداعشية هنا على ستراجيتهم المستقبلية ‘ ومايحدت في شمال افريقه الان من ظاهرة الانتقال واشتداد مطاردتهم هنا في الشرق الاوسط دليل على ذلك
ومثال اخر : أشرنا في أحد المواضيع باستغراب إلى ظهور ما سمي بالقراصنة الصوماليين في المياه المحيطة بشرق قارة أفريقيا قبل أكثر من عامين . وكنا نسمع من خلال الأخبار أن هؤلاء القراصنة كلما يسيطرون على أي سفينة ( والغريب أن أكثرها محملة بالبضائع التجارية ) من مختلف الدول عدا الأمريكية ؟ وأشرنا أن هذه الظاهرة تجعلنا نضع علامات الشك والاستفهام على أن القوى العظمى لها يد خفية في تشجيع القرصنة والمافيا أينما يكون ذلك مطلوباَ ، لضمان تنفيذ أجندات خاصة بمصالحهم في أية منطقة من العالم ، على أن تكون مافيا الإرهاب مصانة من قبلهم ومن خلال أيادي خفية ، وإشارتنا جاءت بعد مشاهدة برنامج في إحدى الفضائيات عن علاقة القوى المتنفذة والمسيطرة على الوضع العالمي وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية من خلال الدعم الخفي لكل أنواع المافيات المؤثرة على مسار الاقتصاد لتكون في أمان ومشمولة بثوابت نهج الهيمنة لديهم .
مرة اخرى لا ننطلق من خلال الاعتماد على ظاهرة ( عقدة التآمر ) لنقول أن كل ذلك يحصل من صنع الغرب وبقيادة أمريكا ، ولكن نقول وبثقة أن كل سيء يحصل في هذه المنطقة هو من إفرازات تصرفات الغرب والإدارة الأمريكية ومن يتعاون معهم لبقاء هيمنتهم على مقدرات الأرض وأهل هذه المنطقة حيث كانوا مصممين على عدم السماح بنهضة الإرادات الوطنية ، وتلك التصرفات تصنع حواضن لكل الظواهر السيئة ، وفي المقدمة الإرهاب ما يسمى بـ( الجهاديين)
ان لوجود الكم الهائل من القوات والأساطيل الأمريكية وأسراب من طائرات من دون طيار وعشرات المراصد الاستخبارية والمخابراتية في المنطقة وتحت عنوان ضمان الأمن واستقراره ، وبعضهم يصورون المواكب والقوافل الطويلة ( الداعشية ) يدفع المرء ليتسائل : إذاً ماذا كان تنتظر هذه القوات الضخمة لكي تنتقض على هذه البؤر
الإرهابية لمنع توسعها ؟ هل ينتظرون دخولهم إلى عواصم حلفاءهم وبعد ذلك ينقضون عليهم ؟ من هنا ، التحليل الصحيح لما يحصل في المنطقة عموماً والعراق خصوصاَ هو القول أن الولايات المتحدة الأمريكية في المقدمة وبمباركة حلفائها الغربيون تخطط لعدم تمكين العراق بعد الاحتلال وكذلك الدول التي تحولت ربيع إنتفاضات شعوبهم إلى جحيم وإباحة سفك الدماء من إعادة بناء دولهم بمعنى الدولة ذات الإرادة الوطنية والمنسجمة مع وحدة الأرض ومشروع مفهوم المواطنة المنتمي إلى تلك الأرض ، وهي تسير باتجاه بناء معاكس تماماً لهذا الهدف ‘ ذلك أن ترك مرحلة نمو داعش كان ضرورية لتخطيط بدقة لاجل اعادة بناء دولة الوكالة …! ، وأن هذه الكيانات الجديدة التي تبغي أميركا تأسيسها ليست بالضرورة أن تكون في محيط الإرادة الأمريكية المباشرة ‘ ولكن يكفي أن تحقق مرادها الاستراتيجي على أرض الصراع الراهن ، بمعنى آخر تعويق إعادة بناء الدولة الوطنية المنشودة للعراق ولشعوب المنطقة.