17 نوفمبر، 2024 11:24 ص
Search
Close this search box.

العراق: تشكيل حكومة الخدمة الوطنية

العراق: تشكيل حكومة الخدمة الوطنية

بعد أن مضى أكثر من عام على الانتخابات العراقية، التي تمكّن فيها التيار الصدري من ان يحصل على 73 مقعدا في البرلمان، الذي تشكل بموجب نتائج هذه الانتخابات التي جرت في العاشر من أكتوبر من العام الماضي؛ تمكن الإطار التنسيقي الذي يصفه معارضوه؛ بأنه موال لإيران، أو أنه قريب من إيران؛ من تفكيك وحلحلة مأزق تشكيل الحكومة العراقية. فقد نجح في تمرير مرشحه محمد شياع السوداني إلى رئاسة السلطة التنفيذية، وعبد اللطيف رشيد من الجانب الكردي لرئاسة الجمهورية؛ في صفقة أو في حزمة واحدة، بالاتفاق مع الكتل الأخرى من الجانبين الكردي و(السني) بمعزل عن التيار الصدري، الذي انسحب من البرلمان، وبالتالي من المشاركة في تشكيل الحكومة.
السؤال المهم هنا هل تستطيع الحكومة حلحلة أزمات العراق المزمنة؛ في توفير الخدمات، وفي إحداث تنمية تقضي على البطالة المستشرية في العراق؟ من السابق لأوانه التنبؤ بما سوف يؤول إليه الوضع في ظل تقاطع الإرادات لأطراف العملية السياسية في العراق، وفي ظل انتظار العراقيين لما سوف تأتي به هذه الحكومة له، أو لما يريد منها أن تأتي به، من حلول ناجعة لأزماته.
تسريبات وسائل الإعلام العراقية حول وزراء الحكومة المرتقبة، أو التي يترقب تقديمها إلى البرلمان للمصادقة عليها، من قبل السوداني في المقبل من الأيام أو الأسابيع؛ تؤكد إعادة تجريب المجرب. جميع هؤلاء الوزراء سبق وكانوا وزراء في الحكومات السابقة، أي تم تدويرهم في السلطة التنفيذية الحالية، أو التي ينتظر تقديمها من قبل السوداني رئيس الوزراء المكلف، إلى البرلمان للمصادقة عليها، لكن السوداني لاحقا وبسرعة؛ كذّب هذه التسريبات.. وقال إنها تفتقر إلى الدقة.. المرجعية في النجف الأشرف قبل الانتخابات وأثناءها قالت: إن المجرب لا يجرب؛ أي أن لا تتم إعادة وجوه العملية السياسية إلى الواجهة مرة أخرى. هذه إشارة واضحة على اعتراض المرجعية على تدوير الوجوه القديمة، أو وجوه العملية السياسية. محمد صالح العراقي الذي يُوصِف من قبل الإعلام بأنه وزير الصدر؛ كتب في تغريده له، أو في إيضاح له على عملية تمرير السوداني لرئاسة الحكومة العراقية، ودعوة أطراف الإطار للتيار الصدري بالمشاركة في الحكومة المقبلة؛ في رده على هذه الدعوة، بيّنَ؛ أن التيار لم يشارك فيها، وحذّر شخصيات التيار من قبول المشاركة فيها.. وفي مكان آخر من هذا الإيضاح؛ أشار ضمنا إلى قول المرجعية؛ بأن المجرب لا يجرب؛ ليؤكد، ما قالته المرجعية في النجف الأشرف في وقت سابق من هذا العام والعام الذي سبقه. بصرف النظر عن مآل الحكومة العراقية المقبلة ومدى نجاحها في الاستجابة الى مطاليب الشارع العراقي، أو مدى إمكانياتها وقدراتها في تحول هذه المطاليب إلى واقع يتحرك على الأرض. ملموس من قبل الناس التي ترنو وتتوق إلى الأمن وتوفير فرص للعيش الكريم في وطن مستقر ومتصالح مع ذاته؛ لشعب حي وعريق؛ يحب الحياة الكريمة، ويناضل كما هو ديدنه في كل تأريخه الممتد عميقا في أغوار هذا التأريخ المجيد، الذي يشكل سارية لعلم العراق في نفوس وعقول العراقيين. إن السيد مقتدى الصدر قد ارتكب خطأ كبيرا بالانسحاب من البرلمان، هذا الانسحاب هو الذي مَكّنَ الإطار من أن يحوز الأغلبية التي جعلته يتصدر المشهد السياسي، وهو الذي ساهم مساهمة كبيرة وفعالة في تغيير التحالفات لصالح الإطار التنسيقي. هناك سؤالان، ليست لهما إجابات في الوقت الحاضر، وربما لن تكون لهما إجابات شافية، حتى مستقبلا. لكنهما في المقابل يظلان سؤالين محيرين جدا، أولهما؛ هل انسحاب التيار من البرلمان بمحض إرادته؟ وثانيا؛ هل إن المرجعية لم تدخل على خط الأزمة أي أزمة تشكيل السلطة التنفيذية؛ في فك الخيوط المتشابكة فيها؟ نزولا من المرجعية، إلى المنبسط الذي تموج فيه، أو على سطحه، رغبات وحاجات الشارع العراقي، في حكومة تلبي الحاجات الأساسية، هذا إذا افترضت افتراضا؛ دخول المرجعية على خط الأزمة. إنما من الجهة الثانية، ربما يكون للإحاطة التي قدمتها الممثلة الأممية في العراق أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، للأوضاع في العراق؛ تأثير في الإسراع في العمل على الانفراج السياسي، الذي قاد لتمرير مرشح الإطار لرئاسة مجلس الوزراء. فقد هاجمت الممثلة الأممية أطراف أو أحزاب وكتل العملية السياسية، إذ قالت إنهم لا يعملون من أجل مصلحة الشعب العراقي، بل يعملون من أجل مصالحهم، ومصالح أحزابهم وكتلهم. لكن الأهم هو تضمين سطور إحاطتها هذه؛ التدويل للوضع في البلد. وفي قناعتي؛ أن التيار الصدري سوف لن يتدخل، أو يحاول أن يعرقل في الوقت الحاضر؛ عملية تشكيلها بأي شكل من الأشكال، أو بأي صورة من الصور، أو يحاول أن يتدخل في عمل الحكومة المقبلة، وبالذات في السنة الأولى من عمرها، الذي لم يبدأ بعد. عليه؛ فإن تشكيلها أي تشكيل الحكومة العراقية المنتظر تشكيلها من قبل الشعب العراقي؛ سوف تمضي على مسارات ما تم لها من تخطيط، وبمباركة إيران والولايات المتحدة. على عكس ما يتصور البعض من أن هذه الحكومة التي طال انتظار الناس لها؛ جاءت او سوف تجيء في المقبل من الايام او الأسابيع، رغم أنف أمريكا وإرادتها. هذا التصور على درجة كبيرة جدا من الخطأ، إن لم أقل إنه خطأ تماما. التيار الصدري من وجهة نظري؛ لن يتدخل، أو لن يقف مانعا للسير على درب تشكيلها، باستخدام قوته الشعبية، أي قوته وقدرته في تحريك الشارع بالضد منها.. التيار سوف لن يقوم بما قام به مؤخرا من تظاهرات واقتحامات للمنطقة الخضراء التي تشكل العش الحصين لأقطاب العملية السياسية. أنصار التيار عندما اقتحموا المنطقة الخضراء، عطلوا جلسات البرلمان؛ مع إعلان الحائري تقاعده، من العمل الحوزوي، في الوقت الذي يشكل فيه الحائري، المرجعية الروحية للتيار، في سابقة تشكل بداية لتأريخ جديد لسياقات الآيات العظمى في العمل الحوزوي، لم يسبقه إليه، أو إليها أي من المرجعيات الدينية. فقد قال الحائري في إيضاح تقاعده؛ بأن حالته الصحية أجبرته على قراره هذا، وإنه سوف يكون من اتباع السيد خامنئي، ودعا مقلديه إلى أن يحذوا حذوه. من المهم الإشارة هنا أو التذكير هنا؛ أن الآية العظمى المرحوم السيد الخوئي، لم يتقاعد من العمل الحوزوي حتى وهو راقد على فراش المرض إلى أن وافته المنية، كما غيره من الآيات العظمى في تأريخ المرجعيات. السيد مقتدى الصدر، قال في رده على تقاعد الحائري؛ إن هذه هي ليست إرادة الحائري، وأضاف؛ أن المرجعية في النجف وليست في قم؛ وهذه إشارة إلى أن أنه يتبع السيد السيستاني مرجعيا. تاليا بعد أقل من يوم انسحب أنصاره من المنطقة الخضراء. في الاقتحام الثاني لأنصار التيار للمنطقة الخضراء، الذي جرى فيها ما جرى في وقتها من سفك للدماء، سواء من عناصر التيار أو من الجهة الأخرى المضادة له، التي كادت أن تتوسع دائرة العنف فيها؛ لولا تغريده منه ملزمة لأنصاره بالانسحاب، الذي أوقف بها دوامة العنف في مكامنها، أي مكامن المنطقة الخضراء، ليعم الهدوء فيها والسلام. تاليا سارت الأمور على طريق الانفراج الذي انتهى في نهاية المشوار هذا، إلى الولادة المنتظرة لحكومة طال مخاض ولادتها العسير لأكثر من سنة. يظل السؤال المهم؛ هو هل تتمكن الحكومة المقبلة التي هي كما يقول عنها أركان الإطار؛ بأنها سوف تكون حكومة خدمة وطنية؛ أن تقدم الخدمات للشعب والوطن، ويحل الوئام والانسجام بينها وبين حاجات البلاد والعباد، إلى الأمن والتنمية والاستقرار والعيش الكريم. تبقى الإجابة على هذا السؤال، هناك على رفوف المقبل من الزمن.

أحدث المقالات