مستقبل العراق جعل الصراعات السياسية محتدمة وتحمل طابعاً سياسياً حاداً وايدلوجياً كل واحد منها تعبر عن مصالحها اهدافها والكل يعلم ان ممارسة الديمقراطية في العراق هي ظاهرة جديدة لم يتعامل معها اكثر الاحزاب والكتل بشكل حقيقي…
ان الديمقراطية هي ممارسة حضارية متقدمة تهدف الى نشر الوعي وحالة راقية وغايتها الانسان وتهذيب المجتمع ودفعه نحو الامام وهي ظاهرة متميزة والعراق يملك مقومات قبولها لان له جفرافية وموقع حساس ويمثل همزة وصل بين الشرق و الغرب اي انه غني بموقعه الاستراتيجي ويحمل ارثاً ثقافياً وحضارة تمتدبعمق التاريخ ونموذجاً عريقاً للتسامح والمحبة ويملك كل اسباب التطور …
ولاشك ان بلد بهذا الموقع وهذا التاريخ لابد ان يتأثر بما يدور من حوله في الدول المجاورة ويتحمل اوزار تلك الظروف وعليه ان يرصن وحدته الداخلية ويغلق كل الفجوات التي في الامكان ان يدخل الشر من خلاله.
اتسمت الفترة الماضية بحالة من الفوضى وعدم الاستقرار وتفاقم واشتداد الازمات الغير مجدية والمتعمدة بين الكتل والتيارات السياسية عامة بمأزرة قوى خارجية وداخلية ذيلية مدعومة مادياً ومعنوياً وبتفاعل عجيب مما فاقم حدة تلك الصراعات وولد خطورة ونواقيس وهواجس سيطرت على كل المسيرة وقللت من سرعة حركة التطور وتلكأت المسيرة الفتية واخلت بتحققها للمشاريع المؤملة والمنتظرة من الجماهيروتوقف عجلة البناء وظل الارباك والفوضى يسودان العملية برمتها…
لقد لعبت وسائل الاعلام الخبيثة والمؤجورة في اشعال نار الفتن وهناك من يسمع تلكم الاصوات والابواق الهوجاء التي ساهمت على التباعد بين الشرائح الشعبية وعملت على اثارة الشارع وقسمته الى اجزاء متناحرة مما اضعف الروح الوطنية عند البعض من افراد المجتمع تارتاً باسم الدين وتارتاً باسم القومية واخرى باسم الطائفة والمذهب وصار التعويل على تقسيم العراق ونسف المشروع الوطني الورقة الرابحة التي تلعبت عليه بعض الأطراف الإقليمية والدولية , تحت حجج كثيرة منها تفادي الحرب الأهلية واحقاق حقوق فئة معينة كذباً وزورا واليوم متحدون بزعامة أسامة النجيفي تضع “الاقليم السُني” في مقدمة أجندة مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة، وعدته شرطاً أساسياً لقبولها بأي مرشح لتولي رئاسة الوزراء ” من جانبه يؤكد القيادي في (حل) زياد الذرب:( لن نضع خطوطاً حمراء إزاء المفاوضات مع أي جهة سياسية داخل التحالف الوطني، ويمكننا التفاهم مع من يحقق رغبات الشارع السُني)ولااعتقد بأن الاخوة يرضون بمثل الخطوات التقسيمة بل يرفضونها جملتاً وتفصيلاًلانها مشاريع لايراد منها الخير للعراق ابداً والدستور يرفض الاقاليم على اساس الطائفية والقومية…
كما ان انحراف بعض الشركاء السياسيين نتجية جهلهم وقصر نظرهم والتفكير الضيق وعدم فهمهم للواقع الحالى والمرحلة فهماً حقيقياً لدرء المخاطر التي تحيط بالبلد زاد الطين بلة…
ان التصدي للارهاب في الوقت الحالي يبقى الأساس الذي يعتمد عليه للخروج من دوامة ألازمة العراقية الراهنة على الرغم من كل النواقص التي تعتري العملية السياسية الراهنة والقبول بالواقع…
لذا نحن في امس الحاجة الى تغيير حقيقي على مستوى الذات الوطني وتعميق الشعور بالمواطنة الحقيقية و تفعيل برامج تتفق عليها الاغلبية البرلمانية لادارة البلد والخروج من شرنقة المحاصصة الطائفية واللجوء للاكثري في تشكيل الحكومة على ان تضم كل المكونات القومي والاثنية…
والخلاصة يجب ان يكون هناك حوار شامل واضح يرسم الخطوط العريضة لحاضر ومستقبل عراقنا العزيز والرضوخ للشارع ولما ستفرزه صناديق الاقتراع …
وعلى مجلس النواب القادم امرارتشريعات القوانين الباقية والتي تحمي فيها الطاقات المستقبلية المهدورة بعيداً عن الحسابات السياسية او الجهوية والفئوية وليزرع الامل من جديد و رسم البسمة على شفاه الامة بدل اليأس والتخفيف عن جزء من معاناته الماضية…
والمطلوب بعد ان اتضحت معالم الانتخابات في 30 نيسان العمل على فرز قوة تشريعية قادرة على تشكيل سلطة تنفيذيه قوية لتحقيق الاصلاحات المرادة واخذ العبرة من تجارب المرحلة المريرة الماضية ورسم الخطوط العريضة للمستقبل الزاهربعيداً عن الحقد والكراهية وطي صفحات الخلافات .
اما الحكومة القادمة عليها ان تتولى المسؤولية الأخلاقية والشرعية والقانونية المترتبة والتعاون لازالة اثار التراكمات من الاخفاقات وعدم قبول وزراء غير مهنين وغير قادرين على مواكبت عمل الحكومة لتحقيق طموحات الشعب والتصدي للفساد بكل حزم واعادة الثقة للجماهير بالعملية السياسية وبقيادتها ووانقاذها من الاحباط واليأس الذي اصابها جراء الممارسات الخاطئة لبعض القوى السياسة التي فرضتها الظروف على الساحة العراقية…