22 ديسمبر، 2024 8:12 م

العراق .. شعب جائع يساق للمذبح قرباناً

العراق .. شعب جائع يساق للمذبح قرباناً

كل مشهد من مشاهد تظاهرات تشرين سيظل مستيقظا في مخيلة العالم أجمع ، فيوم الخامس والعشرينَ من تشرين الأول كانَ شاهدا على لحظة اجتثاث صفة الجبن في هذا الشعب من جذورها ، مشاهد كان فيها الدم ناطقاً ، مواطنون تعاطوا مبدأَ اللا عودة من دون تحقيق المطالب وشعارهم السلمية حتى مطلع التغيير ، تقبلوا فكرة السقوط كبذرة والنهوض كشجرة من تحت التراب ، لا لحاف لهم في هذا البرد إلا الصبر ، ولا نار يتدفؤون بها إلا الدعاء . حكاية تشرين التي ما تزال مستمرة الى يومنا هذا كانت مبتدأَ المطالب وأصبحت خبر الحراك السلمي في جملة مفيدة. الفتحة حركةُ نصب الحرية ، والضمة احتضان المتظاهرينَ لأي قنبلة مسيلة للدموع، أما الكسرة فهي علامة جرّ الحقوق عنوة من يد الغاصبين ، والسكون هو السكينة في قلوب المتضرعين الى الله بمستقبل أبيض. بعد شهر تشرين الذي برز الوجه الحقيقي للعراقيين تبين للعالم أجمع أن لا خط أحمر فوق العراق سوى ذاك الذي يعلو العلم ، وأن أولئكَ الذين التهموا الشعب ونبشوا اسنانهم بعلم البلاد لا يمكنهم صد السيول البشرية التي تزحف الى ساحات الاحتجاج ، وأن لا نفع من محاصرة شباب مفعمين بالحماسة ويتغذون على اي طاقة ايجابية يحملها الهواء . وفي الوقت الذي أمسى فيه العراق ساحة صراع مستباحة وحكومته اكتفت بدور ساعي البريد ، كان هناك ثمة من يلحن نغم التظاهرات على طور يناسبه وهناك من يجابه الشباب العزل بعنف مفرط ، إلا أن شباب الثورة مايزالون يخرجون يوميا للاحتفال في ساحات التظاهر بمرور ستة عشر عاما على اعتقادهم بأن غدا سيكون أجمل .