العراق جرحنا الغامض فينا كما نحن فيه غامضون, كبغل راكب بغل وكلاهما يركبان الرصيف ويمشيان بأتجاه معاكس, يعتمدان حكمة, صرح ثم صرح ثم صرح حتى يصدقك القطيع على انك تسير بالأتجاه الصحيح .
بقايا مراسيم جمهورية ورزمة افتاء من بقاياها, وقفا على الجرف الجنوبي للمتنازع عليها, فيلق آخر خليفة في التاريخ الأسلامي يقف على الجرف الشمالي منها, يتراشقا في الكلام والسباب والذخيرة الحية احياناً, بعد هدنة توافقية تمرر المكاسب السياسية والأقتصادية على ظهر البؤس الشعبي, على سفرة الراعي الأمريكي يعاد ترتيب بيت الفتنة الوطنية, لتستلم دواعش البعث القابعة تحت عباءة العملية السياسية حصتها من جغرافيات وثروات واسلحة تنازل عنها الجيش العراقي .
في العراق كل شيء متنازع عليه, الأرض الثروات الأنسان الأديان والمذاهب, السلك الدبلوماسي وفرق الجيش وافواجه ومنتسبيه, وحتى الأرث الأجتماعي والثقافي والأخلاقي الذي تركه النظام البعثي متنازع عليه, الجنهوب والوسط له امراءه, غرب العراق له دواعشه, الأقليم الشمالي له اخر خليفة في الأسلام, انه الوطن الوحيد الذي لا يرحمه حتى اهله, لعنة لا نعرف عنها, سوى انه الأغنى بجغرافيته وثرواته وحضاراته وعقل يخشاه جهلاء المنطقة .
الشعب نكتة الشارع الباكية, اغفاءة تنتظر كابوساً مستورداً يوقظها, الكابوس الوطني حاصره الوطنيون!!! في كهوف الأيديولوجيات, يؤدلجون كقنينة (السفن آب) ساخنة الرأس متجمدة الجسد تثرثر زبداً (تضرطه) برامجهم, وعلى سبيل التجديد الحداثي, يعاد استنساخ الأشاعة الى مقالة .
نخبة النخبة, تقاوم عنف شلال الخراب بأكف قطع الفساد اصابعها, صوتهم محاصر حد الأختناق, الصراحة والصدق والشجاعة وهج يعبد الطريق امام الوطنية العراقية ليغمر المجتمع بنورها, ورغم حصار حكومة (الحواسم), فجهدهم الذاتي سيفتح سواقي الحقيقة نحو الأنسان العراقي .
الأصلاح لا يُنجز بأدوات الخراب ذاتها, التغيير لا يمكن ان يكون الفساد قاعدته, رماد العملية السياسية لا يصلح لبناء جسور المستقبل, طريقنا يجب ان يكون عراقي نبداءه من ذاتنا, ندعم الأمومة ونراهن على الطفولة, نحرر الأم من عبودية الواقع لتعيد بناء شخصية الطفل لتصنع منه مستقبلاً, الأمومة والطفولة وحدهما يستطيعان اعادة بناء الدولة واسترجاع السيادة وحماية الوطن, من الطفولة وحدها يأتي جيل الأصلاح والتغيير, لننتبه الى تلك الحقيقة ونتجنب اهدار طاقاتنا في مجاري العملية السياسية, انها كذبة المشروع الأمريكي كما هي خدعة ديمقراطيته .
لا امة في الكون نهضت وارتفع شأنها بجناحي الدين او القومية, بعض الحضارات التي نهضت قليلاً على طريق دولة الأسلام السياسي العروبي, كانت في الواقع خروجاً عن النص المقدس وهفوة انحراف ايجابي عن المألوف, الوطنية والأرتباط في الأرض وما عليها من مكونات واديان وقوميات وطوائف وافكار, ثم العقل منسجماً مع الوعي المجتمعي داخل مشروع عراقي حضاري حداثي, هنا لا غير يمكن للأمة ان تنهض بكامل قامتها ويزدهر كل ما هو على الأرض .
وظيفة المثقف الوطني تنويرية, لا تسمح بسحق الكيان المادي والمعنوي للأنسان, هذا ما يحدث في العراق, من لا يصدق فأبواب الوطن مفتوحة, علماً ان العراقيين لا يسكنون الخمسة نجوم, مهانون تعتصر واقعهم مافيات الأحتيال والدونية, مستنقع الرذائل لا يتوقف سلمه الأ عند ابواب مكاتب الرئاسات الثلاثة, الملايين اقتنعت بقدرها, ان تسكن مقابر اكواخ الصفيح, اطفال المستقبل شوهتهم الحروب والحصارات والأحتلالات والأوبئة والعوز جسدياً وروحياً واخلاقياً وصحياً, فيالق الترمل, اقتنعت, ان مساواتهن مع الرجل كفر ومعصية مخالفة للشريعة ويجب رفضها, فهناك في المطبخ الفسيح متسع لدبيب الضرات المشتركات في رجل واحد, ما يحتاجنه فقط ان يكون (الفحل!!)عادلاً في توزيع سخافات متعته, يبحثن بين تضاريس وجهه المسكون بالغضب وزيف الكبرياء عن فرح حتى وان كان كاذباً .
اهلنا … احبائنا, من اجل ان يسرقونا, يحاصرونا ويستغفلونا في بكائية لا نعرف مبرر اوجاعها, صنعوا منا محنة العراق اللئيمة, ان لم نتمرد على انفسنا اولاً, نحرر عقلنا نسترشد بوعينا ونصلح خرابنا, فلنستسلم اذن, عبيداً لمن سيكون سيدنا (وعلى الجنوب والوسط السلام) .