19 ديسمبر، 2024 3:30 ص

العراق بعد معركة الانبار 

العراق بعد معركة الانبار 

يدخل المشهد العراقي بعد انتهاء معركة الانبار ،واستعادتها من قبضة تنظيم الدولة داعش ، نفقا جديدا اكثر عتمة وخطورة ،خاصة بعد ان تصاعدت حدة الصراعات داخل السلطة في بغداد ، بين حيدر العبادي وقادة ألميليشيات والتي يشهد الحشد الشعبي تفككا بين قادته وظهور الصراعات بينهم الى الاعلام ، وصراع حيدر العبادي وائتلاف القوى الوطنية التي تطالبه بتنفيذ الاتفاق السياسي المبرم بينهما قبل تشكيل الحكومة وإجراء اصلاحات حقيقية ،وليست حبرا على ورق ، وصراع العبادي مع المالكي وانشقاق داخل حزب الدعوة الى جماعتين تابعتين للمالكي والعبادي متصارعتين فيما بينهما والموقف مع الاقليم يتصاعد الخلاف بينهما بسبب تحالف الاقليم مع اردوغان وزيارة رئيس الاقليم ورئيس حكومة الاقليم لتركيا مما اغضب حكومة العبادي وجماعة احزاب ايران ، اذن الكل يحارب حيدر العبادي رئيس ألحكومة ويريد ان يستأثر بالسلطة ويتفرد فيها ، فيما الوضع الاقتصادي وصل حافة الانهيار الكامل وينذر بسقوط الحكومة كلها ،بعد ان وصل التقشف الى رواتب المتقاعدين وقطع رواتب الموظفين ،وترشيق الحكومة لوزاراتها ومؤسساتها ،لاسيما وان اسعار النفط وصلت الى مديات متدنية جدا فسعر البرميل الواحد وصل الى (34) دولار ، علما ان موازنة الحكومة بنيت على سعر النفط والنفط يواصل الهبوط ، اذن حكومة العبادي تلفظ انفاسها الاخيرة بكل تأكيد ،نتيجة صراعاتها الداخلية مع الكتل والفساد الذي ينخر بها بشكل لا يمكن تخيله ، وتشهد انقسامات وصراعات بين الكتل والأحزاب مع بعضها ومع العبادي نفسه ، كما تشهد حكومة العبادي منعطفا خطيرا اخر على الصعيد الاقليمي والدولي مما يؤكد عزلتها وتخندقها في تحالف رباعي خاسر لا محالة ، مع روسيا وإيران والذي ولد ميتا لا قيمة له ، بعد ان ظهر تحالف اسلامي عسكري تقوده السعودية ضده ، مما اظهر بلا مواربة ان المنطقة ستشهد تحولات كبرى في محاربة الارهاب الذي وصل حدا لا يطاق ، وهذا الارهاب كما اعلنت عنه قيادة التحالف الاسلامي وأيدته امريكا وباركته ، يتمثل في (تنظيم داعش والميليشيات الايرانية العاملة في سوريا والعراق)، وهذا ما اكدته جهات اوروبية وصرح علانية رئيس بلجيكا وبريطانيا وقالوا (ان لا توجد منطقة في العالم  بها ارهاب الا وكانت ايران وراءه  وداعمه )، وهذا يعني ان ايران ستكون الهدف القادم ايضا ، يبقى ان نعرج على الموقف الامريكي ونشاطه واستيراتيجيته في العراق الان تحديدا ،اثناء وبعد معارك الانبار التي انتهت المهمة فيها من الناحية العسكرية وهروب داعش منها بعد قتال شرس وأسطوري هناك ، ونعلم ان امريكا تعمل بصمت دون جعجعة ، فمعركة الانبار هي معركة امريكية بامتياز(اعدادا وتخطيطا وتنفيذا )، واهم عنصر لنجاح الخطة الامريكية هناك هي ابعاد الحشد الشعبي من المشاركة فيها ، وظل متفرجا خارج الانبار يلوح بالقتال ضد القوات الامريكية وتهديداته ظهرت الى العلن نتيجة الموقف الامريكي السلبي منه ، ودليلنا على ان المعركية امريكية  في الانبار ، ان لا وزير الدفاع ولا رئيس الحكومة ولا قادة الحشد الشعبي ولا حتى (قناة العراقية ) وقنوات الاحزاب الطائفية الاخرى تذكر (انتصارات ) الجيش هناك ، ومجريات المعارك الا ما ندر لذر الرماد في العيون وهي تقلل من اهمية استعادة الانبار لان الحشد الشعبي وميليشياته وقادته لم يشاركوا فيه ، اذن انحسار النفوذ الايراني في العراق، اصبح واضحا جدا بعد معركة الانبار، والدليل قيادة امريكا للمعركة بكل معنى الكلمة وأصبح النصر امريكيا وليس ايرانيا كما تريد حكومة العبادي وأحزابها وحشدها الشعبي ، وهذا ما يؤرق ايران وميليشياتها في العراقن لان امريكا استعادة زمام المبادرة وقيادة المعارك بعيدا عن نفوذ الميليشيات الطائفية ، التي اصبحت في وضع لا يحسد عليه من الانتقاد والشكوك في قدراتها وتأثيرها ، مما اظهر صراعات وخلافات داخلها بين العامري-المهندس، وظهرت حالات خطف القطريين ومساومتهم سياسيا وتدخلات ايران وحسن الله في قضيتهم، وهذا يؤكد العلاقة الوثيقة والخضوع الكامل للميليشيات لإيران وحسن نصر الله ، والولاء لهما وليس للعراق، وقيام الميليشيات بأعمال اجرامية اخرى في الخطف والاعتقالات وتفجير البيوت في ديالى وبيجي ومحاولة تفجير الاوضاع في صلاح الدين من جديد ، لألفات نظر الحكومة والامريكان لهم ، ولكن تجاهل الطرفين افقد الميليشيات الصواب فظهرت خلافاتهم الى العلن ، وهي في طور التصعيد الخطير لتصفية الحسابات بينهم ، وبينهم وبين العبادي،الذي خضع للنفوذ والأوامر الامريكية في معركة الانبار وليس لإيران ، لذلك نحن امام منعطف خطير جداااا بعد معركة الانبار عسكريا وسياسيا ، فالصراعات على اوجها داخل حكومة العبادي وتنذر بالتفجر والانهيار المريع ، والصراعات بين الحشد الشعبي والامريكان والمؤسسة الدينية يتصاعد بسرعة والتهديدات الميليشياوية للامريكان اصبحت علنية لمداراة الفشل الذي مني به الحشد في تحقيق (نصر ) في الانبار والفلوجة ، منذ عام كامل ، وهذا ما دفع الامريكان بتغيير إستراتيجيتهم 180 درجة ، والإمساك بمقود المعارك بنفسها ، وزيارة جون ماكين-ليندسي غراهام المرشح الرئاسي الى بغداد وتبليغ العبادي (القرار الامريكي) ، قد اربك العملية السياسية برمتها،بل المشهد العراقي كله بين مؤيد ورافض ناقم له ، ونقصد به قرار تشكيل جيش قوامه(0100000)الف مقاتل ، منه 10000 ألاف من امريكا والباقي من دول عربية وتركيا ، وهذا القرار تبعه اعلان السعودية  قيام تحالف اسلامي عسكري يضم 34 دولة اسلامية عدا العراق وايران وسوريا ، مما افشل خطط التحالف الرباعي ، في قيادة المنطقة ، فعمدت روسيا وايران الى خلط الاوراق على تركيا وامريكا والسعودية ، فقامت بافتعال ازمة  القوات التركية في اطراف الموصل بمعسكر زيلكان، وتصعيد الموقف السياسي والشعبي والديني ،ووصوله حد اعلان الحرب على تركيا ،بعد تقديم العراق شكاوى الى مجلس الامن والجامعة العربية ،عن توغل الجيش التركية الى عمق الاراضي العراقية ،وهي فرية ثبت بطلانها وانفضحت نواياها المشبوهة ،ثم قيام روسيا باغتيال قائد الجيش الاسلامي في سوريا  زهران علوش وقيادته لإثبات القوة وإحراج ادارة اوباما التي تدعم زهران والمعارضة الاسلامية المعتدلة والجيش الحر، للضغط عليها في العراق، وهكذا تريد روسيا وايران افشال الجهود الامريكية-السعودية في محاربة تنظيم داهش والميليشيات في كل من سوريا والعراق، ان استعادة محافظة الانبار يفتح الباب واسعا لاستعادة الموصل أيضا خاصة وان وقتا طويلا تخطط له ادارة اوباما لهذه المعركة، التي قال عنها اشتون كارتر وزير الدفاع والسيناتور جون ماكين بأنها (معركتنا الحاسمة ستكون في الموصل ) ، وان وقت الحسم قد حان ،بعد ان اعلن البنتاغون على لسان منسق التحالف الدولي (بان تنظيم داعش)،( اصبح مكشوفا لنا )، مما يؤكد اصرار امريكا للذهاب الى النهاية في محاربة داعش وإخراجه من المدن العراقية الواحدة تلو الاخرى ،كإستراتيجية جديدة اعتمد عليها اوباما منذ اسابيع ، اذن معركة الموصل على الابواب وهي مسألة وقت لا اكثر ، وبما ان (خلق امريكا طويل) كما هو معروف في المسائل والقضايا المصيرية فان معركة الموصل ايضا محسومة لها كما حصل في الانبار، يبقى الشيء الاساسي هو ما هو شكل العراق بعد معركة الموصل الحاسمة ،رغم قناعتنا ،ان ما نتوقعه من خراب ودمار وقتل سيحل فيها وبأهلها مع الاسف يفوق التصور(وهذا نتيجة حتمية  لامناص منها لاستعادتها من قبضة داعش) ،وندعو من الله ان يحفظ الموصل وأهلها ، حتما سيكون للعراق شكل اخر غير الذي نراه الآن فكل باطل زائل ، وكل خائن سيذهب الى ما فعلت يداه ، فالوجوه التي نراها تقود العملية السياسية من احزاب طائفية وكتل سياسية فشلت في ايقاف الدم العراقي وإعادة الامن له ،وعودة نازحيه ومهجريه،سترحل غير مأسوف عليها ، ان معركة الانبار وما ستليها من معارك اخرى ينتظرها النازحون والمهجرون على احر من الجمر لعودتهم الى ديارهم وبيوتهم، رغم خرابها وتدميرها من الاوباش والقتلة والمجرمين والسفاحين ، وإنقاذهم من ذل الغربة وآلامها ،نعم متفائلون ان العراق مريض الان وسيشفى على يد ابناؤه وأهله ، وستنجلى غمة العراق ، وستقبر الطائفية التي مزقتهم إربا إربا، ويعودون اخوة كما كانوا ،لم تستطع كل الة الخراب والدمار والطائفية ان تغير من دواخلهم  واخلاقهم وانتماءهم الوطني للعراق وحده ، العراق بعد معركة الانبار فتح باب التفاؤل وانتهاء معاناتهم ،والخلاص من القهر والذل والهوان والغربة للعراقيين ان موعدهم الصبح اليس الصبح بقريب … 

أحدث المقالات

أحدث المقالات