23 ديسمبر، 2024 5:28 م

العراق تحت رحمة الاختطاف

العراق تحت رحمة الاختطاف

من المعلوم بأن المرتزقة و الجماعات الأرهابية و الخارجة عن القانون غالباً ما تعمل وفق أجندات رسمت لها من قبل أسيادهم وراء الكواليس تحت عناوين و مسميات عديدة و مختلفة في آن واحد وتبرز هذه الجماعات في مناطق تكون سلطة الدولة فيها ضعيفاً ان لم تكن معدوماً في الأصل او ربما تستغل الضروف السياسية و الامنية المتردية السائدة في أي مجتمع و من أجل أن تلعب دورها و تحقق أهدافها فإنها تضرب على الاوتار و النعرات الدينية و الطائفية و القومية و تقوم بالقتل و الاختطاف و التدمير و التفجير و كل فعل مشين ينتهك حقوق الانسان .

ان زيادة معدلات الجريمة بالعدد و النوعية اشارة واضحة على عدم استقرار تلك المنطقة و عدم قدرة السلطات الامنية من بسط نفوذها بشكل يجعل الانسان في مأمن على حياته و ممتلكاته … ان أحدى الجرائم التي رافقت المشهد العراقي بعد عام (2003) هي الاختطاف الذي طال أعداد هائلة من المواطنين لأسباب عرقية او طائفية او قومية او مادية انتهت بالافراج عن المختطف بعد تحقيق أهدافهم أو قتله و ان الكثير من الجناة تم القبض عليهم و أحالتهم الى القضاء لينالوا جزائهم …

ولكن بعد أعلان حيدر العبادي لحزمة من الاصلاحات التي كانت نتيجة مايعانيه العراق من فساد مستشري في اغلبية مؤسساته الحكومية وما كان يعانيه المواطن من قلة الخدمات (و ان كانت هذه الاصلاحات لم تر النور الى الأن و لم يتم ترجمتها الى واقع حال) و على الرغم من اعلان جميع الكتل السياسية و النيابية عن دعمها و مباركتها لهذه الاصلاحات إلا ان مصالح فئات عديدة اصبحت في خطر و تهديد تلك المصالح التي حصل عليها هؤلاء الفئة من قوت المواطنين فيقفون أمام هذه الاصلاحات بكل ما أتو من قوة بشكل غير مباشر .

لذا نرى زيادة جرائم الاختطاف كماً و نوعاً من حيث عدد الاشخاص المختطفين و نوعيتهم بين وكيل للوزارة و نائب في البرلمان و عامل اجنبي و حامل شهادة و صاحب مهنة و ذلك بهدف التأثير على الروح المعنوية للشعب برمته و دليل على أن من يقوم بها يستطيع فعل مايريد دون خوف من السلطات فقبل ايام طالت ايدي هذه الجماعات الارهابية مجموعة من العمال الاتراك الذين دخلوا العراق وفق الاصول الرسمية ليساهموا بعملهم بدفع عجلة التنمية و البناء نحو الأمام و أختطفوا في بغداد (عاصمة السلام) و بعد جهود حثيثة و مفاوضات (غير رسمية) تم الأفراج عن أثنين منهم لكن في (البصرة) و هذا الاختطاف يحمل العديد من التساؤلات منها .

* لم تعد الاختطاف جريمة ترتكب للحصول على أموال و انما للتأثير على الوضع السياسي و الامني للعراق و علاقاته الأقليمية و الدولية .

* ان هذا الاختطاف أرتكبت من قبل مجموعة كبيرة متنكرة بزي الجهات الحكومية الرسمية و أستطاعت بفعل قوتها و تأثيرها من نقل هؤلاء الاتراك الى جنوب العراق على الرغم من الاجراءات الامنية المتشددة و وجود نقاط تفتيش عديدة و هذا يعني بأن

لهؤلاء الجماعات متعاونين معهم في الأجهزة الأمنية او أن قوتهم تفوق قوة وسلطة هذه الاجهزة بشكل لايمكن ايقافهم او اتخاذ الاجراءات بحقهم .

* أن هذه الجريمة تعد جريمة منظمة بأمتياز لأنه ارتكب في وضح النهار في مدينة مكتظة بالسكان و بتخطيط مسبق و تنفيذ دقيق من قبلهم .

* اشارة واضحة الى حكومة العراقية اذا مضت في اصلاحاتها فستشهد جرائم أخرى اكبر صدىً و تأثيراً ناهيك عن التفجيرات شبه اليومية ربما تصل الى الانقلاب و أنهيار الحكومة .

* هذا الاختطاف تدل على وجود صراع واضح بين تركيا و ايران في العراق و ان مصالحها متضاربة و متقاطعة و لكل منهما رؤية مختلفة عن الأخرى حول الوضع العراقي و كل منها تحاول النيل من الأخرى بأساليب ملتويةو شروط الأفراج عن المختطفين تشير الى ذلك للتقليل من الدور التركي في العراق .