يبدوا ان تواصل مسلسل الازمات (المختلقة) أصبح هو الحل الوحيد من قبل السياسيين للتغطية على عجزهم عن حل مشاكل البلاد التي وصلت حد الانتفاخ اللامعقول القابل للانفجار في كل لحظة والمهدد بنسف كل معالم الدولة العراقية او ما تبقى منها وهو المشروع الذي يحاول البعض من سياسي الاستبداد والتسلط التورط فيه عن عمد وقصد ، وبالتأكيد فأن المشروع الذي أعد للعراق وتم تحضيره في مطابخ الدول الراعية والمتنفذة في القرار السياسي العراقي يمكن اختصاره في الفوضى والخراب اللامتناهي .
فصول المسرحية التي تشهدها الساحة العراقية تميزت على الدوام بالتناوب في سيناريوهاتها واحداثها ما بين السخونة والبرودة سواء على صعيد فعاليات ومنهج عمل الكتل السياسية او على صعيد ردود الافعال الجماهيرية التي غالباً ما تتلوث بتجييرها من قبل تجار السياسة من ذوي المصالح غير المحدودة وبالتالي يتم السيطرة على كل محاولة حراك جماهيري بطرق ووسائل مختلفة تعبر عن ما يختلج العملية السياسية والاوضاع عموما على الساحة العراقية .
العاصفة الصاخبة التي تضرب البلاد اليوم وتهدد الاوضاع الداخلية فيه على المستوى الامني والسياسي الى حد الشلل الكلي تزداد تضخماً وتشتد عتوا بسبب التخبط العشوائي في المواقف والقرارات والاستمرار في تشويش وتضليل الشارع العراقي عبر تصريحات ومؤتمرات اعلامية زادت الوضع تعقيدا ، وكذلك عجز السياسيين عن ايجاد حلول للمشاكل والخلافات او التفاعل مع مبادرات الاصلاح الحقيقية التي قدمت لهم من اجل حلحلتها ، وبالتالي فأن اللاعبين الاساسيين في العملية السياسية يماطلون في سبيل كسب المزيد من الوقت لايجاد وسيلة لتخدير الشارع بحلول ترقيعية ومن ثم ترحيل الازمات وتصديرها الى وقت أخر ربما تكون فيه جميع الحلول محترقة ولا مخرج أنذاك سوى مشاريع تمزيق البلاد وادخالها في دوامات العنف والفوضى .
ان الصراع المحموم على السلطة والتنازع في كل تفاصيل ملف ادارة مؤسسات الدولة ومحاولة فرض الارادات على الاخرين من الشركاء والفرقاء تمثل المشاكل الحقيقية في العملية السياسية والمعوق الرئيسي لمشاريع بناء الدولة ومؤسساتها ، وطوال الاعوام التي تلت 2003 كان سمة عدم الاستقرار هي الصفة البارزة في المشهد العراقي ولم يدخر الساسة المتلاعبين بالعقول أي جهد أو وسيلة في حلبات الصراع التي كان ضحيتها على الدوام المواطن العراقي بمختلف قومياته وأديانه وطوائفه ، وربما كان اشرس تلك الادوات غير المشروعة في زعزعة الاوضاع في البلاد هي الماكنة الطائفية التي كانت ولاتزال السلاح الفتاك بيد مجانين السلطة والتسلط ويكفي انها حولت انحاء مدن البلاد الى مسالخ بشرية وقبور عشوائية لما تبقى من رفات الاجساد ، وصبغت خارطة العراق بمشاهد الدماء القاتمة والاشلاء المتناثرة ، وخلفت مئات الالاف من اليتامى والارامل والجرحى .
احدى الاسباب الرئيسية لبقاء هذه المشاهد المأساوية هو بقاء نفس الوجوه ونفس المجموعات السياسية التي رسمت معالم الدمار والخراب ، الدجل والمكر الذي مارسته مافيات العنف والفساد من أجل استمرار هيمنتهم وبقائهم على كرسي السلطة ماكان له ان يستمر لولا تستر وصمت القيادات الدينية والاجتماعية وقواعدها الشعبية عن مخططات اولئك السياسيين المفضوحة للبقاء في السلطة .
الانتخابات البرلمانية وانتخابات المجالس المحلية انتجت ولا تزال قطعاناً كثيرة من الانتهازيين والحمقى الذين لا هدف لهم سوى الوصول الى كرسي السلطة ولا يجيدون سوى الخضوع التام والاستسلام الكامل لارباب كتلهم السياسية وبالتالي تحولوا من صوت وناصر للمظلوم الى سيف مسلط على رقاب المواطن المظلوم ، وعليه فأن تغيير هذه المعادلة واسقاط مخطط السلطويين في الاستيلاء على مصادر القرار لا يوجد مخرج له سوى ما طرحه سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي في بيانه (رؤيا المرجعية الرشيدة حول الاصلاح) والذي تضمن ثلاث خطوات فاعلة لنسف كل مخططات حيتان السياسة الفاسدين المتلاعبين بمقدرات وارواح العراق والعراقيين .
تغيير مفوضية الانتخابات غير المستقلة واعادة صفة الاستقلالية لها من خلال حل مجلس مفوضيها وتغييرهم بعناصر اكاديمية مستقلة ، ومن ثم الغاء قانون الانتخابات الفاسد بقانون انتخابي منصف لارادة الناخب العراقي بعيدا عن هيمنة الاستبداد السلطوي لرؤساء الكتل السياسية من خلال اعتماد اصوات الناخبين فقط في اختيار من يمثلهم يمثل الخطوة الاستباقية الثانية للخطوة الثالثة والحاسمة والمتمثلة بانتخابات مبكرة يكون فيها المواطن وعبر صوته الانتخابي هو الحاكم والفيصل في اختيار برلمانه وحكومته المقبلة . هذا المشروع الاصلاحي الذي يحاول الكثير من الكتل المتنفذة وسياسي الخراب الالتفاف عليه هو حالياً المخرج الوحيد من الازمة والحل الجذري الحقيقي للكثير من المشاكل والعوائق التي عرقلت بناء الدولة في العراق وتهدد بنسف اي معالم لها عبر فوضى عامة بدأت معالمها تلوح بالافق من خلال سحابة سوداء مخيفة انتجتها فوضوية ورعونة المتصدين وعجزهم عن الهروب بالعراق والعراقيين عن مخاطر اعاصيرها المدمرة .