منذ ثمانينيات القرن الماضي وسمائنا وارضنا منتهكة,وقرارنا السيادي يأتي من خارج الحدود,فالبعث القادم بقطار استعماري متوحش الى الحكم ,الخارج (اي المستعمر)من تجربة مذابح الحركات اليسارية حول العالم(كمجازر فيتنام , واندنوسيا, الخ.),ورطنا هذا النظام بعدة حروب وازمات سياسية وامنية واقتصادية داخلية وخارجية,افضت في عام 1992 الى ان تكون مناطق خطوط العرض والطول في الشمال والجنوب تحت الوصاية الدولية,ثم تعمدت الادارتين الامريكية والبريطانية من جعل قضية التفتيش عن الاسلحة الكيمائية او النووية المفترضة ,حجة لتكرار عملية انتهاك سيادة دولة مستقلة وفقا لميثاق وقرارات وقوانين وانظمة الامم المتحدة,
التي تلاعبت بها الارادة الامبريالية بشكل فاضح,وحولتها الى اداية طيعة لتدمير الشعوب وتحطميها(كفرض الحصار الاقتصادي على الشعب العراقي),وبعد ان تغيرت المعادلة الدولية في مواجهة التصاعد الناشئ للدول النامية,ومراقبة العودة الروسية لواجهة التأثير الدولي ,وكذلك زيادة المخاوف المعلنة تجاه الامبراطور الصامت (الصين),اسقطت الدولة العراقية عام 2003,
وانهارت مؤسساتها العسكرية والامنية ,على الرغم من انها مؤسسات فاسدة ومشبوهة ومشكوك بولائها الوطني,بل ومتهمة بارتكاب جرائم الابادة الجماعية ضد ابناء الشعب العراقي,لكنها تبقى من حيث المبدأ مؤسسات دولة قابلة للاصلاح,مما تسبب بفوضى امنية وحكومية عارمة,استثمرتها ادارة الحاكم المدني بريمر للضغط على الاطراف السياسية المنضوية تحت عباءة مجلس الحكم المؤقت, من اجل قبول وتطبيق توصياتهم الخبيثة,
والتي لعبت على اوتار التقسيم والتفرقة الاجتماعية والسياسية الداخلية,بحيث انهم جعلوا من الاغلبية السكانية اقلية سياسية تكون حقوقها في الحكومة مناصفة تقريبا مع الاقليات الطائفية والعرقية الاخرى(العرب السنة والاكراد),وهذا اول المستنقعات التي أغرق فيها العراق بقوة,وساهم بأثارة الشارع العربي السني المتطرف ,
مما جعله ينخراط بحرب طائفية خاسرة(تاريخية..من الخطأ تسميتها بالحرب الطائفية, انما هي حرب تاريخية باردة بين المعسكرين العلوي والاموي),والمستنقع الاخر الخطر جدا,المتمثل بالسماح دستوريا للاحزاب الكردية بفتح جبهة دائمة مع الحكومة المركزية والدستور نفسه,عبر اتباع سياسة اثارة الازمات(كأزمة المناطق المتداخلة –وكركوك- واستكشاف وتصدير واستلام عائدات النفط) تحت خطوط النار المستعرة
(الارهاب والتدخلات الخارجية المباشرة في الشأن العراقي من قبل تركيا والسعودية وقطر والاردن وايران ودول اخرى),
والكل يعلم الازمة المفتعلة التي اثارها مسعود البرزاني مع حكومة بغداد ,بعد ان حرك الاخيرعدد من القطعات العسكرية في الموصل لضبط الحدود مع سوريا,وحصلت مواجهات سياسية وعسكرية بين الطرفين ,انتهت بتعقل الحكومة العراقية وترحيل التهور السياسي الكردي الى اجتماع اربيل(الذي حضره علاوي والسيد مقتدى الصدر والذي اريد من خلاله رفع الثقة عن حكومة المالكي),استمرت الازمات الى مابعد الانتخابات البرلمانية,حتى جاءت ساعة الانهيار العسكري الشبه كامل
( وقد كان متوقعا ,وقد نبهنا له في اكثر من مقال ,وفقا لمعطيات الواقع,الذي سجل انسحاب اعداد كبيرة من الجنود من مواقعهم ,وعودتهم لبيوتهم) لعدد من الفرق العسكرية في بعض المحافظات الغربية(الموصل, صلاح الدين ,والانبار ,واجزاء من ديالى ,وبعض مناطق حزام بغداد),مما تسبب بحالة من الهلع والذعر لبعض سياسي المنطقة الخضراء ,جعلهم يطرقون ابواب المرجعية بحثا عن فتوى الانقاذ الوطني(الجهاد الكفائي),
ومع ان السيد المالكي رئيس الوزراء السابق يتحمل الجزء الاكبر من المسؤولية, لماجرى من هزائم وانهيارات متتالية في تلك الايام العصيبة,تبقى من حيث المبدأ هي مسؤولية مشتركة تتحمل تبعاتها القانونية والاخلاقية والوطنية جميع الاحزاب المشتركة في الحكومة(واولها الاحزاب الكردية, التي كان لبعض ضباطها وحتى قوات البيشمركة موقفا سلبيا من احداث الموصل,والتي تغيرت بعد ان اخطأ داعش بالاقتراب من حدود اقليم كردستان, ولعله ورط من قبل الجانب التركي بهذا الاندفاع),انهارت السيادة الوطنية مجددا,
وصار الاستجداء بطيران الامريكان او مايسمى بدول التحالف امرا ضروريا (طيران بعض دول الخليج المتورطة بدعم الارهاب) ,ولكن جاءت تلك المساعدات الدولية على شكل شروط واوامر وطلبات سياسية داخلية ,تمس وحدة وامن وسيادة البلاد,كان اول تلك الشروط تغيير المالكي..فتم لها ذلك,ثم طلبت من ان تكون على علم في الاسماء المقدمة لحكومة العبادي ,وبالاخص الاشخاص المرشحين لشغل الوزارات الامنية,
,وحثت الحكومة العراقية الجديدة من الذهب الى السعودية للاعتذارعن اتهامات الحكومة السابقة لها” بتصدير الارهاب”,
واليوم تذهب الى تركيا من اجل سحب نفس الاتهامات, التي وجهتها الحكومة السابقة لتلك الدول معززة بالادلة والوثائق والمستمسكات (وبمعلومات الارهابيين انفسهم ايضا) ,وكأن الذي حدث في العراق(ومصر وسوريا وليبيا واليمن وتونس الخ.)مجرد اتهامات فارغة لا اساس لها
,تجعل من الضحية متهم..ومن المجرم ضحية …
,ماذا قال الجعفري وزير الخارجية للسعودية سابقا؟
وماذا سيقول الجعفري ايضا للاتراك عن ضحايا الارهاب والاجرام السياسي التركي بحق العراق وسوريا؟
الارهاب لايحل دبلوماسيا,بل يحل بعدة اجراءات وخطوات داخلية مهمة,تجعل من جدار الوطن واسواره عصية على الانهيار او الاختراق,وقد اثبتت تجربة الحشد الشعبي
(الشيعي السني العربي الكردي ,والعراقي عموما)
نجاحها الاسطوري في تحطيم معنويات الاعداء(داعش وبقايا ازلام صدام واجهزته القمعية)وتدميرها تدريجيا
,نحن بحاجة الى ثورة اصلاحية عسكرية وامنية وادارية,وتعديل عمل مجالس المحافظات الفاشلة,والبحث في سبل تنظيم علاقتها المرتبكة والشائكة مع الوزارات في الحكومة المركزية
,كذلك انهاء عمليات غسيل الاموال عبر تجربة الاستثمار الحكومي الداخلي,والاستعاضة عنه بتشكيل شركات مجهزة بالاليات والمعدات المتطورة تابعة للوزارات السيادية,وتطويرعمل مديريات الخدمات العامة,والتي سوف تستقطب مئات الالاف من العاطلين عن العمل,اذا ما قارنا ارباح الشركات الخاصة المنفذة لتلك المشاريع ,بالرواتب المفترض انها ستدفع لهؤلاء الموظفين والعمال المهرة الجدد,
ستكون متقاربة نظرا للارباح الخيالي التي جنتها الشركات المحلية المنفذة لبعض المشاريع الخدمية السيئة(ماسرق ونهب واخذ على شكل رشاوى في قطاع الصحة وحدها يكفي تقريبا لدفع رواتب محافظة كاملة لعدة اشهر),اي تحسين الواقع المعاشي والتربوي والصحي والخدمي والاقتصادي بشكل ملموس,
والتحرك دبلوماسيا ولكن ايضا بشروط مسبقة,مثلما فرض علينا الاخرون شروطهم من اجل مساعدتنا بمعالجة الارهاب جويا,نحن نقول لن تعاد العلاقات الى طبيعتها الاولى ,
الا بعد ان تنفذ تلك الدول مجموعة من الاصلاحات والقرارات الخاصة بمعالجة ملف الارهاب في المنطقة,
ولنسأل سؤال بسيط يمكن ان تسأله الحكومة العراقية للدول الداعمة للارهاب,اذا تركيا والاردن والسعودية وقطر قطعت الدعم اللوجستي العسكري لداعش؟
كيف يمكن لها ان تستمر كل هذه الفترة في مواجهة قدرات دولة مثل العراق,
قناعتنا تقول….حتى لو انهى العالم ملف داعش,فسوف لن تنتهي فتنة الارهاب ,وسيتم تحويرها واعادة ترتيب اجنداتها وتصديرها الى دول ومناطق مضطربة اخرى,حتى يتم كسر مايسمى بالهلال الشيعي(والروسي الصيني),انهم ينظرون لنا كخطوط دفاع متأخرة قريبة من الشقيق الجارة ايران,وهذا هو بيت قصيدهم,
اذن عن اية دبلوماسية وسيادة تتحدث ياسيادة رئيس الوزراء وياوزير خارجيتنا!
نعمل كما يعملون,,لانكشف لهم اوراقنا,بل ننتظر فضائحهم وتورطهم بشباك وفتنة الارهاب,ثم نفرض شروطنا عليهم,فبيتنا مليئ بالدخان الاسود.. وارضنا مليئة بقبور الضحايا,فممن نخاف ..وبأي الخيوط ننسج دبلوماسيتنا معهم…وقد قطعوها جميعا…