تمر بلاد الرافدين منذ اكثر من 9 أشهر بخلافات عميقة ومخاض عسير لإنتاج حكومة (متعارف عليها ) منذ العام 2003 ولغاية يومنا هذا في العام 2022 ، إلا ان بوصلة الزعيم الشيعي الابرز مقتدى الصدر اختلفت هذه المرة لتتجه نحو الشركاء في الوطن (السيادة والحزب الديمقراطي الكوردستاني ) لتشكيل حكومة “اغلبية وطنية” على حد وصفهم ولكن ما لبثت تلك الامال والطموحات طويلاً حتى أجهضت من قبل ما سمي لاحقاً قوى “الاطار التنسيقي” والمحكمة الاتحادية التي اشترطت حضور ثلثي اعضاء البرلمان لعقد جلسة اختيار الرئيس والذي بدوره سيكلف رئيس الوزراء المقبل ، من هنا بدأت مرحلة كسر العظم التي بدات بتهديدات ووعيد لاعضاء التحالف الذي شكله الصدر المسمى (تحالف انقاذ وطن) وحدثت تفجيرات لمقرات حزبية واغلاق لمناطق اخرى تحت تهديد السلاح.
أزمة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة باتت تنذر بخطر وكارثة وربما فوضى أمنية بين الاحزاب والقوى الشيعية، فمقتدى الصدر أمهل خصومه وحلفاءه في 15 مايو الماضي، 30 يومًا لتشكيل حكومة، وقرر أن يتحول وتياره للمعارضة، بعدما عملت قوى الإطار التي تملك الثلث على تعطيل انتخابات رئيس للجمهورية في البرلمان وتعطيل القوانين لتنتهي المدة دون اي تقدم يذكر.
وفي حال تمكنت قوى الإطار التنسيقي وتحالفات أخرى في تشكيل الحكومة العراقية، فإن التيار الصدري كان سيلجأ لمظاهرات واحتجاجات لإسقاطها، واستمرار الأزمة حينها سيعني حل البرلمان والدعوة لانتخابات كما حدث من قبل مع رئيس الوزراء السابق، عادل عبدالمهدي.
انتهت المهل المقدمة من الطرفين ، وانتهت المبادرات ولا يزال الشارع العراقي يغلي وهو بين نارين نار تريد حكومة اغلبية وطنية بلا وجوه قديمة ونار تريد تكرار نفس الوجوه بمسميات جديدة وهو ما يرفضها الصدر جملة وتفصيلاً كونها لم تات باي تقدم او رخاء للشعب العراقي بل على العكس زاد الفساد وبددت الثروات وهربت العملة الصعبة الى الخارج في وضح النهار كما يقول هو .
مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية المقبلة تجري في ثلاث مدن في البلاد. ففي بغداد، هناك الإطار التنسيقي الشيعي الذي يعترض على نتائج الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في 10 أكتوبر/تشرين الأول ويخشى ألا يكون له دور في الحكومة المقبلة وجاء أداء العناصر الرئيسية للإطار التنسيقي ضعيفًا في الانتخابات الأخيرة مقارنة بالتصويت البرلماني السابق للعام 2018.
وفي النجف، هناك زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الفائز في الانتخابات والأقوى حاليًا في معادلة تشكيل الحكومة بعد أن فازت كتلته بـ 73 من أصل 329 مقعدًا في البرلمان العراقي.
وفي أربيل، هناك الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني. ويبحث الزعيم الكردي عن الفرصة الأفضل للتحالف، ويرى حاليًا أن مصالحه تتلاقى ومصالح الصدر وتحالف السيادة السني.
ان تدهور العلاقات بين مقتدى الصدر وخصومه من الفصائل الشيعية المدعومة من إيران بعد أشهر من الخيبات والأزمات، واشتداد الخلاف بين الطرفين ، دعا بعض زعماء الشيعة لعدم استبعاد وقوع اشتباكات مسلحة بينهما، حسبما ورد في تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.
وهذا ما دعى السيد مقتدى الصدر الى اطلاق ذلك العنان لغضبٍ هادر لم يشهده خصومه منذ بدء مفاوضات تشكيل الحكومة، ودفعه الأمر إلى مهاجمة المؤسسة القضائية علناً، متهماً إياها بـ”مسايرة” الأفعال “المشينة” لـ”الثلث المعطِّل” من النواب الذين قاطعوا البرلمان.
وقال زعماء شيعة مطلعون لموقع Middle East Eye، إن قادة الفصائل الشيعية، وعلى رأسها الفصائل المسلحة، استفزهم خطاب الصدر، وبدأوا في حشد مقاتليهم، وأمروهم بضبط النفس ، كل تلك العوامل والمؤشرات هي مقدمات لمواجهات قد تفضي لتشظي العراق الى اقاليم وربما دويلات يسهل التحكم بها، الا اذا كانت هناك مبادرات وتنازلات اللحظات الاخيرة ولململة البيت الشيعي وترميمه مجدداً وهذا ما يتمناه العراقيون من اجل حقن الدماء والمضي بمشروع وعقد جديد ينهي حالة الاقصاء ويوقف هدر الثروات ويحكم البلد اهله الاصلاء بعيداً عن التبعية والولاءات والاملاءات الخارجية.