أن “منظمة أوبك كانت تسيطر على 80 بالمائة من سوق النفط العالمي، لكنها الآن تسيطر على نحو 25بالمائة فقط من السوق، لذا فإن إجراءاتها لوقف تداعي انهيار الأسعار لم تعد مجدية كثيراً”، وأن 55 بالمائة من الطاقة التخزينية للنفط في العالم امتلأت نتيجة توقف المصانع وكثرة المعروض النفطي بينما “حاجة العالم للنفط قبل أزمة وباء كورونا هو 70 مليون برميل يومياً، في حين يعرض العالم النفطي 100 مليون برميل يومياً ، أذن هناك فائض في العرض عن حاجة السوق النفطي يقدر بـ 30 مليون برميل يومياً.
ومن المعروف أن 96بالمائة من إيرادات العراق المالية هي من النفط المصدر، وان “برميل النفط العراقي بيع خلال شهر نيسان/ 2020 بسعر13,8 دولار، أي أن العراق قد يحصل على 25بالمائة فقط من حجم إيرادات عام /2019 , مقارنةً بالعام الحالي .
علماً إن العراق يستلم إيراداته بعد 60 يوماً من بيع النفط المصدر، لذا فإن الدولة لم تستوعب ضربة الانخفاض هذه حتى الآن”، والرواتب والديون التي لابد من سدادها يتطلب توفير 72 مليار دولار على أقل تقدير ممكن ,وقد نحتاج إلى 7 مليارات دولار شهرياً كأدنى حد ممكن لتأمين الرواتب، في حين لا يتجاوز صافي بيع برميل النفط 8 دولارات فقط” بعد طرح كلف الاستخراج والتصدير، بينما حجم رواتب الموظفين ارتفع من 40 تريليون دينار في العام /2019 إلى 52 تريليون دينار عام /2020 نتيجة “إطلاق العقود والتعيينات غير المدروسة من قبل حكومة السيد عادل عبد المهدي المستقيلة.
أن “رواتب الموظفين لشهر أيار/ 2020 مؤمنة بالكامل ، لكن هناك مؤشرات على انخفاض كبير في الإيرادات خلال الشهرين القادمين (حزيران وتموز)”، كما أن اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي وضعت حلولاً عاجلة وأخرى إصلاحية لضمان استمرار رواتب الموظفين… وكالأتي :-
1- سحب السيولة المالية الفائضة من بعض المصارف.
2- كسر وديعة العراق المتعلقة بشراء السلاح الأميركي والتي تبلغ قيمتها 4,4 مليار دولار.
3- الاقتراض من صندوق النقد الدولي بمقدار 2,2 مليار دولار.
4- طرح سندات وطنية بين البنك المركزي والمصارف العراقية يمكن أن تحل 40 بالمائة من المشكلة.
أن “هذه الحلول يمكن أن تؤمن العراق مالياً لأربعة أشهر قادمة”، بانتظار”تحرك أسعار النفط لتصل إلى أكثر من 30 دولاراً للبرميل بعد تصريح الرئيس الأمريكي ترامب وتهديده للسعودية”.
أن دفع رواتب الموظفين دون استدانة يتطلب بيع برميل النفط العراقي الواحد بـ 71 دولاراً على أقل تقدير، كما أن هناك حلولاً متوسطة الأمد قد تسهم في تخفيف الأزمة في حال باشرت بها الحكومة الآن, منها “أتمتة المنافذ الحدودية الجمارك، التي تبلغ إيراداتها السنوية نحو 9 مليار دولار لا يحصل العراق منها حالياً سوى على 1,5 مليار، نتيجة الفساد والهدر وسيطرة فصائل وجهات نافذة”.
إن “لدى العراق احتياطي من العملة الصعبة في البنك المركزي يقدر بـ81 مليار دولار”، والحد الأدنى المطلوب في احتياطي البنك هو 52 مليار دولار لضمان عدم انهيار العملة كما حدث في تسعينيات القرن الماضي.
نحن والإقليم :
صرح وزير النفط العراقي مؤخراً بأن معدل ربح شركات النفط المتعاقدة مع الحكومة العراقية، وفق عقود الخدمة الفنية للسنوات ( 2010 – 2018 ) كان 1,41 دولار للبرميل المنتج، وكان معدل مستحقات هذه الشركات (بدل المصاريف + الإرباح) يساوي 14,3بالمائة من إجمالي إيرادات بيع النفط العراقي، مع ملاحظة أن هذه الأرقام لا تشمل عقود ومعاملات أنتاج و بيع النفط في إقليم كردستان.
بينما أنتجت شركات النفط العاملة في إقليم كردستان ما يقرب من 41 مليون برميل خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من عام / 2018 , وهو مجموع ما تم تصديره عبر الأنابيب و السيارات الحوضية إلى الخارج أو أُستُهلك محلياً , بمبلغ 2,150 مليار دولار , وبما أنه لا تتوفر لدينا بيانات كلفة الإنتاج، فسنفترض أنها تزيد عن كلفة الإنتاج في العراق بمقدار 60 سنتا لكل برميل, أي أن كلفة الإنتاج في الإقليم هي 10 دولار للبرميل,هذا يعني أن مجموع كلف الإنتاج في الأشهر الثلاث هو : 410مليون دولار تلقتها الشركات المنتجة لقاء تحملها هذه التكاليف, وهذا المبلغ يشكل 19,05بالمائة من مجموع مبيعات النفط في الإقليم.
أذن مجموع ما تلقته هذه الشركات لقاء إنتاجها ( بدل المصاريف + الأرباح ) في تلكم الأشهر الثلاث هو 782مليون دولار , هذا يعني أن مجموع مستحقات شركات النفط في الإقليم من مبيعات إنتاجها يشكل 36,38بالمائة من مجموع إيرادات النفط التي تحصل عليها حكومة الإقليم … ولو قبلنا بأن 19,05بالمائة منها هي بدل مصاريف الإنتاج، فإن صافي أرباح هذه الشركات من إنتاج النفط في الإقليم هي 17,33بالمائة من مجموع مبيعات نفط الإقليم , وهذا يعادل 9,09دولار للبرميل الواحد. هكذا فإن الشركات العاملة في الإقليم تحصل على أرباح تقارب الستة أضعاف أرباح الشركات العاملة في باقي أنحاء العراق.
عند طرح هذه المصاريف يبقى للإقليم صافي إيرادات مجموعها 785 مليون دولار, أي أن ما دخل للإقليم من إيرادات بعد الاستقطاعات يمثل 36,5بالمائة من الإيرادات الإجمالية, أي أن صافي حصة الإقليم من مبيعات النفط لا تزيد عن حصة الشركات إلا بـ 0,12بالمائة.
والسؤال الذي يطرح نفسه أين تذهب هذه الأموال … وهم اليوم يطالبون الحكومة الاتحادية بحصتهم من الموازنة بما يعادل 17- 20 بالمائة ؟.
/ شاكر عبد موسى الساعدي/ العراق/ كاتب وإعلامي