23 ديسمبر، 2024 2:36 ص

العراق بعد ثمانية عشر عام من الديمقراطية

العراق بعد ثمانية عشر عام من الديمقراطية

منذ بداية عام 2003 اصبح هناك اضرابات عامة في الشارع العراقي نتيجة تدهور العلاقات بين النظام الحاكم والدول الغربية وتحالفها الذي تقوده اثنان من الدول العظمى المملكة المتحدة بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية… ومع تعود العراقيين كل مرة على النزاعات بسبب علاقات النظام الحاكم السيئة مع اغلب دول العالم وعزله سياسياً عن المجتمع الدولي وفرض حصار جائر على الشعب العراقي ذهب ضحيته ملايين الضحايا نتيجة سوء التغذية وشحة الادوية ونقص حاد في الخدمات الطبية والخدمات الاخرى…
مع كل هذه الاوضاع بدأت دول التحالف الدولي تحشد بجيوشها تحت غطاء قرار دولي وتحت خيمة الامم المتحدة لأسباب عديدة اهمها اعلان الولايات المتحدة امتلاك العراق لأسلحة كيميائيّة وبايلوجية وهذا ما تبين في ما بعد انه مجرد كذبة وحجة واهية لغزو العراق…..
ومع بداية المعارك على الارض امطرت دول التحالف آلاف الصواريخ والمتفجرات على كافة المدن العراقية واصبح العراقيون بين حيرة ونشوة الدفاع وبين الامل بزوال النظام الحاكم… لكن المعطيات على الواقع في الارض اصبحت تسير بصورة مشوشة والاعلام والقنوات الفضائية في حينها تعتبر من الممنوعات واصبح العراقيون يتلقون على مسامعهم اخبار الكر والفر في المعارك العسكرية والتي لم تدوم أكثر من واحد وعشرون يوماً لتسقط العاصمة بغداد بيد قوات التحالف الامريكي ولتتخذ امريكا قرارها بدخول كل قوى المعارضة العراقية في الخارج الى داخل العراق خلف قوة الدبابة الأمريكية. لتشكل حكومة مدنية يقودها حاكم مدني امريكي يدعى بول بريمر ويتولى ادارة شؤون العراق بكل مفاصله الاقتصادية والسياسية وليعلن اول قرار له بحل الجيش العراقي الذي تجاوز العقد الثامن من عمره والذي صنف في يوم من الأيام بانه الجيش الرابع عالمياً من حيث العدة والعدد ولتكون هذه الخطوة اول قرار خاطئ تتخذه حكومة الاحتلال والذي ايده بعض قوى المعارضة من الليبراليين والاسلاميين…
ومنذ دخول قوات التحالف في اول يوم الى العاصمة العراقية بغداد حصل النهب والسلب لكل ممتلكات ودوائر الدولة ولم تسلم البنوك او الوزارات من ذلك بل ذهب قسم من المواطنين الى نهب ممتلكات القصر الجمهوري والاسلحة الموجودة في المعسكرات. فيما اختصت مجموعات اخرى بنهب الاثار وكل معلقات الحضارة العراقية وهنا نذكر للتاريخ والامانة ان دول من دول الجوار ساهمت في نهب وسرقة هذه الاثار التي يرجع تاريخ قسم منها الى آلاف السنين عن طريق مافيات متخصصة بذلك وامام انظار الجيش الامريكي اما الجيش البريطاني فقد التزم حدوده في المحافظات الجنوبية وخاصة محافظة البصرة.. فيما اخذ الجيش الامريكي على عاتقه اغلب المحافظات العراقية ومن ضمنها محافظات اقليم كردستان.. وتم سرقة كل المبالغ من العملتين المحلية والعملة الصعبة وتفريغ البنوك منها وخاصة البنك المركزي العراقي وفروعه المنتشرة في كل المحافظات العراقية بحجة حمايتها لتختفي بعد ذلك ولايعرف مصيرها الى يومنا هذا….
مرت ايام وهدأت الاوضاع ليقوم بعدها الحاكم المدني الامريكي بإصدار قوانين جديدة تخص شؤون الدولة بمشاركة آراء الاشخاص الذين دخلوا البلاد مع قواتهم ومايسمى بقوى المعارضة وقسم من شيوخ العشائر ووجهاءها في مناطقهم الذين انقلبت ولاءاتهم بسرعة من مبايعة النظام السابق الى مباركة النظام السياسي الجديد..
وبدأت الوعود بتحويل العراق ومعاناة شعبه من مأساة الدكتاتورية والحصار الجائر الى نظام ديمقراطي يسوده الامن والاستقرار يتمتع من خلاله أبناء الشعب العراقي بثرواتهم الطبيعية التي وهبها الله لهم والاهتمام بالخدمات واعادة اعمار البنى التحتية وتوفير كل الخدمات من طاقة كهربائيّة ومياه صالحة للشرب وكذلك مشاركة دول العالم المتطورة في مجال الحاسوب والتكنلوجيا الحديثة وادخال النظم العلمية الى مناهج الدراسة في مدارس وجامعات العراق كلاً حسب اختصاصه.. واعادة اعمار ما دمرته الحرب من طرق وجسور وبنايات وغيرها والاهتمام بإعادة المعامل العملاقة وبطريقة حديثة……
اليوم وبعد مضي ثمانية عشر عاماً ومازال العراقيين ينتظرون ذلك اليوم الموعود. ذلك الحلم العربي القديم.. ولكن ارض الواقع تتكلم عن العكس تماماً. فلا خدمات ولابطاقة تموينية تتكون محتوياتها من عشرين مادة غذائيّة… ومرت البلاد بحروب وتفجيرات رافقها تدمير وتهجير في الداخل والى الخارج واصبح العراق مأوى للإرهاب الدولي والعالمي وانتشار المخدرات بعد ان كانت محرمه دينيا وعرفاً وقانونا…واصبحت الطائفية والمذهبية المتعصبة حديث الشارع العراقي..
ونهاية المسار نجد ان العراقيين اصبحوا يعيشون بين نارين نار الدكتاتورية المتفردة بالسلطة ونار الديمقراطية الأمريكية القاتلة…. والله المستعان..