18 ديسمبر، 2024 11:03 م

بعد عشرة اعوام من التمسك بالسلطه و ما يرافقها من امتيازات و شهرة و مجد و تعظيم لشخص الحاكم و تقديساً له و ابعاده عن مواطن الشبهه ؛ بعد عشرة اعوام من اهدار المال العام في مشاريعاً وهمية و اخرى فاشلة ؛ بعد عشرة اعوام من اهدار اغلى و اهم ما يملكه العراق و هو المواطن الذي اصبحت حياته ارخص ما هو موجود في العراق الجديد ؛ بعد عشرة اعوام نسمع فيها عن الديمقراطية و الحرية و الدولة المدنية البعيدة عن التأثير الديني و استغلال جهل الشعب و الوصول به الى بر الامان و تأمين الحياة الكريمة له بعد ان طال صبره و صمته ايضا ؛ لا يزال العراق يعاني من الصراعات السياسيه التي لم تنفع سوى السياسيين ؛ السياسيين دون غيرهم.

خرج قبل عدة ايام رئيس الحكومه في خطاباً اثار الجدل و الشكوك حول مستقبل العراق و مستقبل العملية الانتخابية التي يعلق العراقيين عليها امالهم في حكومة اكثر جدارة من التي تحكمهم على مدى اكثر من ثمانية اعوام خصوصاً و ان رئيس الحكومه هو نفسه في الدورتين السابقة و الحالية و هو المسؤول التنفيذي المباشر حسب النص الدستوري و الذي صرح به (رئيس الحكومه) في خطابه الاخير اي انه الذي يضع البرنامج السياسي لهذه الحكومه التي يرأسها و ان فشل هذه البرنامج يعني بصورةً طبيعية فشل هذه الحكومه و هو بصراحه ما نراه واضحاً اليوم على الرغم من دفاع رئيس الحكومة عن سياسته و منجزاتها الخجولة هذا ان افترضنا وجودها من الاساس ؛ و من بين الذي جاء في خطابه الاخير هو العدوان الذي يمارسه مجلس النواب و تحديدا رئيسه اسامه النجيفي ضده و حكومته في عدم اقرار الموازنه واضعاً حكومته بل العراق في حالة حرجة و اقتصاداً على شفير الانهيار ؛ لكن السؤال الذي يجب ان يطرح في هذه الحاله, اين كانت الحكومة خلال اربعة اعوام (عمرها في الدوره الحاليه فقط) في الوقت الذي كانت تملك فيه المال و السلطة بل حتى التأييد الشعبي ؟ الجواب انها كانت تبحث و تصطنع الازمات بدلاً من الاتجاه لواجباتها الدستوريه تجاه العراق و مواطنيه.

و بعدها خرج السيد اسامه النجيفي هو الاخر ليدلي بتصريحه الذي كان ايضاً نارياً و لم يخلو من الاتهام و التخوين الموجه لرئيس الحكومه فقد اعلن صراحة انه يقوم بالانقلاب ضد الدستور و انه يتجه بعيداً عن الديمقرايطة التي يجب ترسيخها في العراق الجديد ؛ و لكن السيد النجيفي يبدوا ان نسي او تناسى دور مجلس النواب الذي يترأسه في رقابة السلطه التنفيذيه و استجوابها و سحب الثقه منها اذا ما اخطأت , و اذا كان السيد رئيس الحكومه قد ارتكب ما اتهمه به السيد النجيفي فلماذا لم يقم بواجبه تجاه ذلك ؟ خصوصاً و ان الصراع او الازمه بصورة ادق بدأت من اكثر من عام و ربما اكثر الا يجعلنا ذلك نعتقد ان البرلمان العراقي متواطئ هو الاخر و متقاعس عن القيام بدوره الدستوري و اذا كان مجلس الوزراء مسؤول عن فشل سياسته التي اوصلت العراق الى ما هو عليه اليوم فمجلس النواب ايضاً يتحمل مسؤولية ما يحدث في العراق و لكن يبدو ان للمصالح رأي اخر و هي التي اوصلت العراق الى هذه المرحله من تسييس سلطات الدوله و ابعادها و منعها من القيام بدورها الوطني و الدستوري الصحيح.

سواء كان المالكي او النجيفي , فهم مسؤولون امام الشعب و القانون عن ما ارتكبوه من اخطاءاً كبيرة جداً بحق الشعب و ان السياسه التي يتبعها كل منهم تجعل العراق يبتعد تدريجياً عن ما يسمى بالديمقراطيه فالجميع يعلم انهما ان يبحثان عن مصالحهم و بقائهم في مناصبهم فقط ليصبح مصير العراق و شعبه بيد رئيس الحكومه التي يشرعها البرلمان الذي اصبح (البرلمان) تدريجياً اداة طيعة بيد الحكومة من خلال الصفقات السياسية التي يراد بها المصلحة الشخصية و الحزبية بعيداً عن المصالح العامه و هو ما يجعل الجميع يتسائل الى اين يتجه العراق؟ اذا ما استمر الوضع على ما هو عليه و بقاء القاده السياسييين انفسهم بعد ان تجرى الانتخابات خصوصاً و ان الفشل كان السمة الابرز لهذه الحكومه و لهذا البرلمان.