23 ديسمبر، 2024 5:48 م

في ظل مشهد سياسي وأمني متفجر، ومنحدر نحو فوضى الحرب الأهلية الطائفية، بسبب تخبط العملية السياسية وصراعاتها على المناصب والمكاسب، يعيش العراقيون أسوء أيامهم في التاريخ، مع ظهور الفتنة الطائفية وسيطرة المليشيات المسلحة على أهم مفاصل الحكومة الحساسة، وقد أظهرت قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي المفبركة طائفيا، لتشعل فتيل الفوضى داخل الحكومة والأحزاب المتنفذة في السلطة بنفس طائفي واضح، واتخاذ حكومة المالكي قرارات تؤكد هذا النفس المقيت فأصدرت قرار إلقاء القبض على الهاشمي وحماياته بتهمة الإرهاب ومادته سيف الطائفية (4إرهاب) وإقالة صالح المطلك وإنسحاب وزراء العراقية وأعضاءها في مجلس النواب، وتهديد رئيس الوزراء بفتح ملفات أخرى للإرهاب تطال رئيس مجلس النواب ووزير المالية وهما القياديان البارزان في القائمة العراقية ليكتمل المشهد الاقصائي للقائمة على نحو طائفي واضح، رافقه مظاهرات طائفية في بعض المحافظات قادها الحزب الحاكم تطالب بإعدام الهاشمي، وإعتكاف رئيس الجمهورية جلال الطالباني في منتجعه في السليمانية ورفضه الذهاب إلى بغداد (حتى يتم تغيير المالكي) وتصاعد الأزمة هذه بسبب رفض البرزاني والطالباني تسليم الهاشمي للقضاء في بغداد، وهكذا انفلت الوضع الأمني بشكل غير مسبوق واجتاحت بغداد وذي قار وغيرها تفجيرات دامية راح ضحيتها المئات من أبرياء العراق، وما زالت أزمة الهاشمي تتفاعل نحو الأسوء نتيجة إصرار الحكومة على تعقيد الأوضاع وتدخلات إيرانية واضحة تساعد في هذا الجو الملتهب وتزيد من إشعاله لغاية في نفس يعقوب (تصريحات إيرانية وقحة وتدخل في شؤون العراق في هذه الأزمة بالذات) وظهور صور لشخصيات دينية كبيرة في البصرة وبغداد تؤكد قوة النفوذ الإيراني وتحكمه في القرار العراقي ومحاولته صب الزيت على نار الفتنة الطائفية وتفجير الوضع الأمني الداخلي في محافظات العراق لأهداف معروفة إضافة إلى كل هذا هناك توتر شديد في المحافظات الأخرى المطالبة بالأقاليم نتيجة إقصاء وتهميش الحكومة لها، من اعتقالات بالجملة وغلق الأحياء بشكل كامل وتحويلها إلى سجن حقيقي من قبل قيادات العمليات العسكرية التي تتعامل مع المواطن بنفس طائفي واضح، فمثلا في محافظة نينوى أقامت السيطرات حلقات للطم ورفع لافتات استفزازية طائفية ومكبرات الصوت على طول النهار والليل تطلق الشعارات والاحتفالات الدينية، في شوارع المدن وقصباتها وبأسلوب استفزازي مقصود، ما نريد قوله هنا أن الجيش غير مهني وغير حيادي ويعمل بأسلوب طائفي بعيد عن واجباته العسكرية الصحيحة إذن الأسلوب الذي تريده الحكومة بكل مفاصلها أسلوب طائفي يزيد الأوضاع توترا وتعقيدا، ويفضي إلى صراعات لا يريدها الشعب وفي ظل هكذا أجواء مشحونة طائفيا وارتباك حكومي في إدارة أزماته وإصراره على افتعالها نكون قد وصلنا إلى فوضى الحرب الأهلية الطائفية، بالرغم من قيام أطراف التحالف الكردستاني وأطراف أخرى دولية بتطويق الأزمة، وإيجاد الحلول لها تدخلات  إدارة أوباما وتدخلات أردوغان إلا أن الأفق السياسي ما زال ملتبسا وسائرا نحو الانفجار والانهيار معا.. وما يؤكد هذا ظهور صراعات أخرى جديدة وهي دخول عصائب أهل الحق إلى العملية السياسية مع رفض قاطع من التيار الصدري، لهذا العمل، وإعلان رئيس التيار الصدري رفضه القاطع بعد أن وصفهم بـ(القتلة والمأجورين ولم يراعوا حقوق الله في دماء العراقيين)، وتفاعل هذا الصراع بينهما إلى اشتباكات في أكثر من مكان من بغداد، مع تصاعد التصريحات من المراجع الدينية التي تدين إدخال عصائب أهل الحق إلى العملية السياسية وتحذرها من عواقب عصائب أهل الحق وإشعالهم الفتنة الطائفية من جديد بعد وصفهم بقتل العراقيين وإعادة العراق إلى المربع الطائفي الأول لكونهم السبب الرئيسي في إشعال الفتنة بعد تفجير مرقد الإمامين (ع) ،فبعد هذا كله أليس من حقنا أن ننبه من حصول الكارثة وعودة العراق إلى أيام الحرب الطائفية الأهلية، بعد أن توضحت الصورة كاملة أمام الرأي العام العراقي والعالمي، بان حكومة المالكي هي حكومة أزمات وعليه المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة أصبحت ضرورة ملحة تتطلبها المرحلة الحرجة، لتجنب الحرب الأهلية وبغيرها فنحن ذاهبون اليها بأرجلنا مكرهين ،وحفظ الله العراق وأهله، من شر الأشرار وأهله.
[email protected]