23 ديسمبر، 2024 9:35 م

العراق…غياب الإعلام الدولي في ظل حملات شرسة ضده!

العراق…غياب الإعلام الدولي في ظل حملات شرسة ضده!

رغم الاهمية الكبرى له؛ وفي ظل الحملات الخارجية الشرسة عليه، يعاني العراق من قضية غياب منضومة إعلام خارجية، حيث أن الإعلام الخارجية للدولة العراقية اليوم من القضايا المهملة، ويجب وبسرعة أن توليها القيادات في العراق وخاصة المتصدين للإعلام في العراق مزيدًا من الاهتمام لما لها من تأثير في تكوين صورة العراق في ذهنية الآخر ولا بد من الاعتراف أن التقصير في التعاطي معها بشكل صحيح ساهم في تشويه صورة العراق لدى كثير من الدول ومنها الدول العربية، خاصة بعد تصاعد العمليات الإرهابية ومحاولة تشويه العملية السياسية بعد العام 2003، بالتأكيد هناك أسباب وهي قيام عناصر معادية للعراق علناً سواء كانت قوى محلية أو دولًا تخطط وتنفيذ لتشويه صورة العراق، لكن المؤسف أن تلك التحركات لم ترتق في كثير من الأحيان في المقابل سوى إلى مستوى رد الفعل فقط، حيث لطالما تقوم الحكومة باصدار بيان أو اجراء مؤتمر صحفي أو تخصيص حلقة لبرنامج حواري في شبكة الإعلام العراقي.
إن التشويه المستمر للعراق من قبل الإعلام؛ برأيي أثرَ بشكل كبير في تكوين هذه الصورة السيئة كعراقيين، كما أن شركات العلاقات العامة Public Relation المتخصصة في تشكيل وتوجيه الرأى العام في الدول الغربية ساهمت أيضاً في الأساءة للعراق، فمن المعروف أن هذه الشركات تحصل على أموال طائلة من تنظيمات إرهابية وحتى تنظيمات سياسية عراقية مشاركة في العملية السياسية؛ أضافةً إلى دول معادية للعراق الجديد مقابل رسم صورة سيئة عن العراق.
اذا حان الوقت الآن لمواجهة هذه الحملات الشرسة المستمرة، وترك رد الفعل دون الفعل في المواجهة أو على أساليب عفا عليها الزمن في إدارة الإعلام الخارجي وهي غير مناسبة في المعركة الحالية، لان وظيفة الإعلام الخارجي أخطر وأكثر تعقيداً بكثير من وظيفة الإعلام الداخلي المتمثل في وسائل الإعلام التقليدية كالصحف والتلفزيون والإذاعة، وحتى الإعلام الجديد المتمثل في الجرائد الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، لانها في الغالب تصدر باللغة العربية ويخاطب القارئ العراقي، وبالتالي تأثير هذا النوع من الإعلام محدود جدًا في مخاطبة الآخر، وحتى تأسيس القنوات الموجهة بالغات الأجنبية برأيي هي محدودة التأثير كما انها مكلفة وغير مجدية.
وحينما نتكلم عن الإعلام الخارجي نعني ضرورة تأسيس مكاتب إعلامية في الخارج، ويتم ربطها بوزارة الخارجية، لان الإعلام الخارجي في العراق مغيب أو يعالج بطرق بدائية ربما تثير سخرية الكثير، ورغم وجود ملحقيات ثقافية عراقية في بعض السفارات العراقية مرتبطة بوزارة التعليم العالي الا أنها ضعيفة، ولو كان لها دور فاعل وتدار بطرق علمية ما حدث تشويه لصورة العراق في الخارج كما يحدث الآن، حيث لا تعدو المكاتب الإعلامية إلا مجرد مكاتب خدمية أو تسهيلات ملحقة بالبعثات الدبلوماسية بالخارج تراجع الصحف المحلية والأجنبية وتستقبل البعثات الرسمية، وخلال سفري إلى عدد من الدول خلال عملي في قناة العراقية لم اجد مستشارً إعلامياً يمارس دوره، من هنا جاء فشل الإعلام الخارجي بل واساء لنا كعراقيين.
أذا على الدولة العراقية التحرك لتأسيس إعلام عراقي خارجي على أساس مهني، وبرأيي فمن الضروري تولي رئاسة المكتب الإعلامي بالخارج دبلوماسي له خبرة في مجال الإعلام والرأى العام، أو يتولاه إعلامي أو صحفي من أصحاب الخبرات في الاتصال الجماهيري وكيفية مخاطبة الآخر، كما يمتلك خبرة في مجال العلاقات العامة ويلحق بوزارة الخارجية وتكون مهمته الاساسية هي رصد ورد ما يصدر في الدولة التي توجد بها السفارة العراقية.
وهنا نؤكد على أنه يجب أن تمد الحكومة العراقية المكتب الإعلامي بكل ما يحتاجه من عناصر بشرية ومادية وتقنيات حديثة تساعده على أداء وظيفته في تفنيد ومواجهة الحملات المشوهة لصورة العراق بالخارج، وتكون له قنوات اتصال مباشرة مع مراكز صنع القرار في الدولة الموجود بها، ومراكز تشكيل الرأى العام مثل الصحافة والإعلام، وله علاقات مؤثرة بعناصر توجيه الرأى مثل المفكرين والكتاب والساسة والإعلاميين والأدباء والفنانين، ويؤدى المكتب الإعلامي دورًا مهمًا في تفعيل روابط وجمعيات الجالية العراقية بشكل يجعلها تساهم في قطع الطريق على شركات العلاقات العامة المؤجرة لتشويه صورة العراق وتعظم من دور الفعاليات العراقية بالخارج مثل المعارض والندوات والمشاركات العراقية في المؤتمرات العلمية، هذا إضافة إلى الزيارات الرسمية، وأخيراً قد ننجح إعلامياً في مخاطبة أنفسنا بالداخل لكن هذا لا معنى له طالما نفشل في مخاطبة الآخر بالخارج، ومن ثم ستبقى صورة العراق سلببية!.