23 ديسمبر، 2024 8:42 ص

العراق خارج جودة التعليم في ( دافوس ) 2019

العراق خارج جودة التعليم في ( دافوس ) 2019

يحرص مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس على إصدار ترتيب عالمي للدول سنويا حسب تطور جودة التعليم لديها ، ويعتمد التقرير على 12 معيارا هي :
1 . المؤسسات والابتكار 2 . بيئة الاقتصاد الكلي 3. التعليم الجامعي 4 . التدريب 5. الصحة 6 . التعليم الأساسي 7 . كفاءة أسواق السلع 8. كفاءة سوق العمل 9 .تطوير سوق المال 10 . الجاهزية التكنولوجية 11 . حجم السوق 12 . تطوير الأعمال والابتكار .
وفي العام 2019 أظهر المؤشر بتقريره ( الذي شمل 140 دولة من العالم ، واستبعد 6 دول عربية لافتقارها لمعاير الجودة في التعليم ، وهي العراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان والصومال ، كما لم يشمل التقرير فلسطين وجزر القمر وجيبوتي ) حصول قطر على المرتبة الأولى في نتائج التقييم عربيا وبالترتيب 4 عالميا وجاءت الإمارات العربية بالمرتبة الثانية عربيا والمرتبة 10 علميا تلتها لبنان بالمرتبة الثالثة عربيا والمرتبة 25 عالميا ، أما ترتيب الدول العربية الأخرى التي دخلت التصنيف فقد كانت : البحرين 4 عربيا و33 عالميا ، الأردن 5 عربيا و45 عالميا ، السعودية 6 عربيا و54 عالميا ، تونس 7 عربيا و84 عالميا ، الكويت 8 عربيا 94 عالميا ، المغرب 9 عربيا و 101 عالميا ، عمان 10 عربيا و107 عالميا ، الجزائر 11 عربيا و119 عالميا ، موريتانيا 12 عربيا و134 عالميا ، مصر 13 عربيا و139 عالميا .
والعراق لم يدخل التصنيف أساسا حتى يخرج منه فهو خارج التصنيف ابتداءا لعدم اكتمال بيانات الدخول بموجب المعايير المذكورة أعلاه ، ولا نعلم سر إصرار العراق على الحضور والمشاركة في أعمال منتدى دافوس والتنصل عن دخول تقييماته فالمنتدى الاقتصادي العالمي يقام سنويا منذ العام 1971 في منتجع دافوس الشتوي في المنطقة الشرقية من جبال الألب ( سويسرا ) إضافة إلى اجتماعات إقليمية خلال السنة ، وتُناقش فيه أبرز قضايا العالم الاقتصادية والصحية والبيئية ويحضره نحو 2500 مشترك من 100 دولة بمن فيهم كبار رجال الأعمال والشخصيات العامة كرؤساء الدول والحكومات والوزراء والسفراء إضافة إلى كبار المسؤولين في المنظمات الدولية وغيرهم والعراق عضوا في هذا المنتدى ، وفي دورته لعام 2019 اعتذر رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح عن المشاركة في المنتدى لكن الحكومة أرسلت وفدا إليه ضم السيد فؤاد حسين وزير المالية ( بصفته نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ) ووزير الخارجية السيد محمد الحكيم ممثلين عن العراق وشارك فؤاد حسين في ندوة عن دور دول آسيا والشرق الأوسط، (يوم 24/ 1 / 2019 ) إلى جانب نظيره السعودي ، وفي اليوم ذاته شارك وزير الخارجية العراقي في ندوة مع نظيره الأردني عن الأمن في الشرق الأوسط .
إن الدخول بمؤشر جودة التعليم العالي صعب فعلا في ظل الواقع الحالي لبلدنا لأنه لا يتعلق بمؤشرات وزارة التعليم وإنما بمؤشرات تتعلق بعمل البيئة المحلية للتعليم ومن واجب الوزارات الأخرى انجاز ما يتعلق بالمحتويات ، لان الابتعاد عن المشاركة بمثل هذه التقييمات يعطي إشارات غير ايجابية عن بلدنا وعمل وزارته ومؤسساته ، ولعل واحدا من أسباب عزوف الاستثمارات الأجنبية في ولوج الداخل العراقي هو عدم امتلاك نظرة شمولية او تفصيلية لما موجود حقا في البلاد ، فرغم إن الأسواق العراقية يعدونها أسواقا واعدة وجاذبة للاستثمارات إلا إن قرارات المستثمرين ليست ارتجالية او عاطفية وإنما تستند إلى تحليلات ومعطيات ، ومن أدواتها التقييمات الدولية التي تعين في تحديد جدوى الاستثمار من حيث التكاليف والمردودات والعائد ودرجة المخاطرة والقدرة في المحافظة على رؤوس الأموال ، وحين نقول إن المتطلبات صعبة فالقصد إنها ليست مستحيلة إذ يمكن انجازها من خلال الوزارات والأجهزة المختصة ، فلدينا وزارات للتخطيط والتجارة والصحة والصناعة والمعادن والعمل والشؤون الاجتماعية وهيئة الاستثمار والبنك المركزي العراقي وغيرها من المؤسسات التي من الممكن أن توفر متطلبات الدخول بهذا التقييم او غيرها من التقييمات ، وشعبنا سأم من الاطلاع على التقييمات المتدنية التي تضعنا فيها المنظمات الدولية والإقليمية والتي تتحدث عن العراق كأسوأ دول في الموضوع الفلاني او الفلاني ، وفي حقيقة الأمر إن العراق ليس بالمستوى الذي يعرضوه في كل الحالات ولكن عدم تقديم البيانات في موعدها او عدم تحديثها او الإحجام عن تقديمها هو الذي يضطر المنظمات المعنية باعتماد احد الخيارين ، وهما أما الاستناد لما متوفر لديها من بيانات وغالبيتها قديمة او غير متكاملة او استبعادنا عن التقييم والتغييب يعني أحيانا درجة الصفر في التقييم مما يضعنا بمستويات تقييم ( متدنية ) ، وان وراء ذلك قصور او تقصير في أداء مؤسساتنا الرسمية ذات العلاقة او ضعف التنسيق بين هذه المؤسسات وعدم الاستجابة للمراسلات والمخاطبات حول إرسالها بمواعيدها المحددة ، دون أن نهمل احتمالية وجود من يتعمد في إعطاء صور غير دقيقة او مشوشة عن بعض الفعاليات والنشاطات من الداخل او الخارج لأسباب يجب أن يدرك مغزاها ذوي الشأن .
ولان التقييم الذي يتم تناوله هنا يتعلق بجودة التعليم وبمعزل عن الأمور التي عرضت في أعلاه ، نشير هنا إلى إن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لا تتوفر لديها المؤشرات الكافية المتعلقة بجامعاتها للدخول ببعض التقييمات سواء ( منتدى دافوس المعروف بعلاقته مع الاقتصاد ) او تقييمات أخرى ، حتى وان كانت اقل تعقيدا من حيث المتطلبات وهذا موضوعا ليس جديدا بل تم توارثه من سنوات نظرا لعدم ثبات المعايير والمؤشرات المتعلقة بالتقييم وتعرضها للتغيير تبعا لقرارات واجتهادات إدارية على الأغلب والتغيير لابد منه ولكنه يجب أن لا يقطع السلسلة الزمنية إحصائيا لأغراض القياس والتقويم والوزارة أحيانا تثبت ذلك بالبرهان ، فقد أعلنت الوزارة قبل أيام عبر موقعها الالكتروني على الانترنيت نتائج تقييم التدريسيين والموظفين في الجامعات الحكومية للعام الدراسي 2016 / 2017 أي انه نشر بعد مرور أكثر من سنتين على انتهاء العام الدراسي ، ولم يتم الإعلان بعد عن نتائج التقييم للعام الدراسي 2017 / 2018 ، أما العام الدراسي ( الماضي ) أي العام الدراسي 2018 / 2019 فلم تتم المباشرة بإجراءات التقييم حتى اليوم بل إن الاستمارات المعتمدة له لم تحدد ، والكليات والمعاهد لم يتم تبليغها باستخدام أداة محددة للتقييم ، دون أن يفوت الذكر بان معظم الكليات والمعاهد الحكومية بدون عمادات حاليا لأنها تدار بطريقة تسيير الأعمال من قبل أقدم المعاونين وكان المفروض أن يبت العمداء بتقييمات ملاكاتهم قبل انفكاكهم لأنهم عايشوهم خلال العام الدراسي ولكن تكليفاتهم انتهت بأمر وزاري ، وبعد الاطلاع على التقييم المنجز للعام 2016 / 2017 (لقبل 3سنوات) ، فقد وجد إن بعض بياناته قد تقادمت لما حصل من تغييرات بسبب حركة الملاك كما ونوعا ، كما ظهر إن عدد صفحاته ال88 تحتوي على 70 جدولا إحصائيا بالأرقام والنسب المئوية ولم يتم ربطها بأية مؤشرات عالمية او محلية لإعطاء الحكم عن مدى ملائمة او عدم ملائمة ما تحتويه هذه البيانات مع ما يجب أن تكون ، بحيث تحول إلى تقرير وصفي لا نعلم كيف سيفيد متخذي القرار والمحللين وواضعي الموازنات التشغيلية والاستثمارية لمرور أكثر من عامين عليه ولمحتوياته المتواضعة جدا التي لا ترقى إلى مستويات الرصانة المتوقعة في أداء التعليم العالي ، كونها المخزون الوطني من الكفاءات والتخصصات التي يجب أن يعول عليها البلاد لتمكين بلدنا ليكون بمستوى ما يليق من حيث المكانة التاريخية والعلمية او ما يتمتع به من خبرات وخيرات .