ليس هناك من خلاف بشأن حالة التخبط والفوضى التي تعم العراق بسبب تضارب المواقف السياسية والاختلافات السائدة لأسباب شتى من أهمها وأخطرها إن مرجعية البعض خلف الحدود، کما إن بعض آخر وبحکم الابتزاز والتهديد وماإليه يکون موقفه غير سليم ولايستند على أرضية تبعث على الاطمئنان، ولازالت قضية رفض أو قبول القوات الامريکية المتواجدة في العراق باقية ولم يتم حسمها لحد الان خصوصا وإن موقف الشعب العراقي والذي هو الاساس، مغيب لأن هناك تيار ملفت للنظر في مجلس النواب يدفع بإتجاه إصدار تشريع يدعو لإخراج القوات الاجنبية وتحديدا الامريکية من العراق، وهو تشريع يثير مخاوف الشعب العراقي عموما وبعض من مکوناته وأطيافه خصوصا لأنه يضع العراق مرة أخرى تحت الهيمنة المطلقة للنظام الايراني.
تأکيد رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي(المقرب من طهران)، خلال لقائه الاخير مع وزير الدفاع الأميركي، باتريك شاناهان، على حاجة العراق للقوات الأميركية في التدريب والدعم اللوجستي. هذا التأکيد يمثل تناقضا کبيرا مع الدعوات الاخرى المناقضة المطالبة بإخراج القوات الامريکية خصوصا تلك التي يشدد عليها أقطاب النفوذ الايراني في العراق والذين يٶکدون بأن العراق لم يعد بحاجة لها، بل إن موقف الحلبوسي ذاته يغلب عليه التناقض إذ أنه من جهة يغمز لطهران بتإييده لدعوات إخراج القوات الامريکية من العراق ولکنه يلمح لعکس ذلك مع واشنطن!
هذا التناقض يٶکد حقيقة وواقع قوة نفوذ النظام الايراني في العراق وحتى إن قضية ضحايا عبارة الموصل والتي صدر أمر إعتقال بحق محافظ نينوى المقال ومنعه من السفر، يظهر فيها دور وقوة هذا النفوذ بعد أن صدرت الکثير من التأکيدات بتورط ميليشيات في الحشد الشعبي فيها ولکن تم إستثنائها، لأن کل مايتعلق بهذه الميليشيات يرتبط ويتعلق بالارهابي قاسم سليماني قائد فيلق القدس، ولاريب من إن هذه التناقضات مع الاخذ بنظر الاعتبار إنها لاتزال تجسد إستمرار بقاء النفوذ الايراني على قوته ولکنه وفي نفس الوقت يشير أيضا الى إنه لم يتمکن لحد الان من حسم الامور لصالحه وإن هناك إتجاه معاکس ليس من السهل على النظام الايراني أن يقصيه بتلك السهولة التي يصورها الساسة التابعين لطهران في العراق.
إيران التي تجتاحها حاليا السيول التي شملت 27 محافظة من أصل 31 محافظة، يقف النظام الايراني في موقف حرج جدا فهو لايجد مايبرر به تقصيره وتقاعسه عن نجدة وإغاثة المنکوبين من جهة کما إنه لايعرف کيف يبرر موقفه أمام الرأي العام العالمي، خصوصا وإن الشعب الايراني ساخط الى أبعد حد على النظام ويصب جام غضبه على ممثلي المرشد الاعلى في مختلف المحافظات مع إحتمال أن تکون هناك ردود فعل شعبية أقوى ضد النظام قد تصل الى حد إندلاع إنتفاضة کبيرة بوجهه ولاسيما وإن زعيمة المعارضة الايرانية مريم رجوي، قد دعت الى ذلك بکل وضوح، ولذلك فإن النظام الايراني وخلال هذه الفترة تحديدا سيکون أضعف مايکون للسعي بإتجاه إخراج القوات الامريکية من العراق.