وضعتُ هذا العنوان وأنا أتوقع أنْ يسخر مني البعض من القرّاء الأعزّاء، وقبل أن يُعلّق أحدهم قائلا: يارجل ألا تحسّ بالمسؤولية، لماذا أنت معدوم الضمير، تجلس وراء الكيبورد وتكتب بكل برود ” العراق بحاجة إلى إرادة ” ” يا شيخ كان حريّاً بك أن تخجل من نفسك، فهل تريد منّا أن ننتخب نفس الوجوه التي تسببت بالخراب خلال خمسة عشر عاماً؟ لماذا لاتناقش صولة وزارة الداخلية ضد برنامج تلفزيوني،لأنه كشف عن مافيات التسوّل في بلد سرق ساسته أكثر من ترليون دولار؟ والترليون بلغة السوق هو ألف مليار دولار عدّاً ونقداً.. تصور حضرتك لو أنّ ربع هذا المبلغ صُرف على إعمار العراق، هل كنا نستجدي مئة ألف دولار من ماليزيا و قرضاٍ بـ 10 ملايين دولار؟.
لم أضحك منذ مدة طويلة قدر ضحكي على فديو بثته وزارة الداخلية يظهر فيه والد إحدى المتسولات يقول ” ياجماعة معقولة لحمي ودمي أفرّط بي ” وضحكت أكثر على شهامة ” رجل الأمن وهو يصرخ ” واعراقاه “، وأعجبتني جداً همة وزارة الداخلية وهي توقف كل أعمالها من أجل إثبات أنّ العراق خال من المتسولين، وأن ما نراه في الشوارع جزء من برنامج الكاميرا الخفيّة..
ولم أنتهِ من فديوات وزارة الداخلية حتى وجدت نفسي وجهاً لوجه أمام الناطق باسم حركة ” إرادة ” وهو يصرخ،العراق بحاجة الى إرادة، ثم يبدأ بتقسيم إرادة بحسب السلم الموسيقي، ” دو” إرادة للبناء، ” ري ” إرادة النزاهة، ” مي ” إرادة الاغلبية، “فا ” إرادة 7×7، ” صول” إرادة الولاية الثالثة، ” لا ” إرادة من اين لكم هذا، ” سي ” إرادة ما ننطيها ثم يختمها بخاتمة السلم الموسيقي دور.ري.مي. وهو يغني: ” أي شيء تريده ستجده عند إرادة”.
السياسي الفاشل عادة ما ينتقم من جمهور يرفض تصديق خطاباته “العظيمة”، هكذا يخبرنا نهرو في رسالة يبعثها من السجن لابنته أنديرا، وفيها يتحدث عن مفهومه لمصصلح إرادة: “ولكنّ إرادة التغيير شيء آخر تماماً، ميدانها ليس المؤتمرات المغلقة، لكنها في الحقول والشوارع والأسواق”.
اسمحوا لي أن إعيد عليكم الحديث عن المهاتما غاندي، الذي كان يحلم في بناء وطن لجميع أبناء الهند ولهذا يوصي رفيقه نهرو:” ليس مهمّاً أن يتولى أمر البلاد مسلم أو هندوسي، المهم والأهم أن يكون هنديّاً في المقام الأول والأخير”. هذا المقام الاخير لا تجيد غناءه الأحزاب العراقية .