23 ديسمبر، 2024 1:01 ص

العراق خارج مؤشر دافوس لجودة التعليم

العراق خارج مؤشر دافوس لجودة التعليم

انتكاسة للمنظومة التعليمية وتراجعا في مستوى التعليم – انتكاسة تلو انتكاسات في عراق مابعد الاحتلال في ظل منظومة الفساد والتهرئ السياسي والحزبي للحكومات المتعاقبة ,, حيث أثار خروج العراق من مؤشر دافوس لجودة التعليم، ردود فعل غاضبة في العراق، ووصف عراقيون التصنيف الجديد لعام 2021 بالانتكاسة الكبيرة للبلاد والخيبة التي تتحمل السلطات تبعاتها, ﻭﻗﺪ ﺍﻋﺘﺒﺮ ﺍﻟﻤﺆﺷﺮ كلا من ﻟﻴﺒﻴﺎ والسودان ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻝ دولا غير مصنفة في المؤشر لسوء النظام التعليمي فيها، إذ ﻻ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺑﺴﻂ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﺍﻟﺠﻮﺩة في ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ بحسب المؤشر,ويشير خبراء في مجال التربية والتعليم إلى أن خروج العراق من التصنيف يعزى لعدة إشكاليات، أولها سوء النظام التعليمي والتخبط في إدارة وزارة التربية منذ سنوات
وذكرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق أن خروج العراق من التصنيف العالمي للتعليم يمثل انتكاسة للمنظومة التعليمية وتراجعا في مستوى التعليم, ودعت المفوضية إلى اتخاذ موقف جاد ومسؤول حيال السياسات والخطط والبرامج للمؤسسات التربوية والتعليمية في العراق, وعبر مثقفون واعلاميون جام غضبهم على وزارتي التعليم العالي والتربية، والكوادر التربوية وحملة الشهادات العليا في المؤسسات التعليمية، مشيرين إلى أن جميع المؤسسات التعليمية والجامعات في العراق تشبه مستشفى ابن الخطيب الذي شهد حريقا كبيرا مؤخرا
امتلك العراق في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي نظاما تعليميا كان الأفضل في الشرق الأوسط، بحسب تقارير منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم (يونسكو)، وقدرت نسبة المسجلين في التعليم الابتدائي حينها ما يقارب 100%، وكادت الحكومة أن تقضي على الأمية بشكل تام ,, غير أن التعليم تراجع بعدها إلى أن بات العراق من أكثر بلدان المنطقة التي تعاني نقصا في عدد المدارس، بعد أن وقع في حروب متتالية وأزمات خانقة، مما قلل الاهتمام بالتعليم , أحداث أخرى أدت إلى تدهور قطاع التعليم في العراق أيضا، فمن حرب طائفية لم تكن لتنتهي إلى مجيء تنظيم القاعدة وخلفه تنظيم الدولة الإسلامية وفصائل مسلحة أخرى
ويرى كثيرون أن العراق لا يمتلك أي إستراتيجية واضحة لتطوير القطاع التربوي والنهوض به خلال الفترة المقبلة، إذ إنه لم ينجز أكثر 400 بناية مدرسية فقط خلال 15 عاما، وفق إحصاءات حكومية,,ويقول مختصون إن بطء الإنجاز بهذه الشاكلة أدى لتراجع قطاع التعليم إلى أدنى مستوياته، حيث كشفت لجنة التعليم النيابية عن حاجة العراق لسبعة آلاف بناية مدرسية لإنهاء الأزمة بشكل كامل
ومعلوم أن العراق كان من أفضل بلدان المنطقة في التعليم الجامعي ، فمنذ عقود طويلة تعود إلى الثلث الأول من القرن العشرين؛ بدأت خطوات بناء التعليم بكافة فروعه، ليكمل أحدها الآخر وفق خطط محكمة؛ بغية الوصول إلى المستوى المطلوب، فكانت البعثات إلى الخارج للدراسة في التخصصات النادرة والعلمية على وجه الخصوص، فضلًا عن بناء المدارس والمعاهد والكليات الإنسانية والعلمية, والطلبة المبتعثين لإكمال دراساتهم العليا في الخارج كانوا لا يُختبرون أحيانًا في بعض البلدان – بحسب شهادة بعض ممن أكملوا دراساتهم في بريطانيا مثلًا – لما تملكه الشهادة العراقية من رصانة علمية يشهد لها القاصي والداني , وبعد الاحتلال – بدأ العد التنازلي السريع لواقع التعليم عمومًا والتعليم الجامعي خصوصًا، وكان لهذا التراجع أسباب عديدة ومعطيات كثيرة،ابرزها غياب التخطيط عن مجمل النشاطات الاقتصادية والتعليمية بسبب العشوائية في القبول والتصرفات الانتقائية للوزراء المتعاقبين على وزارتي التربية والتعليم العالي,, وتنحية الكفاءات العلمية والخبرات الواسعة والضغط عليها وإضطرارها للهجرة خارج القطر بحجج ومسوغات عديدة, تولي إدارات الجامعات والكليات على أساس الحزبيات والمحاصصة بعيدًا عن معايير التدرج الوظيفي والكفاءة واللقب العلمي, وغياب الاستراتيجية العلمية تمامًا وتقديم المصالح الشخصية، وانتشار المحسوبية في التعيينات على حساب معايير الكفاءة والعلمية والتخصص, ظهور الكليات الأهلية وبأعداد غير مسبوقة بعيدًا عن المعايير العلمية والضوابط حيث تتبع معظمها لأحزاب وسياسيين، وبالتالي أصبحت مجالًا للكسب المادي وتحول التعليم إلى تجارة
سيبقى الحال على ما هو عليه، وربما يزداد سوءًا سنة بعد سنة، طالما بقيت المحاصصة والحزبية والتجارة تسيطر على التعليم، وسيخرج لنا جيل من أنصاف المتعلمين في كافة التخصصات على مدى السنوات الماضية والمقبلة، وبالتالي سيكون تأثير هذا سلبيًا على المجتمع، وكل نواحي الحياة في البلاد من صحة وتعليم وصناعة, تطور التعليم في العراق وانتشاله من واقعه الحالي يحتاج أولًا إلى علاج الفساد الإداري المستشري في دوائر الدولة عمومًا والتعليم على وجه الخصوص، فضلًا عن الاعتماد على أصحاب الكفاءة والنزاهة من ذوي الخبرة في مجال التعليم والإدارة, ولا تكفي النيات الحسنة، بل لا بدَّ من وضع خارطة طريق واضحة المعالم، لإعادة هيبة التعليم الجامعي على وجه الخصوص إلى ما كان عليه، ومواكبة التطور في العالم على كافة المستويات، وتقنين التعليم الأهلي بقوانين صارمة بعيدًا عن نفوذ الأحزاب والسياسيين.