شهد المشهد السياسي عموماً خلال الفترة الماضية حالة من الصراع النوعي ، وعده المراقبين بداية الحملات الانتخابية للكتل السياسية ، فيما عده البعض حملة منظمة من اجل تشذيب المشهد السياسي القادم ، عبر ابعاد وجوه سببت الكثير من الأزمات السياسية ، وبما يحقق جو انتخابي صحي ، وهو ما يؤشر وبصورة واضحة ان الانتخابات القادمة ستكون جوهرية ، وصعبة وعنيفة في حال تحقق إجراءها في الموعد المحدد ، والسؤال المطروح بقوة ؛ لماذا هذا التاكيد على ضرورة إجراءها ، هل يدل على وجود خطر حقيقي ام مجرد اثارة للراي العام والالتفاف الى هذا الموضوع الحساس ، ومنع الوقوع في المحذور .
هناك عدد من الفرضيات التي تحدثت عن الواقع السياسي عموماً في البلاد ، فهناك من يعتقد ان الأمور سائرة باتجاهات خطيرة ، والآفاق مظلمة وان اللاعب الرئيسي لهذه النظرية :
1. العامل الدولي
2. العامل الاقليمي
3. العامل المحلي
حيث تعتبر هذه العوامل من اهم العوامل المؤثرة على الوضع السياسي عموماً ، وتتفق أحياناً وتختلف اخرى ، وتوافقها واختلافها يؤدي الى توتر الاوضاع وعدم استقرارها ، وإذا سلمنا بهده القاعدة فإننا نجد ان هذا العوامل متضاربة ، في المصالح ، واختلاف في الاستحقاقات ، والتي لا يقبل بعض الأطراف التخلي عنها ( روسيا-أميركا ) .
اولاً ) العامل الدولي ؛
الذي يعتبر ان الحرب القائمة الْيَوْمَ هي حرباً بالنيابة ، بمعنى ان هناك تيارات تقاتل نيابة عن هذه الدول ، وتضرب المصالح في الدول المختلف معها ، وبالتالي تحقيق عدم استقرار للدول التابعة لتلك المصالح ، فالولايات المتحدة الامريكية تسعى الى ضرب المصالح الروسية في المنطقة ، من خلال سوريا ، والعكس صحيح فان روسيا تحاول ضرب المصالح الأميركية في السعودية والعراق ، وبما يحقق تصاعد الصراع فيما بينهم .
ثانياً) العامل الاقليمي ؛
الذي لايقل خطورة ً عن العامل الدولي ، ويتميّز بسخونته وتصاعد الصراع الدائر فيه ، فهو نتاج للصراع الدولي ومخرج لمدخل الصراع الدولي ، كما ان هذه البلدان أصلاً مصممة على مجموعة من التناقضات والهشاشة ، ولَك تبنى على توافقات صحيحة ، وأنها تستمد سخونتها من هذا الصراع ، وان مادة هذا الصراع هي القومية والمذهبية ، وخصوصاً الصراع السني الشيعي ، مع دخول القضايا الفكرية في قلب هذا الصراع .
ثالثاً ) العامل المحلي ؛
يعتبر هذا العامل سخونة من العاملين الاوليين ، لان العامل الدولي هناك من يحفظه ، كما ان هناك ضوابط محددة تحكم هذا الصراع بين القوى الدولية ، وبما يحقق التوازن في المنطقة .
اما العامل المحلي فلا توجد خطوط حمراء ، فلا ضوابط او اخلاق سياسية لدى سياسينا ، او قواعد تحكم العلاقة بين المكونات السياسية ، كما انه عامل متشظي، وهناك تضارب في المصالح بين القوى السياسية ، الامر الذي يجعلنا امام مشهد اكثر سخونة وتصارع .
هذا كله يمثل عامل مؤثر على مجمل المشهد السياسي ، وخصوصاً الانتخابي منه ، والذي يتميز بانه يتاثر بهذا الصراع وهذه السخونة ، فمجمل التحليلات السياسية التي تقرا الموقف ، تذهب الى صعوبة اجراء الانتخابات حتى في السنة القادمة ، وذلك لان هناك إرادة سياسية لا تريد للمشهد السياسي ان يستقر ، لذلك تسعى الى عدم إقرار قانون الانتخابات ، وعرقلة انتخاب اعضاء المفوضية ، الى جانب عدم الاستقرار السياسي ، والخروقات الأمنية ، وتراجع في الملف الاقتصادي ، كلها أسباب تجعل الاوضاع تسير الى عدم الاستقرار ، وبالتالي فان العراق والمنطقة ربما تكون مؤهلة الى تصاعد في الصراع ، ولكن جميع المؤشرات تؤكد صعوبة اجراء الانتخابات في موعدها واحتمال تأجيلها، مع انشغال الحكومة في المعارك ضد “داعش”، والمشكلات التي بدأت تظهر في المدن المحررة من الدمار ونقص الخدمات والازمة المالية، والخلافات العميقة بين الحكومة والبرلمان ، وبعيدا عن مشكلات الانتخابات المقبلة فان الجميع متفق على انها ستكون أهم عملية انتخابية تجري في العراق بعد 2003 لانها ستجري في ظل اوضاع سياسية وامنية مضطربة، كما ان هناك فصائل مسلحة جديدة تنوي المشاركة في الانتخابات مثل الفصائل الشيعية ومقاتلي العشائر السنية، ولهذا فان المشهد الانتخابي في حال اجريت الانتخابات سيكون مفتوحا ً على جميع الاحتمالات .