يخطئ من يعتقد أن الصراع أو الحرب الأهلية في العراق تزعج أميركا أو إسرائيل أو تركيا أو عرب الجوار. إنها حرب بديل يمكن إدارتها من حروب خطرة تهدد بالانسياح. فهي تستنفد إيران وفريقها الحاكم في العراق ومعه فريق الإسناد الحوزوي وتستهلك الشعب وثرواته، إضافةً لمجموعات المقاومة التي تتجمع ويقتل بعضها بعضاً أو يقتلها النظام الإيراني ووكيله نوري المالكي. إذن هي حرب بديل من حروب. حرب يمكن التحكم بها والسيطرة على نتائجها. حرب يغرق فيها الجميع ويطلب النجدة من واشنطن. يغرق فيها الخليج العربي ثم تركيا وبقايا العرب.
ماذا يوحي هذا الواقع إذن.؟.. يوحي بتغيُر المعادلات على الأرض في العراق خاصةً الأنبار ولاحقاً نينوى فصلاح الدين وصولاً لديالى فالتأميم فضواحي بغداد وقلبها وانتهاءاً ببابل، كما يوحي أن المعارضة، أو المعارضات، بدأت تخسر بعض مواقعها وشعبيتها لصالح تقدم المقاومة مع ازدياد الطعن بين أضلعها. والسبب في ذلك هو:
تمزق المعارضة وتعدد مرجعياتها الوطنية والإقليمية. بينما تتماسك المقاومة بالرغم من تنامي عديد خصومها من حولها ومنهم من ينتمي لبيئتها..؟!.. صراع أجنحة المعارضة على ما بعد التغيير قبل التغيير. نقص التواصل والانسجام بين الخارج والداخل.
هذه العناصر بدأت تلقي بثقلها على أرض الواقع، إضافةً لتراجع “سعودي” و”قطري” واضح عن الدعم ليس بالمال بل سياسياً ومعنوياً، وتردد أميركي عن الحسم، ومخاوف أوروبية مرجعها عقود النفط والتسليح الموقعة مع حكومة المالكي وأُخرى تتصل بالخشية من هيمنة تركيا على مناطق العراق العربية والكردية المتاخمة لها وتحولها بالتوافق مع أقطابها إلى إدارات محلية خاضعة لإدارات تركية، بالإضافة لخشية الجوار وجوار الجوار من اليوم التالي. ولكل من هذه الأطراف أسبابه غير المقنعة في نظرنا واقعية في نظره. حجته أنه لم يسبق في التاريخ أن انتصرت معارضة سياسية أو مسلحة ممزقة. أو مقاومة تقاتل بجسد من غير رأس تفاوض به خصمها أو الوسطاء.
المراقبون يسألون: هل يطير طير بثلاثة أو أربعة أجنحة..؟. ثم أجابوا: للطائر جناحان، وكذلك للثورة هنالك جناحان. جناح المقاتلين وجناح المدد. في العراق هنالك أجنحة يشد كل منها في اتجاه، وقد يسقط الجسد وتبقى الأجنحة تحلق في الهواء تتقاذفها رياح المعارضة التي ستسرق النصر الميداني وتوظفه في نصرها السياسي وتنفقه على شراء المناصب الحكومية والمناطقية.