يبدو من القراءة الاولية للتاريخ السياسي العراقي ، ان التدخلات الاجنبية كانت السمة البارزة لها ،و هي التي توجهها الى الطريق الذي يخدم مصالحهم .
لكن الملفت للنظر و خاصة في الاونة الاخيرة اطلاق التحذيرات المتكررة و المتنوعة للعراق من الدول الاجنبية ، و بيان خطورة المرحلة التي تمر بها كأسلوب جديد من أجل أستمرار سياساتهم .
فامريكا غالباَ تحذر من ظهور جماعة ارهابية على غرار داعش في العراق لتكتمل ما بقي من مسلسل التدمير الذي خلفه القاعدة ثم داعش , و بريطانيا حذرت قبل ايام على لسان سفيرها في العراق (جون ويلكس) من الفساد المستشري في جسمها لتنتهي بها الى الدمار و النهاية وربط أحداث محافظة البصرة الاخيرة بالفساد كما كان معلناَ , و السعودية تحذر مراراً من التدخل الإيرانى الواضح لبناء هلال شيعي يمر من العراق نحو لبنان و سوريا , و ايران هي الاخرى تحذيراتها يومية من خطر الوجود الامريكي , و تركيا لا تقف متفرجاَ و تحذر من انتهاك حقوق التركمان ، ناهيك عن التحذيرات العراقية الداخلية من الجهات الرسمية وغير الرسمية المختلفة من كل شيئ يمس حياة المواطن العراقي منها قلة الخدمات والطائفية والمحاصصة والتوافقات السياسية و حكم العلاقات والنزوات الشخصية بعيداَ عن المؤسساتية والاعتماد على الخبرة والنزاهة .
لكن السؤال الذي يفرض نفسه ما هي الاسباب التي تدفع بهذه الدول من اطلاق هذه التحذيرات المتوالية ؟؟
و للرد عليها نرى :-
ان العراق كانت و لا تزال القنبلة الموقوتة و هكذا اراد الدول العظمى لها , حيث يرتبط بها استقرار الشرق الاوسط بالسلب و الايجاب والتاريخ يشهد ذلك فالربيع العربي والامتداد الايراني مثلاَ كانت بعد عملية تحريرها , و هذا يرجع الى موقعها الجغرافي و ثرواتها الطبيعية و خليط سكانها من القوميات و المذاهب و الاديان .
ان الدول التي تطلق مثل هذه التحذيرات و المخاوف من الانهيار ، تطلقها ليس حباً للعراق او من اجل سواد عيونها وأن تلعب دورها الاقليمي و الدولي المنشود و الوقوف صامداً امام التحديات ، و انما تحكمها المصالح و الاجندات و مبررات للبقاء فيها اطول مدة ممكنة .
ان هذه التحذيرات لا تلقي اذاناً صاغية لأن الارهاب و الفساد و التدخل الخارجي التي طالما تحذر منها الجهات المختلفة، لأنها أمراض قد فتكت بالجسم العراقي و انتشرت من اقصاه الى اقصاه ، و باتت داءً لا يمكن معالجتها إلا بالبتر وينتظر اللحظة الحاسمة ، و حينها لا تبقى للعراق اسماً و لا رسماً و ينتهي الى الابد ، و ان الشعب قد ذاق مرارتها و هو يعرف اكثر من غيره ما يعاني منه فهو الفريسة و الضحية ، و هذا ما يدفعه في بعض الاوقات الخروج الى الشارع للتظاهر و كثيراً ما تتحول الى اعمال عنف و تخريب تعبيراً عن ما يظمره بداخله من قلة الخدمات و راحة البال ، و هو يرى ما فعل به الارهاب و الفساد يتمنى الرحيل من الدنيا بارخص ثمن و اسهل طريقة و من جانب أخر انها أمراض تعاني منه المنطقة برمتها وليس العراق لوحدها .
ان هذه التحذيرات تزيد الشعب ألماً و حسرة ، لانهم ادرى بشعابها من غيرهم , و تطيل عمر الاحتلال و التدخل الخارجي ، و هم على يقين بان الابواب و الشبابيك المفتوحة لأي دار لا يقي صاحبه من البرد و الحرارة و الامراض و هكذا فان التحذيرات تتكرر ليستفادوا هم و ليس الشعب المسكين .