يشهد العراق حربا ،غير الحرب التي نراها الان في المحافظات التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) ، بين حكومة العبادي وميليشيات طائفية تقودها ايران وحرس ثوري وفيلق القدس بقيادة قاسم سليماني تحت يافطة الحشد الشعبي الذي انشأ بفتوى مرجعية النجف بأسم (الجهاد الكفائي) وطيران امريكي لتحالف دولي تقوده امريكا ، وبين تنظيم داعش ، وهذا يحدث من اكثر من سنة ،دون ان تحقق امريكا وحكومة العبادي والحشد والميليشيات اي نصر عسكري على الأرض في الانبار والفلوجة وحتى في الانبار والحويجة وبيجي وصلاح الدين،وما تحقق من (تحرير) ،في الحقيقة هو (تدمير ) بكل ما تعنيه هذه الكلمة الجارحة من معنى في نفوس العراقيين ، لان ما حصل في صلاح الدين وبيجي ،هو خراب وتدمير وانتقام ثأري طائفي ،جرى فيه تفجير البيوت والجوامع ونبش قبور وحرق بساتين وبيوت من قبل ميليشيات الحشد الشعبي التي تزعم هي تارة ان داعش هو من فعل هذا تارة وتارة اخرى ان مندسين قاموا بهذا الفعل الاجرامي،مبرئة نفسها منه ،في حين افلام ووثائق وشهادات الاهالي تؤكد قيامهم بكل هذه الافعال ، لان داعش تفخخ نعم البيوت والجوامع وتفجرها عند تواجد الحشد فيها ، ولكن داعش لا تنبش القبور ولا تسرق الاموال والثلاجات والكماليات والأجهزة الكهربائية وسيارات المواطنين وغيرها (وتعرضها كغنائم ) في سوق يسمى بهذا الاسم ، ليس هذا موضوعنا ابدا ، ما نريد ان نؤكد عبر هذه المقدمة والشرح هو ان هناك حربا اخرى لا تقل خطرا وإجراما على مستقبل العراق والعراقيين إلا وهي ( الدولة العميقة )، التي تشكلت بعد اختيار حيدر العبادي رئيسا للوزراء وإبعاد نوري المالكي بقرار امريكي ،بصفقة امريكية –ايرانية ، وهذه الصفقة هي اناطة مهمة تأسيس (الدولة العميقة ) لنوري المالكي ،بدعم وتوجيه ايراني ، ومهمة هذه الدولة كما تأكد لنا الان، بعد اكثر من سنة من ظهورها ، هو ارتماء العراق كله بحضن ايران ( وجعله ) ولاية ايرانية تابعة لها وعاصمتها بغداد ، وان العراق الان صار (حسب قولهم) ارض الاجداد ولا يحق للعراقيين الاعتراض على دخول الايرانيين اليه بدون فيزا ، وهكذا اصبحت ايران هي من يقود القرار العسكري والسياسي والمالي والاجتماعي ، فتأسيس الحرس الثوري ألعراقي تم على يد نوري المالكي قائده الفعلي في العراق،وهاهو ب(58) ميليشيا بكامل سلاحه ودباباته وصواريخه وطائراته وجهزته وأحدث معداته وكل هذا التسليح وراءه إيران وأصبح دولة داخل دولة ،اي اصبحنا في ظل دولة الميليشيات التي هي اقوى من دولة العبادي نفسها ، بل هي من تدير الدولة كلها، ولا يستطيع العبادي وحكومته من الاعتراض او اصدار اي امر لها مهما كان نوعه ، وهكذا السيطرة على المفاصل الاخرى المخابرات والاستخبارات والجيش ووزارة الدفاع والوزارات الاخرى التي يديرها قادة الميليشيات بأنفسهم ، وتشرف عليها احزابهم مباشرة ، اذن نحن في الدولة العميقة بكل معنى الكلمة ، اي ان هناك دولة تحكم من خلف الستار ، وان ما نراه من سلطة ماهي إلا ستار مهلهل لاسم دولة ، ليس فيه الاسم والهيكل ، فكل القرارات والأوامر تصدر في ايران وتنفذ في العراق ، انظروا ، على ازمة تركيا المفتعلة ،وكيف اججت ايران الموقف وفجرته وأوصلته الى اشعال الحرب مع العراق ومعها، هكذا هيأت الاحداث تصريحات وتهديدات من قادة الميليشيات لتركيا بالويل والثبور وإحراق الدبابات التركية على رأسها، الى الطلب من روسيا(ولماذا روسيا بالذات وليس ايران مثلا ) ان تقصف القوات التركية المتواجدة في اطراف الموصل لتدريب قوات تريد ان تحارب داعش(العدو المشترك للجميع)، في حين يكذب رئيس الوزراء كل الاطراف التي تؤكد ان الاتفاق بين تركيا وحكومة العبادي قد تم منذ عام 2014 وربما قبله ، حتى يصرح نوري المالكي رئيس الدولة العميقة ويطلب بمظاهرات كبيرة وتحريك الحرس الثوري العراقي بقيادة كتائب الامام علي وحزب الله بتطويق السفارة التركية ، وتقديم شكوى لمجلس الامن ، مع تصريحات وقحة لملالي طهران تتوعد تركيا اذا لم تسحب قواتها من ألعراق وفي لحظتها تغير الطائرات الروسية العشرة في سماء العراق وتصور الاهداف العسكرية الحساسة فيه دون ان ينطق اي من امعات ايران وأحزابها وحكومتها ببنت شفة ويعترض على انتهاك (سيادة العراق) مع اقرارنا اننا ضد اي انتهاك مهما كان مصدره ، هذه التصريحات رافقها فتوى صريحة تحريضية خبيثة لمرجع ايراني هو كاظم الحائري بالخروج يوم السبت القادم بمظاهرات كبرى ضد الغزو والاحتلال ألتركي ويتناسى ويغض النظر هذا العلج الفارسي المجوسي عن احتلال ايران للعراق وتدميره وقتل وتهجير اهله وبالملايين ، هذا العمل هو معنى الحرب الناعمة التي تشنها ايران وميليشياتها وأحزابها وحكوماتها المتعاقبة منذ الاحتلال الامريكي الى أليوم لغرض فرض وضمان حكم الملالي وضم العراق الى ايران ولو تحت ستار الاحزاب الطائفية الحاكمة ، ولكنها في الحقيقة هي حكومة ايرانية بامتياز ، وما يحصل من قتل وتهجير ودمار وراءه ايران بكل تأكيد ، وما داعش وظهورها وأفعالها إلا بوحي ايراني مباشر ، يؤكد هذا ان المحافظات (السنية فقط من يتعرض للإبادة والسيطرة والتهجير والتهديم والتفجير على يد داعش والميليشيات معا)، اذن الهدف واحد والوسيلة متنوعة ، ولكنه الافعال تلتقي في الضحية ، فلم نسمع اي تفجير او اي عمل انتحاري تفخيخ او اي عمل عسكري داخل ايران ، الحرب الناعمة قائمة اعلاميا من داخل المطبخ الايراني ن وهي مؤسسة كبيرة جدا يقودها متخصصون في شؤون التخريب والتدمير الاعلامي في كل من العراق وسوريا واليمن ولبنان ، فإيران تشرف وتدعم جميع القنوات الفضائية في هذه الدول وهي بالعشرات ، وكلها تحت سلطة اعلامية وسياسية واحدة هي ايران ، وهدفها خدمة وتحقيق المشروع الكوني الايراني الديني التوسعي في المنطقة ، وهذا يتحقق من خلال الحرب الناعمة التي تديرها قنوات طائفية تبث داخل هذه الدول تعمل بوحي وتوجيه المرشد الايراني شخصيا ، نحن ازاء دولة عميقة وحرب ناعمة ، الدولة العميقة يديرها نوري المالكي ليس في العراق وحده وإنما في سوريا ولبنان واليمن ، وتصريح علي اكبر ولايتي مستشار خامنئي في نوري المالكي يؤكد هذا نفقد وصفه بأنه ( رجل ايران في المنطقة وانه ابرز قائد للمقاومة الاسلامية في ألمنطقة وانه يستحق الشكر والإعجاب وانه وانه)، ألا يكفي هذا لمعرفة ما يقوم به نوري المالكي ،من تأجيج طائفي وحرب اهلية طائفية كان فيها سببا في ادخال المنطقة كلها في حرب طائفية ، وهذا بشهادة ادارة اوباما وكل العسكريين والسياسيين الاستراتيجيين في العالم والدول الغربية ،ان نوري المالكي هو وراء ظهور داعش وإدخال المنطقة في الحرب الطائفية ، وهكذا ينحدر العراق ،الى مزيد من التدهور والانغماس في الحرب ألطائفية التي تؤججها حكومة العبادي ، بمحاربة الحاضنة السنية وعدم السماح لأهلها في العودة الى بيوتهم خوفا من الميليشيات ،لأنها هي صاحبة القرار وليس هو ،و قطع الرواتب عن موظفي المحافظات التي يسيطر عليها داعش وإجباره على الالتحاق به عنوة ،والإهمال في مواجهة داعش وتركها لمصيرها،وعدم محاسبة نوري المالكي وقادته في قضية سقوط ألموصل والفساد الذي نخر السلطة وأفلسها نوري المالكي وحكومته ، واجلس حيدر العبادي وحكومته على (الحديدة )، كل هذا الفشل وحيدر العبادي وبتوجيه ايراني-روسي واضح يؤجج الازمة مع تركيا ويذهب الى مجلس الامن بدل ان يقوم بحلها دبلوماسيا ، لان قراره ليس بيده يأخذ العراق الى اعماق ألمجهول بعد ان تنوع القرار ألعراقي وصار الاحتلال الروسي والإيراني والأمريكي والفرنسي هو السائد في ألعراق بمعنى اصبح العراق نهبا للمحتلين ، وما افتعال ازمة القوات التركية إلا ضغوطا يمارسها العبادي على تركيا وابتزازا لها بدفع روسي وإيراني مباشر، ومفهوم ، للثأر من اسقاط تركيا للطائرة الروسية ، اذن كي نفهم معنى الدولة العميقة نرى ماذا يحدث في العراق من انحدار الى هاوية وقاع الدمار والخراب، وربما التقسيم والتشرذم بعد الاحتراب الطائفي الذي يصر نوري المالكي رئيس الدولة العميقة ان يأخذ العراق كله إليه بتوجيه وتنفيذ كامل لأوامر ولي الفقيه الايراني علي خامنئي،والذي اعترض على قراره مرجع النجف الديني وبرر التدخل التركي تبريرا عقلانيا بأنه جاء ليحارب داعش وليس لاحتلال وغزو الاراضي العراقية ،اي عكس ما يريده خامنئي ورهطه من تصعيد ، اما الحرب الناعمة فتظهر في الكم الهائل من الاكاذيب والشحن الطائفي ودخول الايرانيين بنصف مليون زائر ومئات الالوف الافغان بحجة الزيارة ، وهي دخلت لإغراض سياسية وإعلامية وعسكرية بتخطيط ايراني مقبل تريد تنفيذه ،في مرحلة أخرى بعد ان قرأت السيناريو الامريكي الاخير للعراق ،ووصول طلائع درع الجزيرة وقوات ايطالية وألمانية وغيرها ،وتأسيس جيش عربي قوامه مائة الف مقاتل لقتال داعش والميليشيات في العراق ،انها الدولة العميقة لإيران في العراق فانتبهوا ….