العراق بلا غاز ايراني — الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة

العراق بلا غاز ايراني — الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة

دخل العراق رسميًا في “حظر الغاز الإيراني”، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس، إنه “في هذه المرحلة، ليس لدينا ما نعلنه فيما يتعلق بالإعفاء الحالي للكهرباء، الذي ينتهي في الثامن من شهر آذار الجاري, وأشارت بروس إلى “ضرورة قطع اعتماد العراق على الطاقة الإيرانية
وتصدر إيران نحو 50 مليون متر مكعب يوميًا من الغاز إلى العراق في أوقات الذروة. وكان وزير الكهرباء العراقي، قد كشف أن “توقف إمدادات الغاز أدى إلى فقدان نحو 8,000 ميغاواط من الطاقة الكهربائية, تأتي أزمة الغاز هذه المرة مع عقوبات واسعة قد تطال مفاصل اقتصادية أخرى في العراق، مثل مصرف الرافدين الحكومي، ومصارف أهلية أخرى، ومؤسسات نفطية.كذلك، هناك تهديدات تتعلق بالجماعات المسلحة بسبب ارتباطها بإيران، ومطالب من واشنطن بـ”حل الفصائل”، بحسب مسؤولين عراقيين.
ويشير محللون ان انتهاء صلاحية الإعفاءات من العقوبات الأميركية المتعلقة بتصدير غاز إيران وكهربائها إلى العراق،يضع بغداد أمام تحدي الفكاك السريع من الارتهان للغاز الإيراني. ورغم أن المهمة ليست سهلة إلا أن البدائل تبدو متوفرة ,, ويؤكدون أن العراق بات قادرا على تنويع مصادر طاقته وبالتالي الاستغناء عن الكهرباء الإيرانية وذلك بالاعتماد على مزودين آخرين، ما يُمكّنه من تحقيق الاستقرار الطاقي للمرة الأولى في صيف2025 ,,

ويقول الدكتور مايكل نايتس، المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج العربي، في تقرير نشره معهد واشنطن “إن العراق أصبح الآن أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، لاسيما مع استمرار إيران في قطع إمداداتها عن العراق بشكل متكرر بسبب أزماتها الداخلية ,,   واشنطن تستطيع مساعدة بغداد على تنويع مصادر الطاقة والاعتماد على موردين آخرين، ما يُمكّنها من الاستقرار,, مضيفا أن العراق يُعدّ قوة رئيسية في قطاع الطاقة، فإنه يفتقر إلى الاكتفاء الذاتي في مجالي الغاز والكهرباء، ما يجعله يعتمد على إيران في تعويض جزء من هذا النقص

ويمكن القول إن الصورة اليوم باتت مختلفة، فالعراق يهدف إلى إنتاج 28 جيغاواط من الطاقة خلال موسم ذروة الطلب في صيف 2025، وهو ما سيظل يلبي فقط 60 – 75 في المئة من إجمالي ذروة الطلب. غير أن مساهمة إيران لم تعد تمثل النسبة الضخمة التي كانت تبلغ 40 في المئة من إنتاج الطاقة العراقي,, وإذا كان العراق مستعداً لمثل هذا التحول في الصيف القادم، فإن ما يصل إلى 8.1 جيغاواط من أصل 8.8 جيغاواط من توليد الطاقة المعتمد على الوقود الإيراني يمكن تحويله إلى المواد الأولية السائلة، والتي يتوفر معظمها في المخزون العراقي نفسه. بيد أن أحد العوائق أمام استخدام زيت الوقود لتوليد الطاقة يكمن في استحواذ جماعات عراقية مدعومة من إيران -والمصنفة منظمات إرهابية من قبل الولايات المتحدة- على هذا الوقود لاستغلاله في عمليات تهريب النفط إلى الأسواق الدولية

ويحفز التهديد بالحرمان من الإعفاءات (ونقص الإمدادات الإيرانية) العراق، للمرة الأولى، على التحرك بسرعة لاستبدال الطاقة الإيرانية وتعجيل خطط استيراد الكهرباء من المملكة العربية السعودية، وجلب بوارج توليد الكهرباء المعيارية وسفن استيراد الغاز الطبيعي المسال إلى الساحل العراقي, ويرى نايتس أنه ينبغي تشجيع هذا الاتجاه ودعمه بشكل أكبر، وذلك لمصلحة العراق بقدر ما هو لمصلحة الأمن القومي الأميركي

ويمكن أن يشكل انتهاء الإعفاءات من العقوبات في 7 مارس بداية تحرير العراق من قبضة إيران، حيث ينبغي أن يترافق ذلك مع زيادة في المواد الإعلامية الموجهة الى الجمهور العراقي والتي توضح عدم موثوقية إمدادات الطاقة الإيرانية وكلفتها المرتفعة والحاجة الملحة إلى تقليص الاعتماد على إيران في نهاية المطاف

ويرى خبراء انه لم يكن هناك وقت أكثر منطقية من أي وقت مضى لدفع العراق إلى خط النهاية للتحرر من التبعية لإيران في مجال الطاقة. فإذا تحول العراق إلى استخدام الوقود السائل لعدة أشهر، فإن الاعتماد على إيران في فصل الصيف يمكن أن ينخفض إلى أقل من 4 في المئة وليس 40 في المئة من ذروة توليد الطاقة,, وهذا الأمر من شأنه أن يحد من تأثير نقص الإمدادات الإيرانية على العراق، عبر زيادة الاعتماد على مواده الخام

وكان العراق قد بدأ عام 2017 استيراد الغاز من إيران، في حين وقعت الحكومة العراقية في مارس/ آذار من العام الماضي عقدا مع طهران لاستيراد 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميا ولمدة 5 سنوات، و أبرم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عقدا مع تركمانستان لتوريد 20 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى العراق، في حين لم يدخل العقد حيز التنفيذ حتى الآن، ويشير مراقبون إلى أن دخول العقد حيز التنفيذ مرهون بموافقة أميركية على تمرير الغاز عبر الأنابيب الإيرانية,, الأمر الذي يضع العديد من علامات الاستفهام عما ستؤول إليه أوضاع العراقيين بعد قرارات إدارة ترامب. أكد أن توجه العراق لاستيراد الغاز التركمانستاني وتمريره عبر الأنابيب الإيرانية نحو العراق يعد واحدا من هذه الحلول التي ستوفر للعراق نحو 20 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، وأن شركة سويسرية تعاقدت معها الحكومة العراقية هي التي ستتكفل بإيصال الغاز إلى العراق عبر استخدام شبكات الأنابيب الإيرانية المستشار الحكومي مظهر محمد صالح الذي يضيف أن جهود استثمار الغاز المصاحب مستمرة وأن المشاريع الحكومية لاستثماره كليا ستكتمل عام 2028، في حين لا تزال الحاجة ملحة لاستثمار حقول الغاز الطبيعي في البلاد، في الوقت الذي يحرق فيه العراق حاليا ذات الكمية التي يستوردها من إيران، وفق قوله.حاجة البلاد لمد خط أنابيب للغاز لاستيراد الغاز المسال من قطر، لا سيما أن المسافة بين ميناء حمد في قطر وميناء أم قصر بالعراق لا تتجاوز 650 كيلومترا فقط، فضلا عن حاجة البلاد لمزيد من الربط الكهربائي مع دول الجوار مثل السعودية التي يمكنها تزويد العراق بنحو ألف ميغا وات، إضافة للكويت التي ستورد نحو 500 ميغاوات

عموما — تتسارع وتيرة التحذيرات الاقتصادية في العراق، من إجراءات أمريكية قد تطال البنك المركزي العراقي، وشركة تسويق النفط (سومو)، في ظل حديث متزايد عن إمكانية فرض عقوبات جديدة من قبل واشنطن.ويرى مختصون أن هذه العقوبات، في حال تنفيذها، قد تؤدي إلى اضطراب واسع في السوق المالية العراقية، وتؤثر بشكل مباشر على تعاملاته المصرفية الدولية، فضلًا عن عرقلة صادرات النفط التي تشكّل المصدر الرئيسي للإيرادات الحكومية,, ومع استمرار الضغوط السياسية والاقتصادية، تتزايد التساؤلات حول مدى قدرة بغداد على التعامل مع هذا التحدي، وما إذا كانت الحكومة تمتلك خططًا بديلة لتخفيف حدة الصدمة المحتملة. وكشفت مصادرعن تلقي القوى السياسية العراقية تهديدات مباشرة ، تتضمن فرض عقوبات على البنك المركزي العراقي وشركة تسويق النفط (سومو)، بالإضافة إلى شخصيات بارزة وحسابات سياسيين شخصية مع إمكانية فرض حظر عليها,, السياسي، عزة الشابندر، القريب من الإطار التنسيقي، فقد قال إن “إنذارات ترامب وصلت للجميع، وهناك حالة إنذار بدرجة 1000 بين السياسيين”، مضيفًا أن “جحيم ترامب سيصل إلى العراق، وسيخيره بين التطبيع أو (الويل والثبور)”.

أحدث المقالات

أحدث المقالات