23 ديسمبر، 2024 4:40 ص

العراق على كف عفريت

العراق على كف عفريت

العراق وقلبه العاصمة بغداد يتعرض الى هجمة مزدوجة على عدة مستويات يسعى الخصوم من خلالها الى حشره في زاوية حرجة تُفرض بعدها الشروط الاميركية عليه، تمثلت في ضربات متتالية ومباشرة على اكثر من مستوى كارباك الوضع الميداني عبر التفجيرات المتواصلة، وخلط الاوراق في ميدان المواجهات مع تنظيم داعش، بعد عزل فصائل المقاومة والحشد الشعبي واضعاف الجيش العراقي وترك بعض وحداته لقمة سائغة للعدو واعطاء دور ومساحة اكبر لتنظيم داعش للحركة والمناورة واعادة التنظيم والتخطيط وتحقيق الانتصارات، وضغوط سياسية داخلية مستمرة لطبقة الساسة الدواعش ومحاولة توظيف الاحداث ومجرى التطورات لتوفير غطاء سياسي لداعش الذي بات يمثل اداة قذرة للإدارة الاميركية وذيولها الداخليين، وانتهاك لسيادة البلد واستهانه بحكومته وبدستوره وضرب لوحدته واستقراره عبر جولات مكوكية الى واشنطن وبعض الدول الغربية لزعماء سياسيين ومسؤولين حكوميين وكأنهم قادة عصابات وامراء حرب لطلب الدعم الخارجي ومساندتهم ومساعدتهم في تحقيق اجندات التقسيم ضُربت فيها كل مقولات الوحدة الوطنية واكاذيب الشراكة وشعارات التوافق وادعاءات العراق الفدرالي الموحد واوهام حكومة الوحدة الوطنية، وتصعيد اعلامي عربي طائفي لم يقنع بالمتغيرات في الساحة السياسية التي عمل جاهدا على تحقيقها لتسقط معها شعارات التهميش والاقصاء، وضغوط سياسية اقليمية طائفية وتصعيد كبير للسقوف والتدخلات الاميركية عبر التصويت على قرار التقسيم الفعلي للعراق ودعم التوجهات الانفصالية والتعامل مع الاكراد والعشائر السنية سياسيا وامنيا وعسكريا واقتصاديا بصورة مستقلة عن الحكومة المركزية في بغداد!!
وفي نفس الوقت ترك الجماعات التكفيرية تتحرك بحرية بين العراق وسوريا الى حين الرضوخ للشروط الاميركية الكاملة التي باتت تتعامل مع العراق كبلد مقسم بالقوة ومن ثم بالفعل، ومحاولة اشعال فتنة اهلية تكرس قرار التقسيم في بغداد وتسقط العاصمة العراقية وتدخلها في أتون فوضى طائفية عبر استهداف زوار الامام الكاظم عليه السلام في ذكرى شهادته من خلال اطلاق شائعات واحداث ارباك واطلاق نار وتعمد احراق مبنى تابع للوقف السني تستدرج الزوار الى ردود فعل غير محسوبة لتتطور الامور وتتصاعد ويصعب السيطرة عليها مع لعب وسائل اعلام عراقية وعربية معادية دورا خطيرا عبر تهويل وتضخيم الاحداث ليُفتح الباب امام تدويل القضية وفرض واقع التقسيم على بغداد والدفع بقوة لإقرار قانون الحرس الوطني الذي ينص على
تقسيم بغداد الى مناطق سنية ومناطق شيعية وبجيشين لكل من الطائفتين وبنسبة 50% لكل منهما وتجلى ذلك بوضوح في طلب السيد اسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية والمجمع الفقهي السني بعد الحادث مباشرة اذ طالبا بتشكيل قوة خاصة من ابناء الاعظمية بدعوى حماية اهلها!! فضلا عن طلب تغيير مسير الزوار في محاولة لرسم حدود ديموغرافية اولية تؤسس لشطر بغداد!! نفس اللعبة القديمة تتكرر حادثة مسجد مصعب بن عمير ومنطقة بروانه واغتيال الشيخ الجنابي وغيرها يعاد تمثيلها في الاعظمية العصابات التكفيرية تضرب والشيعة يُستفزون والفضائيات الطائفية تحرض وتهول والحكومة تحرج وتقدم التنازلات والمخططات الخارجية تُمرر. فضلا عن دعم لوجستي واستخباري لتنظيم داعش مكنه من السيطرة على اجزاء هامة وحيوية في مدينة الرمادي ومحاولة تكرار سيناريو سقوط الموصل، ومواصلة الضغوط على فصائل المقاومة وسرايا الحشد الشعبي ومنعها من التدخل لتطهير محافظة الانبار لحين انضاج خطط التمزيق والتجزئة الاميركية.
يأتي هذا التصعيد في ظل ظرف خطير وحساس يبدو معه التصعيد في مدينة الرمادي بالذات كرد على الانتصارات الكبيرة وغير المتوقعة التي حققها الجيش السوري وحزب الله في جبال القلمون قبل ان تنضج الطبخة الاميركية لملفات المنطقة.
الرد الوحيد على قرار التقسيم والفتنة الشاملة للعراق والمنطقة هو اعلان ساعة صفر وتشكيل غرفة عمليات مشتركة للمنظومة العسكرية العراقية وفصائل المقاومة والحشد الشعبي والعشائر السنية الوطنية ورفض كل الشروط والاملاءات الاميركية، فهل هناك ارادة سياسية عراقية قادرة على اتخاذ مثل هذا القرار؟ الوقت لا ينتظر والمزيد من التأخر يعني مزيدا من الخسائر والدماء وتعاظم مخاطر ومخططات التقسيم والفتن! فماذا نحن فاعلون؟