19 ديسمبر، 2024 3:33 ص

 العراق بين شموخ النزاهة وحضيض اللصوص

 العراق بين شموخ النزاهة وحضيض اللصوص

منذ نشوء الحضارة والحياة في بلاد مابين النهرين كان ومازال هذا البلد يمثل بلاد المتضادات فالصراع بين الحق والباطل والظلام والنور والخير والشر ماهما الا متضادات الصراع اجتمعتا فوق تربته الطاهرة والعراق يمثل تاريخ البشرية منذ عهد سومر مرورا بالعهود الحضارية القديمة والحديثة حيث انشأت فوق ارضه سلالات تاريخية قديمة واحتضن هذا البلد تاريخ انبياء واوصياء وتأريخه حافل بنماذج بشرية تعد قيمة مثلى من الفخر و تخلدت بفضل سموها ونزاهتها وصدقها مع الله اولا ثم مع شعبها وفي هذا المقال اردنا ان نقارن بين مفهومين ابتلينا بهما الان هما الفساد الاداري والمالي ونقارنه مع نماذج الخير والنزاهة طوال تأريخنا القديم والمعاصر وكيف ينظر المجتمع الى كيلا الحالتين والشخصين وهما(النزيه_ الفاسد) وهل كيلا الشخصين محترمين من قبل المجتمع ام الفاسد منبوذ والنزيه له مكانته من التكريم والعراق مابعد عام 2003 ابتلى بأفتين هما الارهاب الطائفي والفساد المقيت وهاتين الافتين انهكتا هذا البلد وأصبحت اموال هذا الشعب عرضة لضعاف النفوس و اللصوص وتحولت المشاريع كبضاعة تباع وتشترى عشرة مرات لاشباه المقاولين الفسدة وهولاء يهدون الهدايا والمكرمات مقابل السكوت عن فسادهم ومشاريعهم المتلكئة والرديئة والبعض منها وهمية وهذا الكلام يذكرني بتأريخ امامنا رمز العدالة النزاهة وصدقه مع نفسه حيث كانت سيرة امامنا علي بن ابي طالب ع حافلة بالمواقف التي تنم على النزاهة وحفظ بيت المال وتواضعه اثناء الحكم حيث قال ذات يوم (والله استحيت من كثرة ترقيع ردائي) بل وذات يوم طلب منه اخيه عقيل مالا من بيت مال المسلمين فقال له الامام علي

اتريد ان يطول حسابي يوم القيامة فانا أوتمن على خزائن اموال المسلمين وقيل عندما هذا الامام الى بيت المال يخاطب المال بقوله (والله لاتغرني يامال ) هكذا هي النزاهة اما في وقتنا الحاضر فكان الشهيد محمد باقر الصدر يهدى اليه بعض الالبسة وهو يهديها لطلبته الفقراء مواسيا لهم ، اما الزعيم عبد الكريم قاسم فانه قتل فقيرا وكان راتبه لايكفيه بل يوزعه على الفقراء والمحتاجين من ابناء شعبنا الكريم، و في زمن المعارضة كان في سوريا يعيش الكاتب العراقي اليساري الراحل هادي العلوي وكان يمتلك قميصا واحدا وبنطلونا واحدا وعندما تقوم زوجته بغسل هاتين القطعتين يرفض الخروج الا ان ييبسا وكان هذا الكاتب النزيه يرفض الاموال من دور النشر العربية التي تقوم بطباعة كتبه وتوزعها وتبيعها على الاسواق والمكتبات حيث يقول ان الثقافة لاتباع وتشترى وذات يوم زار هذا الكاتب الشاعران مظفر النواب ورياض النعماني متفقدانه في احدى اماسي المنفى في دمشق الشام وكان اغلب حديثهما حول هموم الثقافة والادب فقالا له الشاعران اثناء الحديث لماذا لم تستلم حقوق التأليف والنشر من مؤسسات النشر وانت بحاجة الى المال وتعيش الفقر فردهم العلوي بعنف حيث قال لهم (اذا تكلمتم معي حول هذا الموضوع أي حقوق التأليف قسوف اقطع علاقتي بكما لان الثقافة ليست بضاعة تباع وتشترى ) فسكت الشاعران النواب والنعماني واحترما رأيه هكذا هي النزاهة اما الان فالوطن يباع من قبل ضعاف النفوس ويشترى وهنا اقصد بعدم احترام القانون واللهاث وراء الرشوة والفساد واكل السحت الحرام عما بأن الشخص المسؤول الذي خان وطنه وشعبه و قام بسرقتهم تحت لافتات واساليب ماكرة ماهي الا خيانة عظمى لهذا الوطن الذي ابتلى باللصوص والعراق يقف في مفترق طرق بين شموخ النزاهة وحضيض اللصوص ولكن شموخ النزاهة هو الذي يخلده التاريخ اما حضيض اللصوص فهولاء ارهاب اخر يجب ان نواجهه ولو بمقال كهذا.

انها حسرة تؤلمني كثيرا حيث تركت العراق مهاجرا منفيا قسريا عام 1987 و وعدت من المنفى عام 2003 و كانت اشيائي كلها

ومعظمها هي مكتبة صغيرة اغلب كتبها هي اهداءات الاصدقاء من الكتاب والادباء وهذا هو رصيدي الذي احتفظ به في هذه الدنيا.

أحدث المقالات

أحدث المقالات