< مفردة ” سلطوي ” الواردة في العنوان قد لا تعني بالضرورة معنى التسلّط , وهي احدى المشتقات اللغوية لكلمة ” سلطة ” على الأقل > …
A : ع السريع و ع الماشي المختصر , قد تقتضي الإشارةُ هنا الى الإلتفات او الإستدارة الى الخلف تأريخياً , حين الأنظمة الملكية سائدة في اوربا حتى القرن 18 وكانت تتأسس على فكرة الملكية المطلقة عبر تركيز سلطات الدولة ” التشريعية والتنفيذية والقضائية ” في يد الملك , وكانت السيادة حكراً على الملك , حيث قاد وأدى الى شيوع الأستبداد والتجاوز على حقوق وحريات الجمهور او المواطنين , وازاء ذلك كان للمفكر الفرنسي الشهير ” مونتسكيو ” الدور الرائد والأبرز في صياغة مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث , واوضح تفاصيله في كتابه ” روح القوانين ” الصادر في عام 1748 , والذي ايضاً كانت له تأثيراته الواسعة النطاق على النظام الديمقراطي في فرنسا , مثلما التأثيرات الأخرى بما دوّنه المفكر ” جان جاك روسّو ” في كتاب العقد الإجتماعي الشهير .
B : في العراق , حيث انبثقَ او جرى ابتكار مصطلح الرئاسات الثلاث ” برغم أنّ معظم دول العالم تسمّي رئيس البرلمان بِ – الناطق بأسم البرلمان – حيث لا صلاحية له على اعضاء المجلس , بجانب أنّ هذا الإصطلاح لا يبدو متوازناً او متساوياً بين هذه الرئاسات . ويمكن القول أنّ تعبير السلطات الثلاث والفصل بينها متداول في الإعلام العراقي وبنطاقٍ ما .! , لكنّ هنالك سلطةٌ اخرى هي ” السلطة الرابعة ” ايّ الصحافة او عموم وسائل الإعلام , وهو اصطلاح متداول في دول العالم برغم انها ليست بسلطة فعلية وتكاد تقتصر مهامّها على الدور الرقابي لأداء الحكومات وكشف الحقائق التي يجري إخفاؤها على الجمهور , وما يتفرّع عن ذلك من الصحافة الإستقصائية وسواها . إنّما بجانب تداول تعبير ” السلطة الرابعة ” في العراق , فذلك ليس في مكانه ولا زمانه الحقيقي , فالى غاية عام 2018 بلغَ عدد الصحفيين الذين جرى تصفيتهم واغتيالهم 420 صحفياً وصحفية , ولم يجرِ الكشف عن هوية القتلة لأيٍ من هؤلاء الشهداء .!
ينفرد العراق بأمتيازٍ فريٍدٍ من نوعه عن كلّ الأمم والمِلَل , بوجود ” سلطة خامسة ” أشدّ تأثيراً ونفوذاً من كافة السلطات الأخرى وتفرّعاتها وقواتها .! , وهي سلطة الأحزاب الدينية وفصائلها المسلّحة , وهذا ما امسى من المسلّمات والبديهيات التقليدية في العراق , والتي يكاد لا يلتفتُ اليها الجمهور يميناً او يساراً .! , فوفقَ الأخبار شبه اليومية فأنّ ايّاً من الفصائل المسلّحة اضحى يفرض شروطه الصعبة على الدولة او الحكومة ليس في مجال السياسة الخارجية للبلاد فحسب , وانّما في موافقته او رفضه لإستقبال العراق لأيٍّ من مسؤولي بعض الدول العربية تحديداً , حتى لو كان للعراق منفعةً ومصلحةً اقتصادية في ذلك , وكأنّ لا وجود لوزارة الخارجية ولا وجود لمعضلاتٍ اقتصاديةٍ باتت تلقي بظلالها حتى على ديمومة صرف رواتب الموظفين , وقد ارتفعت بشدّة توجّهات منحى هذه الفصائل واحزابها في الآونة والأيام الأخيرة الى درجةٍ تكاد تجعل الجمهور العراقي يحبس انفاسه , وفي حالةٍ من الترقّب القصوى وكأنه يخوض غمار حرب الأعصاب , لمن يتابعون تفاصيل الأنباء .
سَيّد او سَيّدة الموقفِ في القُطر هو او هي حالة الإنتظار – الحارّ ! وأمَدُها قصيرٌ وِفقَ الأخبار , واذا لمْ يحدث ما هو سارّ او ضارّ , وربما كلاهما .!